لم يعوّل العارفون في لبنان كثيراً على أن يكون اللقاء المفترض اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، بمثابة خاتمةِ مسارٍ شائكٍ لمحاولة استيلاد حكومةٍ جديدة مازالت، منذ نحو أربعة أشهر، أسيرةَ «حقل التجارب» الداخلي القديم – الجديد المفتوحِ على حقل التجاذب الكبير في المنطقة التي تمرّ بأخطر منعطفاتها في الأسابيع الأربعة المقبلة.
وترى أوساطٌ مطلعة أن اللقاء الذي يأتي بعد انقطاعٍ لنحو أسبوعين، سيكون واقعياً تحت عباءة المسعى الذي أطلقتْه البطريركية المارونية للدفْع نحو الإفراج عن الحكومة التي ينتظرها الداخل كما الخارج، والتي باتت تُسابِق المؤشرات المخيفة اجتماعياً ومعيشياً الناجمة عن الانهيار المالي – الاقتصادي.
وانطلاقاً من هنا، تستبعد الأوساطُ أن يحمل الاجتماع ما هو أبعد من النتيجة الشكلية وتكريس «وقف إطلاق النار» السياسي الذي ساد ابتداءً من الأحد على جبهة فريقيْ عون – الحريري اللذين سيأتيان اليوم من مسافةٍ متباعدة لا شيء يوحي بأن مسعى الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تمكّن في ردْمها، بل على العكس جاءت «معركة البيانات» على خط «التيار الوطني الحر» – «تيار المستقبل» لتعرّي الخلفيات غير الخفيّة للشقّ المحلي من الأزمة الحكومية والذي يستفيد في تأجُّجه من قرارٍ ضمني إقليمي بعدم فصْل الواقع اللبناني عن لعبة «الأواني المستطرقة» وضرورات رفْع التأهب، بمندرجات مختلفة، في كل ساحات الأوعية المتصلة ملاقاةً لمرحلة ما بعد دونالد ترامب أميركياً.
وفي موازاة ترقُّب لقاء اليوم، وسط أجواء بدأت تطرح علامات استفهام حول إذا كان فريق رئيس الجمهورية يعمل على إحراج الرئيس المكلف لإخراجه عبر تيئيسه من «ماتريوشكا» التعقيدات، انشغلت بيروت أمس بتطوريْن:
* الأول مضيّ البرلمان بـ «تشريع الضرورة» في ظلّ حكومة تصريف الأعمال حيث عقد جلسة عامةٍ أقرّت سلسلة قوانين بينها المتّصل برفْع السرية المصرفية لمدة سنة عن كل مَن تعاطى في الشأن العام في مصرف لبنان والوزارات والإدارات العامة لمدة سنة وربْطه بالتدقيق الجنائي، الأمر الذي يُنتظر كيف سيُترجم، وتأثيراته على هذا التدقيق الذي كان مقرراً أن تقوم به (في حسابات «المركزي») «شركة ألفاريز ومارسال» قبل أن تنسحب الشهر الماضي لعدم تسلّمها من «المركزي» المستندات الكاملة المطلوبة بحجة قانون السرية المصرفي.
وسارع عون لإبداء تقديره لخطوة البرلمان، معتبراً «أن تجاوب المجلس مع الرسالة التي كان وجّهها إليه في 24 نوفمبر الماضي تَرجَمَ رغبة الرئيس في أن يوضع ملف مكافحة الفساد موضع التنفيذ»، متمنياً «أن يأخذ التدقيق الجنائي، بعد رفع السرية المصرفية، طريقه الى التطبيق».
* والثاني أمني تمثل في جريمة مروّعة ارتُكبت صباح أمس بحق المواطن جوزف بجاني في منطقة الكحالة، حين باغته مسلّحان بينما كان داخل سيارته أمام منزله وأطلقا عليه النار في الرأس والقلب وأخذا هاتفه الخلوي وكاميرا تصوير يملكها.
وفيما لم تتوافر معلومات عن ملابسات عملية «التصفية» التي وثّقتها كاميرات مراقبة باستثناء ما كُشف عن أن المغدور (36 عاماً وأب لابنتين كان يستعدّ ليقلّهما إلى المدرسة قبل قتْله) كان موظفاً في شركة اتصالات ويعمل في مجال التصوير وسط تداول مواقع التواصل أنه كان مصوّراً متطوّعاً لدى الجيش، برز ما أوردته قناة «الحدث» نقلاً عن مصادر من أن «بجاني اغتيل، وكان وثّق أدلة مع محققين أميركيين وفرنسيين حول انفجار (مرفأ) بيروت».
وكان الشهر الماضي شهد جريمةً مروعة ثانية في قرطبا مازالت خلفياتها غامضة حين جرى قتْل العقيد المتقاعد في الجمارك منير أبورجيلي أثناء نومه في منزله، وسط علامات استفهام حول إذا كان ما حصل جريمة أو «اغتيالاً» في ظل التقارير التي أشارت إلى أن بورجيلي كان شغل منصب رئيس مكافحة التهريب في مرفأ بيروت وأنه كان على صلة بالعقيد المتقاعد جوزف سكاف الذي قُتل بدوره في ظروف غامضة قبل نحو ثلاثة أعوام.
https://www.alraimedia.com/article/1513444/خارجيات/لقاء-كسر-جليد-بين-عون—الحريري-اليوم