في وقت الغى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زيارته الى بيروت بفعل اصابته بفيروس كورونا، تقدمت المبادرات الداخلية ومنها التي اطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بين بعبدا وبيت الوسط ، بحثا عن مخرج للمأزق الذي تمثل في وضع التشكيلة التي رفعها الرئيس الحريري الى رئيس الجمهورية في عنق زجاجة الشروط والشروط المضادة التي لا يبدو ان الحلول المقترحة بشانها يمكن ان تتحقق باي شكل من الأشكال وخصوصا تلك التي يرغب بها كثر ممن يعتقدون ان المخارج ممكنة وهي في يد اللبنانيين بانتظار الخطوة الي تؤدي الى ذلك.
وعليه، اعتبرت مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” ان تحرك البطريرك الراعي في ظل فقدان الوسطاء المحليين من اولى المؤشرات التي دلت الى حجم فهمه وادراكه لحجم المخاطر المقدرة التي اقتربت من تخطي كل الخطوط الحمر. وذلك على خلفية التطورات السلبية التي اوحت بارتفاع منسوب القلق من تأخر ولادة الحكومة العتيدة. وحجم الازمات المتتالية والمتشابكة على المستويات الاقتصادية والنقدية والمعيشية ما يهدد الأمن الوطني ويعقد الأمور الى درجة يصعب بعدها تدارك مخاطره ونتائجه المرتقبة.
وفي المقابل، كشفت المصادر عينها عند مقاربتها للقاء بكركي الذي اطلق حراك الراعي ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري كان عبّر عن رغبته منذ فترة بالتحرك باتجاهه من اجل اطلاعه باصرار غير مسبوق على ما لديه من معطيات تسببت بالتأخير الحاصل في تشكيل الحكومة. وذلك ردا على ما طاله من مضمون “عظات الاحد” من مناداة مباشرة بضرورة الاسراع بتشكيل حكومة اختصاصيين ومستقلين خالية من الحزبيين كما قالت المبادرة الفرنسية انفاذا للمهمة التي اوكلت اليه.
وتأسيسا على ما تقدم، فقد التقت رغبتا البطريرك والحريري على ضرورة التلاقي لفهم ما يجري. فكانت سلسلة الاتصالات التي اثمرت موعدا للقاء بين مقربين من الطرفين فكان الدور الذي قام به كل من الوزيرين السابقين غطاس خوري وسجعان قزي اللذين التقيا للتفاهم على الترتيبات قيل ايام من اللقاء الذي عقد قي بكركي واختير التوقيت المسائي قصدا تجنبا لزحمة السير وبغية اعطاء الرجلين الوقت الكافي لتبادل المعلومات وما يمكن ان يقومان به كل من موقعه.
مما لا شك فيه وفق معلومات الرجلين، انهما ارتاحا لنتائج اللقاء وما رافقه من مصارحة وضع خلالها الحريري ما لديه من معطيات اعاقت المهمة حتى اليوم فكان وعد الراعي باجراء الاتصالات المناسبة للخروج من المأزق. وكما تعهد فقد تحرك بالسرعة المتوقعة باتجاه القصر الجمهوري للقاء الرئيس عون وهو اللقاء الذي ادى الى تحديد الاجتماع بعد ساعات قليلة مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في بكركي للبحث في الكثير من التفاصيل المتصلة بالازمة الحكومية من الجوانب المختلفة.
وفي التفاصيل وبالرغم من الأجواء الضبابية التي عكسها “بسلبية غامضة” موقف باسيل بعد لقاء بكركي كشفت المعلومات ان لقاء بعبدا سمح للراعي بالاطلاع- بعد وقوفه عند رأي الحريري- عند وجهة النظر الأخرى، مباشرة. وبالرغم من الفوارق التي انطلق منها عون والحريري في شرح الاسباب التي اعاقت مهمة التاليف فقد توصل الراعي في مهمة “لم يجرؤ عليها آخرون” من قبل، الى بعض القواسم المشتركة التي يمكن البناء عليها للتحرك في المستقبل القريب في محاولة قد تكون نادرة من اجل التوصل الى استثمار في ما يجمع من المعطيات سعيا الى اقتراح خطوات يمكن تسويقها لتقريب وجهات النظر بالرغم من الإشارات الواضحة بوجود شروط اخرى تعوق المهمة وان حلها لا يقتصر على التفاهم بين بعبدا وبيت الوسط.
ولفهم ما توصل اليه الراعي فقد كشفت المعلومات التي توفرت لـ “المركزية” ان البطريرك الراعي الذي اطلع الحريري في اتصال هاتفي مطول عصر امس على نتائج اللقاءين مع عون في بعبدا وباسيل في بكركي اوفد من يطلعه على الكثير من التفاصيل والوقوف على رد الحريري عليها فكان لقاء بعيد من الأضواء بين الوزيرين سجعان قزي وغطاس خوري واكب الاتصال الهاتفي بين بكركي وبيت الوسط في مكان ما في بيروت تناولا فيه التفاصيل التي لا يسمح الاتصال الهاتفي بالتداول بها.
وفي هذه الأجواء التي لم ينتج عنها ما يؤدي الى احتمال التوصل الى خطوات عملية في وقت قريب. علمت “المركزية” ان الراعي سيواصل اتصالاته وسيوسع اطارها وربما كانت هناك لقاءات أخرى يجريها موفدون من قبله في وقت قالت مصادر بكركي انها سرت للحراك الذي بداه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في خطوات موازية بعد لقائه الرئيس عون صباح يوم امس الجمعة اطلعه خلاله على نتائج الجولة التي قام بها يوم الخميس والتي شملت كلا من الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري وشخصيات اخرى من اجل التثبت من امكان البحث بافكار متفرقة يمكن ان تؤدي الى صيغة يمكن أن تعيد الحوار المجمد بين بعبدا وبيت الوسط.
وعليه انتهت المصادر لتقول ان كل هذا الحراك سيستمر خلال عطلة نهاية الأسبوع على امل ان يؤدي الى حراك علني مطلع الاسبوع المقبل حيث من المتوقع ان يقوم الحريري بزيارة الى بعبدا ان لم ينعكس موقف باسيل سلبا على نتائج اللقاءات الأخرى. وكل ذلك يجري وسط اعتقاد يدفع الى الامل بأن تكون اي خطوة ايجابية ثمرة للحراك الذي قاده الراعي علنا وما يقوم به اللواء ابراهيم في السر .