بات من المؤكد أن العام الحالي سيطوي صفحته من دون أي انفراجات على اللبنانيين، لا سيما على صعيد تأليف الحكومة التي يُنظر اليها كمدخل لمعالجة الأزمات الاقتصادية والمالية المستفحلة.
حكوميًا، لم يفلح دخول البطريرك الماروني بشارة الراعي على خط الوساطة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في حلحلة العقد المستحكمة، إذ أوكل عون إلى رئيس التيار الوطني جبران باسيل «توضيح» الأسباب الحقيقية التي تعيق تشكيل الحكومة، مع الإشارة إلى أن الراعي كان أقرب الى رؤية الحريري بحكومة تراعي المبادرة الفرنسية مؤلفة من اختصاصين غير حزبيين، ولا تضم الثلث المعطل، في المقابل اصطدم الراعي برؤية باسيل الرافضة لهذه الصيغة، باعتبار أنها تكرس استفراد الحريري ولا تحقق مشاركة رئيس الجمهورية.
التيار الوطني الحر أعاد التأكيد امس على هذه النقطة، مؤكدًا «إن التأخير في عملية تشكيل الحكومة مردُّه، إلى وجود محاولة واضحة لتجاوز الصلاحية الدستورية لرئيس الجمهورية، ونيةٍ للقفز فوق التوازنات وللعودة الى زمن التهميش وقضم الحقوق».
وإزاء التشنج الحكومي، وانعكاساته، يتفاقم قلق اللبنانيين من الأيام المقبلة، خصوصا وأن العام الجديد يبشرهم باقتراب رفع الدعم عن المحروقات والأدوية، مع إبقاء الطحين وحده ضمن السلع المدعومة.
وخلص تقرير أعدّه كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي غربيس ايراديان، إلى أنّ على لبنان تنفيذ إصلاحات كبيرة لتجنّب مصير الدول الفاشلة، مثل فنزويلا، متوقعاً أن يَنكمِش الاقتصاد اللبناني بنسبة 26.5 في المئة، ما سيقلّص الناتج المحلي الإجمالي بمقدار النصف بالدولار. ويذكّر التقرير بالإصلاحات المطلولة وعلى راسها: التدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي، وإقرار قانون الكابيتال كونترول، واستقلالية القضاء، وإصلاح قطاع الكهرباء، وإعادة هيكلة النظام المالي الذي سيشمل إعادة الرَسملة ودمج البنوك. وفي موضوع دعم السلع الأساسية اعتبر التقرير أن واردات السلع المدعومة لا توفّر دعماً فعالاً للفقراء، وهي في المقابل تَستنزِف احتياطيات مصرف لبنان، فدعم المحروقات يفيد أصحاب الدخل المرتفع ويشجّع التهريب الى سوريا.
سيناريوهان للعام 2021 نظراً للتوقعات غير المؤكدة لما بعد العام 2020، يشير التقرير الى سيناريوهين محتملين: الأول متفائل ويفترض أن يتمّ تأليف حكومة جديدة من خبراء مستقلّين تبدأ في تنفيذ الإصلاحات، وتتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، بما يفتح الباب أمام للمساعدات المالية الخارجية الملحّة. أمّا السيناريو المتشائِم فيفترض استمرار الوضع الراهن بما في ذلك الشَلل السياسي المستمر في غياب أي إصلاحات حقيقية وتمويل خارجي. وفي ظل هذا السيناريو، سينكمش الاقتصاد اللبناني بشكل أكبر، وسينخفض سعر الصرف الموازي أكثر، وسيبقى معدل التضخم فوق 100 بالمئة، وستنضب الاحتياطيات الرسمية، ويتم استخدام معظم الاحتياطي الالزامي للمصارف لدى مصرف لبنان.