تسوء الأحوال الإقتصادية في مدينة طرابلس، في وقت يغيب أهل السياسة عن ابتكار أي حل يساعد المدينة وأهلها على تخطّي الظروف الراهنة. وتتوجّه الأنظار إلى بلدية طرابلس، الغائبة هي الأخرى عن إيجاد مشروع إنقاذ أو وضع خطة طوارئ، في وقت تملك فيه البلدية ميزانية ضخمة وعقارات وأراضي شاسعة غير مستثمرة للصالح العام. وبينما تلجأ مناطق عدّة إلى تحفيز الزراعة بكلّ أشكالها، من أجل تأمين شروط الصمود والمقاومة لشتّى الظروف القاهرة، تزداد المناشدات في طرابلس لبلديتها، من أجل العمل على الإستفادة من مساحات متروكة ومهملة عبر الزراعة، وهي كثيرة وموجودة في أكثر من منطقة، لا سيّما في القبّة وأبي سمراء ومناطق مثل الضمّ والفرز وغيرها. كذلك تملك البلدية العديد من الحدائق الموضوعة خارج نطاق الإستفادة، في زمن أصبحت فيه أولويات المواطن تتّجه نحو تأمين لقمة العيش، ولم يعد هناك أي إمكانية جدّية للتفكير بالحدائق أو بالأمور الثانوية بينما الأمور الأساسية في حياته وفي طليعتها خبزه اليومي هي غير مؤمّنة.
ويوضح عضو المجلس البلدي في طرابلس المهندس نور الأيوبي لـ”نداء الوطن” أنّ البلدية “تملك أكثر من 100 الف متر مربّع مخصّصة للحدائق، وتستطيع في هذا السياق تكليف قسم الحدائق والوسطيات تشجيرها والإستفادة منها. فهذه الحدائق متروكة ومهملة ومن دون اهتمام من البلدية؛ أضف إلى أنّ هناك تعدّياً على بعضها وبعلم الرئيس يمق”. ويضيف: “لا يحق للبلدية تحويل ملك بلدي عام لأي جهة خاصة من دون ضوابط واتّباع القوانين المرعية، والرئيس رياض يمق ارتكب مخالفة كبيرة تسبّبت بهدر للمال العام حين أعطى من تلقاء نفسه حديقة عامة في أبي سمراء قبل موافقة المجلس البلدي ووزارة الداخلية. سبق لي أن وجهت اليه كتاباً أستوضحته فيه حول محصول إنتاج شجر الزيتون وزهر الليمون والبلح وكيف يتم القطاف والتوزيع. للأسف الجواب الذي وصلني كان صادماً جداً، ويوضح مدى استهتار الرئيس بمتابعة تلك المسألة، وهي تقدّر بأكثر من 100 مليون ل.ل. ضمن الحدائق فقط، من دون إضافة الأشجار المنتشرة في الساحات والطرق العامة”. ويؤكد أنه “من أصل أكثر من 870 شجرة زيتون معمّرة موجودة ضمن حدائق البلدية وأكثر من 430 شجرة زفير التي تنتج زهر الليمون وأكثر من 120 شجرة بلح، وصلني أنه تمّ قطاف 40 كلغ زيتون فقط وتم توزيعها على دور الأيتام. كيف هذا؟ علماً بأن 870 شجرة زيتون محصولها يزيد عن 5200 كلغ؟!!”.
من جهتها، تقول عضو المجلس البلدي السابق ليلى شحود تيشوري، وهي كانت صاحبة مبادرة في هذا الشأن للإستفادة من هذه المساحات، لـ”نداء الوطن”: “في ظل الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية للأسر الطرابلسية، وما تعانيه المدينة على كافة الصعد، كان لا بدّ لي من طرح بعض الأفكار بغية سدّ جزء من الحاجة في زمن العوز؛ التي تتمحور حول زراعة الغذاء، وتتطلب قرارات استثنائية على مستوى الافراد والسلطات المحلية معاً. وكان من بين هذه الافكار: الإتاحة لمن يرغب من جمعيات ومؤسسات باستثمار اراضي البلدية غير المستعملة في الزراعة والانتاج الزراعي لتشغيل الشباب وايجاد فرص عمل لهم وتوزيع الانتاج على الفقراء، بعد احتساب كلفة الإنتاج، من مواد زراعية واجور العاملين وغيرها؛ وهناك مساحات بلدية شاسعة في مناطق الضمّ والفرز في طرابلس، وهي مخطّطة لتكون لاحقاً حدائق عامة، سواء في المدينة أو المناطق المحيطة بها كأبي سمراء والقبّة وغيرها، وذلك من خلال عقود وبروتوكولات تعاون تحدّد فحوى المشروع ومدّة الإستثمار.
كذلك تتضمّن الخطة قيام البلدية باستبدال أشجار الزينة بأشجار الفواكه المتنوعة، بالإضافة إلى التوعية على ضرورة توجّه المواطنين نحو الزراعة في المباني، من خلال الشرفات والسطوح، كالخضار الورقية وغيرها من المنتجات خفيفة الأوزان، وزراعة الحدائق العامة التي تمّ تأهيلها او استحداثها بالنباتات الغذائية والأشجار المثمرة، وتشجيع كلّ أشكال الزراعة المدنية والعديد من الأفكار المهمّة في هذا المجال”. وتشير شحود تيشوري إلى أنها سلّمت الخطة إلى رئيس البلدية رياض يمق كما سجّلتها بشكل رسمي لدى البلدية، وحتى الآن لم تتبلور الأمور بالنتيجة المتوخاة بالرغم من أهميتها”.