Site icon IMLebanon

باسيل يواجه انتفاضة داخلية تهدد طموحاته السياسية

كتبت صحيفة “العرب اللندنية”:

يواجه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تزايد عدد المعارضين له من داخل بيته السياسي، مع سعي منشقين عن التيار إلى تشكيل جبهة تتصدى لسياساته التي اختزلت حزبا له قاعدته الشعبية العريضة في الأوساط المسيحية اللبنانية في شخصه.

وتقول دوائر سياسية إن حالة التململ داخل التيار من باسيل ليست وليدة التطورات التي جرت في الأشهر الأخيرة ومنها إدراجه على لائحة العقوبات الأميركية بموجب قانون “ماغنيتسكي”، على خلفية اتهامات له بالفساد واستغلال علاقته بحزب الله لزيادة نفوذه.

وتشير الدوائر إلى أن التحفظات على باسيل تعود إلى فترة صعوده على رأس التيار في العام 2015، حيث أثارت طريقة اختياره التي جرت بالتزكية احتقان قيادات وكوادر داخل الحزب التي أعلنت رفضها لمنطق التوريث بحكم أن باسيل هو صهر الرئيس ومؤسس التيار ميشال عون، فيما أن هناك شخصيات قيادية أحق منه بالمنصب.

وقد نجح حينها باسيل في مواجهة موجة الرفض له، وإخضاع المعارضين الذين بدت قدرتهم على التصدي له ضعيفة لاسيما وأنه يحظى بدعم مطلق من عون.

ومع تسلم عون رئاسة الجمهورية في لبنان في العام 2016 بعد صفقة جرت بينه وبين حزب الله وتيار المستقبل استشعر التيار الوطني الحر نوعا من القوة، وتعززت الثقة في باسيل الذي نجح في تحقيق إنجازات كفرض التيار الذي تشكل في العام 2006 رقما صعبا في أي معادلة حكومية، خصوصا بعد أن حقق الحزب الماروني نتائج بارزة في الانتخابات النيابية في العام 2018.

وتقول الدوائر إنه مع بلوغ عهد عون عامه الثالث دون تحقيق الوعود التي كان أطلقها قبل صعوده، لاسيما على مستوى محاربة الفساد، والإقطاعيات السياسية والطائفية، بدا بريق التيار يخفت والثقة به كحزب السلطة تهتز حتى لدى قواعده الشعبية.

وبات الجميع حتى أولئك الذين كانوا من أشد الموالين للعهد يختفون من المشهد خصوصا بعد أن بلغت الأزمة المالية في البلاد مستويات خطيرة في أواخر العام 2019، فيما كان سلوك باسيل محل غضب متزايد حيث بدا جل تركيزه على خوض حروب تارة مع الحليف وطورا مع الخصم، هاجسه التمهيد لطريق بعبدا.

وترى الدوائر السياسية أنه مع قرار الولايات المتحدة في تشرين الثاني الماضي فرض عقوبات على باسيل بات الشق المناوئ له والمنكمش عن ذاته يطل برأسه هامسا إلى ثورة لاستعادة مشروع التيار الوطني الحر الذي يقول إنه تم اختطافه.

وتقدم مؤخرا مسؤول العلاقات الدبلوماسية في التيار الوطني الحر، ميشال دي شادارفيان باستقالته من منصبه، مهاجما ما أسماه بـ“التناقضات والشطحات والحسابات الخاصة والشخصية المغايرة مع كل المبادئ التي أرساها العماد ميشال عون”.

وقال دي شادارفيان في بيانه “لما كانت مسؤوليتي النضالية في التيار الوطني الحر، كمسؤول عن العلاقات الدبلوماسية، تقتضي التفاعل مع كل البعثات الدبلوماسية المعتمدة في لبنان، من أجل توضيح مبادئ التيار وأهدافه والدفاع عنها والمساهمة في السعي إلى تحقيقها.. وبعدما أصبحت هذه المهمة شبه مستحيلة، في ظل التناقضات والشطحات والحسابات الخاصة والشخصية، المغايرة مع كل المبادئ التي أرساها العماد عون، ولما تحوّل هذا الواقع إلى موضوع انتقاد دائم لسياسات التيار الوطني الحر، من قبل جميع أعضاء السلك الدبلوماسي الموجود في لبنان، بما يجعل من مسؤوليتي مهمة عبثية، وانسجاما مع ضميري ومبادئي الوطنية والعونية الحرة، أرى من واجبي أن أستقيل من المهمة التي تحملتها منذ 30 عاما أي من عام 1990 بشكل غير رسمي، ومنذ 2005 بشكل رسمي، كمسؤول عن العلاقات الدبلوماسية في التيار الوطني الحر، وأتمنى لمن سيستلم هذا المنصب من بعدي كل التوفيق في هذه المهمة الصعبة”.

التحفظات على باسيل تعود إلى فترة صعوده على رأس التيار في العام 2015، حيث أثارت طريقة اختياره التي جرت بالتزكية احتقان قيادات وكوادر داخل الحزب.

وكانت القيادة الحالية استبقت استقالة القيادي بالترويج لدوره في فرض الولايات المتحدة عقوبات على باسيل، متهمة إياه بالخيانة. ومن المرجح أن ينضم دي شادارفيان إلى الجبهة التي قيد التشكل وتضم قيادات وكوادر استقالت في وقت سابق من الحزب، لبناء مشروع جديد يقوم على المبادئ التي قام عليها التيار قبل أن ينسفها باسيل.

ويقول مراقبون إن باسيل لم يعد يهدد فقط إرث التيار الوطني الحر ومنجزاته كحزب بل وإرث عون الذي تشوه كثيرا، وباتت الصورة التي كان حرص الأخير على تسويقها مجروحة لدى المواطن اللبناني بشكل عام والمسيحي بشكل خاص.