كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
إستقطَبت زيارة السفيرة الأميركية دوروثي شيا الى النائب العميد شامل روكز الاهتمام، وفتحت الشهية على تفسيرات وتكهنات عدة، لا سيما انّ الاجتماع بينهما تمّ في منزل روكز في اللقلوق على بعد مسافة قصيرة من منزل رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
بهذا المعنى، فإنّ المقارنة تفرض نفسها: من جهة تُعاقب واشنطن صهر رئيس الجمهورية جبران باسيل، ومن جهة أخرى تنفتح عبر سفيرتها على الصهر الثاني «المَغضوب عليه» شامل روكز. ومع ذلك فإنّ العميد يرفض المبالغة في الاستنتاجات، ويضع لقاءه الأول من نوعه مع السفيرة الأميركية شيا في سياق طبيعي.
ويقول روكز لـ«الجمهورية» انّ زيارة شيا الى منزله هي استطلاعية، وقد تمّت خلالها مناقشة الأوضاع السائدة في لبنان، موضحاً انها «طرحت أسئلة حول بعض المسائل المطروحة واستفسرت عن مقاربتي لها، وأنا من ناحيتي شرحتُ رأيي وموقفي».
ويشير الى انه يلتقي من حين الى آخر سفراء في اللقلوق، «لكنّ الإجراءات الامنية اللافتة التي رافقت زيارة السفيرة الأميركية أدّت الى انتشار الخبر واتخاذه بُعداً يفوق حجمه الأساسي».
ويؤكد روكز انّ الزيارة عادية وطبيعية ولا تتحمّل اجتهادات وتأويلات من النوع الذي ذهبَ اليه البعض، ساخراً من نظرية المؤامرة التي يروّج لها البعض، ومشدداً على أنّ «تاريخي معروف وثوابتي الوطنية صلبة، وانطلاقاً من هذه القاعدة ألتقي الجميع من دون عُقَد، فأنا لستُ فاسداً ولا مُرتكِباً، وليست لديّ مشكلة في ان أناقش أياً كان في أي أمر».
ويشير الى انّ الولايات المتحدة دولة عظمى وصاحبة موقع دولي مؤثر، «وأنا أتعاطى بواقعية مع الدور الاميركي بعيداً من اي عداوة او ارتباطات».
ويوضح انّ السفيرة سألته عن الإطار السياسي والاصلاحي الذي أطلقه «لبنان وطني»، وأنه شرح لها أهدافه وطبيعته.
ويوضِح انّ لقاء «لبنان وطني» يضمّ «أكاديميين واختصاصيين وضباط متقاعدين، وليس في صفوفه سياسيين تقليديين من هذه الطبقة التي أوصَلتنا إلى هذا الانهيار، وهو ليس موجّهاً ضد أحد تحديداً، بل ضد كل المنظومة الفاسدة والفاشلة».
ويلفت الى أنه جرى عقد خلوة للمُنخرطين في هذا اللقاء، تمهيداً لتنظيم مؤتمر عام خلال شهرين سيناقش نحو 20 بنداً تتصِل بمسائل دستورية وسياسية واقتصادية وإصلاحية، مشدداً على أنّ الهدف من «لبنان وطني» أن يقدّم بَدائل وأجوبة في مواجهة المأزق المُستفحِل، وأن يُحاكي اهتمامات اللبنانيين وطموحاتهم عبر طروحات واضحة وعملية، «حتى لا نكون مجرد معارضة للمعارضة».
ويلاحِظ روكز انّ ملفات الفساد تفتح غب الطلب، «بحيث يجري تجميدها او تحريكها وفق الحاجة السياسية»، محذّراً من أنها «تخضع الى المقايضات والمساومات، وتُستخدم في الحسابات والاجندات السياسية»، ومتسائلاً: «أليس مُستغرباً ان لا يصل أي ملف الى خواتيمه؟»
ويلفت الى انّ ملفات الفساد مُزمنة ومتراكمة «ولكن السؤال المطروح: لماذا تُفتح فجأة وتُغلق فجأة، ولماذا تحركت الآن وليس أمس أو غداً؟». ويتابع: «التفسير الوحيد للتوقيت الاستنسابي هو انّ تلك الملفات تُستعمل للمقايضة السياسية لا أكثر ولا أقل».
ويُعرِب عن أسفه لكَون معظم القضاء بوضعه الحالي ليس موضع ثقة، «إذ إنّ القَيّمين على المراكز الاساسية فيه، كالنيايات العامة وقضاة التحقيق ورؤساء المحاكم، يُعيّنون وفق معايير طائفية وسياسية، ولذلك فإنّ مَن يَملأون هذه المواقع هم مكبّلون، ويسايرون المراجع التي عَيّنتهم في مراكزهم».
ويعتبر انّ الملف الوهمي الذي فُتح ضد زوجته السيدة كلودين عون يَندرِج في هذا السياق المريب والمشبوه، «وأنا أعرف بالاسم من حَرّض عليها، ولكن سنترك للقضاء أن يكشف كل ملابسات هذه القضية، وكلودين رفعت دعوى في هذا الصدد، ونأمل في كشف الحقيقة وعدم تَمييعها». ويتابع مبتسماً: «ربما الآن هناك من يحضّر ملفاً ضدي».
ويُبدي روكز غضبه حيال التأخير المعيب في تشكيل الحكومة، من دون أن يأخذ أصحاب الشأن في الحسبان معاناة اللبنانيين الذين يعانون أخطر أزمة اقتصادية. ويضيف: «أيّ جدوى للثلث المعطّل ما دام انّ أيّ مكوَن يستطيع التعطيل متى أراد بفِعل التوازنات الداخلية المرهفة؟ وماذا بقيَ من الوزارات حتى يتنازَعوا عليها ما دام انّ أكبر وزارة لم تعد تجد فيها فرنكَين؟ إنهم يتنازعون على أشلاء الدولة فيما هموم الناس في مكان آخر».
وينبّه روكز الى انه «اذا لم تُشكّل في أقرب وقت حكومة مقبولة يمكن أن يكون لديها أمل في أن تحظى بثقة المجتمع الدولي، فإننا نتّجه نحو مصيبة أعظم من تلك التي نواجهها حالياً وسنكون أمام خطر حدوث انهيار اجتماعي كامل، من شأنه أن يتسبّب في انفجار كبير لن «يَزمط» منه أحد هذه المرة».
ويُعرب عن خشيته من وجود أسباب خارجية لعرقلة تأليف الحكومة، في اعتبار انّ لبنان يُستخدم ورقة على طاولة التسويات او النزاعات الاقليمية والدولية، «إلّا انّ ذلك لا يُعفي رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف من تَبِعات ما يحصل بسبب الاصرار على التَلهّي في تفاصيل سلطوية صغيرة، بينما الوضع المنهار والمتدحرج من سيئ الى أسوأ لم يَعد يتحمّل الانتظار»، معتبراً انّ التعقيدات الحكومية هي «أكبر من الظاهر في العلن، وأصغَر من المسؤولية التي يفترض ان يتحلى بها المسؤولون».
ويستغرب كيف أنّ «البعض يبرّر سلوكه بالدفاع عن حقوق طائفته، بينما أصبحت كل الطوائف في مهبّ الريح تحت وطأة الانهيار!!»