خرج البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عن صمته في عظة الأحد، فأكد أن تحركه الحكومي الذي ملأ الفضاء السياسي في الأيام الأخيرة مبادرة شخصية تهدف إلى تحريك العجلة الحكومية، مع العلم أنه حرص على الاستماع إلى وجهات نظر جميع المعنيين في الملف، من رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الرئيس المكلف سعد الحريري إلى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وأمين سر تكتل لبنان القوي النائب ابراهيم كنعان. في الشكل، بدا الراعي حريصا على تأكيد وقوفه على مسافة واحدة من الجميع. إلا أن تحركه، في المضمون، حمل رسائل كثيرة إلى التيار الوطني الحر تحديدا، وهو الثابت على موقفه لجهة تشكيل الحكومة سريعا، على ألا تفتقر هذه الخطوة إلى المعايير الموحدة، ولا تتم على حساب التمثيل الشعبي للتيار البرتقالي.
وفي السياق، لفتت مصادر سياسية مراقبة، عبر “المركزية”، إلى أن لقاء الراعي والرئيس المكلّف مساء الأربعاء الفائت معطوفا على كلامه عقب لقائه عون عكس تقاربا بين بكركي وبيت الوسط، خصوصا في ما يتعلق بالثلث المعطل، وضرورة تأليف حكومة اختصاصيين، على حساب موقف الثنائي بعبدا- التيار الوطني الحر. وأشارت إلى أن على هامش التحرك البطريركي، انفجر سجال من العيار الثقيل بين التيارين الأزرق والبرتقالي، وهو ما استوجب لقاء عون – الحريري غدًا.
على أن أهم ما في السجال المضي في تحميل العهد وأركانه مسؤولية التعطيل والفرملة الراهنين، مع العلم أن أجواء سياسية ضخت في وسائل الاعلام تفيد بأن الفريق الرئاسي وافق على التخلي عن الثلث المعطل مقابل الحصول على الوزارات الأمنية الدسمة، بما فيها حقيبة العدل.
غير أن مصادر التيار الوطني الحر لا تتبنى وجهة النظر هذه وتؤكد لـ”المركزية” أن التيار لا يزال عند موقفه الداعي إلى تأليف حكومة اليوم قبل الغد لأن البلاد لا تحتمل ترف التأجيل والمماطلة، مشددة على ضرورة أن يتحمل الطرف الأساسي في الملف مسؤوليته في هذا المجال، في ما يمكن اعتباره سهما في اتجاه الرئيس المكلف.
وتشدد المصادر على رفض الاتهامات التي تكال للتيار بتعطيل مسار تأليف الحكومة العتيدة، خصوصا أن أحدا لم يتحدث مع الوزير السابق جبران باسيل، منذ تكليف الرئيس الحريري قبل شهرين، مع العلم أن الأخير أكد منذ انطلاق المسار أنه يريد التعاطي مع الرئيس عون حصرا، “ولنا ملء الثقة برئيس الجمهورية”.
على أن ترك هامش الحرية هذا للحريري في انتظار نتائج المسعى البطريركي ولقاء بعبدا المرتقب غدا لا يعني أن التيار على استعداد لتبديل موقفه الحكومي المعروف، خصوصا لجهة المعايير ووحدتها. “نحن نريد أن تحترم معايير موحدة في التأليف لنعرف كيف نتعامل مع الحكومة، ونريد أن تكون لنا كلمتنا في هذا المجال، فنحن كتلة من 27 نائبا”، على ما تؤكده المصادر، موضحة أن هذا لا يعني أن التيار قرر المشاركة في الحكومة. كل ما في الأمر أنه لا يمكن أن يقبل بتشكيل حكومة على حساب تمثيله الشعبي.