هي زيارة بروتوكولية يقوم بها رأس الكنيسة المارونية الى رئاسة الجمهورية قبل عيد الميلاد لتوجيه الدعوة إلى رئيس الجمهورية لحضور القداس الميلادي صبيحة يوم العيد، والذي تسبقه خلوة يتم التطرق خلالها الى الشأن العام.
أما زيارة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي امس الى بعبدا ولقاؤه الرئيس ميشال عون على مدى اكثر من ساعة، فانها كانت زيارة ثنائية الابعاد، فهي دعوة للقداس الميلادي من جهة، والاهم فيها البحث في ملف تأليف الحكومة الذي استحوذ على الحيز الاكبر لا بل على كل دقائق اللقاء.
وأوضح مصدر متابع للقاء عون والراعي لـ”نداء الوطن” ان “البطريرك الماروني وضع رئيس الجمهورية في الجو التفصيلي للقائه مع الرئيس المكلف سعد الحريري مساء الاربعاء الماضي، بعدما وجه الراعي دعوة للحريري لزيارته، وعرض الراعي لعون ما سمعه من الحريري حول موضوع الحكومة، بدوره عمد عون الى وضع الراعي في تفاصيل التفاصيل لما دار بينه وبين الحريري، على مدار اللقاءات الاثني عشر التي عقداها والاقتراحات والافكار والصيغ الحكومية التي تم تداولها بينهما”.
وقال المصدر ان “رئيس الجمهورية اكد للبطريرك الماروني ان هدفه تأليف حكومة منتجة وفاعلة وقادرة على مواجهة التحديات المنتظرة، ليست فقط المحلية انما الخارجية الاقليمية منها والدولية، لان لبنان في قلب جوار مشتعل وتحولات في الموقف العربي او بعضه من قضية الصراع العربي الاسرائيلي، والتي اكثر ما تطال لبنان مباشرة كونه يحتضن عدداً كبيراً من اللاجئين الفلسطينيين، كما ان الاكثر اهمية تأليف حكومة قادرة على اعادة اعمار بيروت وكشف الحقيقة كاملة في انفجار المرفأ وتحمي الحقوق اللبنانية، لا سيما النفطية والغازية في كامل المياه اللبنانية”.
وكشف ان “البطريرك الراعي تمنى على رئيس الجمهورية استمرار التواصل مع الحريري، فأكد له عون ان لا مشكلة في ذلك وفي اي لحظة نلتقي ونستكمل البحث في عملية التأليف، فعرض الراعي استعداده للقيام بأي دور يحتاج اليه الرئيسان عون والحريري، فجدد عون القول ان لا مشكلة في التواصل مع الحريري انما على اسس واضحة وفق ما سبق واتفقنا عليه”.
واشار الى ان “عون أوضح للراعي كل النقاط التي كانت ملتبسة لدى الاخير، كما وضع الراعي عون في جو زيارته الى الفاتيكان ولقائه البابا فرنسيس وانه جدد له الدعوة لزيارة لبنان”.
ولفت مصدر متابع لعملية تأليف الحكومة الى ان “الاتصالات لم تتوقف حكومياً وهناك سعاة خير ينشطون وعلى رأسهم المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي زار امس الاول رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري وزار امس رئيس الجمهورية، كما ان النائب جان عبيد يقوم بمسعى خير بزيارات للقيادات المعنية بملف التأليف، وهو اودع امس رئيس الجمهورية بعض الأفكار والاقتراحات، وقد أصبحت ملكه وفي عهدته، وهو صاحب القرار فيها، كما ان هناك تحريكاً للملف الحكومي من الداخل والخارج على الرغم من تعرّض التحريك الخارجي لانتكاسة، جراء اضطرار الغاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زيارته الى لبنان لاصابته بكورونا”.
وشدد البطريرك الراعي، بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس على “انه لا يمكننا الّا أن نتطلع الى شعبنا الجائع والعاطل عن العمل والفاقد الامل والثقة، لا سيما شعبنا الذي في بيروت وهو يعاني نتيجة انفجار الرابع من آب، ويقف متفرجاً على جراحه، فهذا سبب اساسي لتكون لدينا حكومة”، معتبراً “انه من الضروري ان نصل الى التفاهم النهائي بين الرئيس المكلف وفخامة الرئيس وفقاً للدستور”.
وأكّد انه “لم يلمس على الاطلاق من رئيس الجمهورية انّه متمسك بالثلث المعطّل، خاصة وان هناك اتفاقاً ورأياً عاماً يقومان على وجوب الّا تكون الحكومة سياسية، ولا حزبية، بل مكونة من اختصاصيين، غير مرتبطين بأي حزب”، كاشفاً انه “لا يعرف كافة الأسماء المطروحة وليس من دوري ان أقوم بعملية تقييم لها”، وأشار الى “ان مسألة تقييمهم واسناد الحقائب لكي تكون هناك فعلاً حكومة اختصاصيين وكل واحد في مكانه، تعود الى فخامة الرئيس والرئيس المكلّف”.
ولاحظ الراعي اننا “نعيش في بيئة مشرقية على كف عفريت فهل يمكن للبنان ان يغيب عنها، واذا لم يكن هناك من حلول، فلا يمكن له ان يبقى رابطاً نفسه هنا وهنالك”، مؤكداً “انه لا يمكن للبنان ان يعيش هكذا فيما هو يخسر مؤسساته الواحدة تلو الأخرى، ويعاني من الشلل”.
وإذ دان البطريرك الماروني الحملات الإعلامية التي يتعرض لها رئيس الجمهورية، معرباً عن رفضه لها، قال: “نحن كمواطنين ورجال دين نريد الاحترام للسلطات القائمة، وهذا نابع بحكم تكوين تفكيرنا وتربيتنا وروحانيتنا، فنحن نحترم كل حامل سلطة. واذا ما كان لدي أي امر تجاه حامل سلطة، عليّ ان اصارحه بها. لكن ليس علي ان آتي في الاعلام لأتعرض لكرامة صاحب السلطة، فكيف اذا كان رئيس الجمهورية؟ اذا ما كان لديك أي امر، تفضل وقله له، لكن على الاحترام ان يبقى فوق أي اعتبار”.