بعض المدارس الخاصة لم تتح للأهالي حرية اختيار الطريقة المناسبة لتعليم أبنائهم وسط ظروف «كورونا»، في مخالفة صريحة لتوجيهات وزارة التربية التي منعت إدارات المدارس من إجبار التلامذة على الحضور في حال تواجد وضع صحي معين أو سبب خاص، على أن تشرح الأسباب في كتاب يُرفع إلى الوزارة لاتخاذ القرار المناسب بشأنه.
مديرة الإرشاد والتوجيه، هيلدا خوري، لفتت إلى أن الكتب «بدأت تصلنا فعلاً وتجري دراستها وفق معايير متفق عليها مع نقابة الأطباء، ولا سيما بالنسبة إلى الأمراض التي يتعذّر حضور أصحابها إلى المدرسة. وبالتالي فإن المدارس مطالبة بتوفير البديل عن التعليم الحضوري الذي لا يتعلق بتخصيص أستاذ لكل تلميذ، إنما تأمين التعليم ضمن المسارات المتاحة في المدرسة، ومنها ما يمكن أن يكون ورقياً أو إلكترونياً». وثمة توجه، كما قالت، في وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء للاستعانة بأساتذة أكفاء لتسجيل حصص تزامنية لكل الصفوف والمواد، لمساعدة المدارس الرسمية والخاصة، تضاف إلى موارد رقمية متوفرة على صفحة المركز التربوي، على أن يكون التقييم (الامتحانات) للفصل الأول في غالبيته حضورياً.
لكن، لم يكن هذا حال مدارس (مثل راهبات البزنسون وليسيه عبد القادر ومدرسة القلبين الأقدسين في كل المناطق ومدرسة الديليفرانت في غوسطا والكوليج بروتستانت) رفضت تقديم أي بديل عن التعليم الحضوري الذي اعتمدته خياراً أوحد، وجعلت الأهل يفاضلون بين أمرين لا ثالث لهما: المخاطرة بصحة أولادهم أو خسارة عام دراسي. فيما مدارس أخرى لم تتردد في منع التلامذة من متابعة الدروس عن بعد بسبب عدم تسديد ذويهم لأقساط الفصل الأول، كما فعلت مدرسة الحكمة برازيليا التي شطبت 30 تلميذاً من صفوف «أونلاين». كذلك طردت بعض المدارس المفتشين التربويين الذين زاروها للتأكد من مدى الالتزام بتوجيهات الوزارة.
إحدى الأمهات في مدرسة القلبين الأقدسين في البترون التي يعاني ابنها من مشاكل في التنفّس بدت مقتنعة بأن الإصرار على التعليم الحضوري الكامل «سببه الضغط علينا لدفع القسط كاملاً مع القرطاسية والنثريات الأخرى»، نافية بأن تكون المدرسة أجرت أي استفتاء يخيّر الأهالي بين خدمتَي التعليم الحضوري و «أونلاين» عندما قررت إحضار التلامذة إلى الصفوف حصراً. وقالت إن مراجعة مجموعة من الأهالي لوزارة التربية لم تكن ذات جدوى.
إلا أن مصادر في اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور استبعدت أن تكون الأقساط هي السبب الرئيسي للإصرار على التعليم الحضوري، والأمر ليس مطروحاً قبل تحضير الموازنات التي ترفعها المدارس إلى وزارة التربية في آخر كانون الثاني المقبل، وإن كان الأهل يترقّبون شطب رسوم القرطاسية وخفضاً للأقساط يوازي تقليص المصاريف التشغيلية. بالنسبة إلى الاتحاد هناك عاملان يحكمان مقاربة المدارس لطريقة التعليم: عدم كفاءة البعض في إدارة الموارد الرقمية وتنظيم التعلم عن بعد من جهة، والتنصل من استقدام أساتذة جدد قد تتطلبهم هذه الطريقة الجديدة في التعليم من جهة ثانية، علماً بأن المنهج تقلّص إلى النصف ويفترض أن الوقت بات مريحاً للمعلمين. في الواقع، ما يحصل هو أن المدارس تصرف عدداً وازناً من الأساتذة وترهق الباقين. بحسب المصادر، رفع شكوى إلى وزارة التربية هو السبيل الوحيد لقطع الطريق على أي ابتزاز تقوم به المدارس.
ممثل مدارس المصطفى في اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، محمد سماحة، رأى أن التحدي اليوم هو التقييم (الامتحانات)، إذ هناك صعوبة في إجرائها عن بعد وليس التعليم الذي يفترض أن تؤمنه إدارات المدارس الخاصة بكل وسائل التواصل المتاحة وبما يراعي ظروف الأهل ورغباتهم، والمطلوب التعاون لتجاوز هذه المرحلة الاستثنائية، إذ من غير المسموح أن يكون التلميذ هو الضحية. وأوضح أن تدخل وزارة التربية في الفترة الماضية لمعالجة الشكاوى كان مجدياً في كثير من الأحيان.