كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يواظب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على السير بخطواته من أجل ردم الهوة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري وذلك لتعبيد طريق الحكومة المنتظرة.
لا ترى بكركي أن عامل الوقت يلعب لصالح البلد، خصوصاً أن الدول الكبرى تنظر بعين الريبة إلى تطورات الأوضاع اللبنانية وهي تتوقّع مزيداً من الإنهيارات المتتالية، لذلك نسّق الراعي تحركاته جيداً مع الفرنسيين لعله يحدث خرقاً في جدار الأزمة الحكومية.
ولا يبدو حتى الساعة أن الراعي وصل إلى درجة اليأس رغم أن الحذر ما زال يسيطر على سيّد الصرح، لكنه يراهن على صحوة ضمير ولو متأخرة عند الحكّام تنقذ ما تبقى من أساسات الدولة.
وتؤكّد مصادر كنسية لـ”نداء الوطن” أن أول نجاح حققه الراعي هو إخراج مسألة التأليف من عنق الكباش الطائفي والمذهبي وتحويلها إلى معركة صلاحيات مسيحية – سنية وأعادها إلى وضعيتها التي يطالب بها الشعب وهي حكومة تبدأ مسار معالجة الوضع الإقتصادي. أما النجاح الثاني فهو إعادة تصويب بوصلة التأليف وإخراجه من منطق تناتش الحصص حيث كان كل فريق يتعامل مع الحكومة على قاعدة “كم مقعد أحصل عليه”، بينما الحقيقة أن هذا المنطق لا يتطابق مع روحية المبادرة الفرنسية ومتطلبات الدول الكبرى لكي تساعد لبنان. ويراهن الراعي على ما قد يحصل في الساعات المقبلة بعد لقاء عون والحريري خصوصاً أنه إلتقى كل طرف على حدة ولمس من كل منهما تجاوباً ينتظره سيّد الصرح لكي يتحوّل إلى أمر واقع تنتج عنه ولادة حكومية سريعة.
وحتى الساعة، وعلى رغم أجواء التفاؤل إلا أن احداً لا يتوقّع ولادة الحكومة قبل السنة الجديدة لأن العقبات لا تزال كثيرة، وحلحلة العقد تحتاج مزيداً من الوقت، إلا إذا أتت كلمة السرّ الخارجية من أجل تسهيل التأليف وعدم إبقاء البلاد وقتاً اطول بلا حكومة. وإذا كانت أمنيات بكركي تتمحور حول وصول مساعيها إلى المكان الصحيح وتُعبّد الطريق أمام الحلّ الحكومي، إلا أنها قد تنتقل إلى التصعيد في المرحلة المقبلة في حال واصل القيمون على الوضع الحكومي العرقلة، عندها سيسمي الراعي الأمور بأسمائها ويكشف المعرقل الحقيقي نتيجةً لمساعيه لأنه كوّن صورة واضحة عن هذا الملف. ولا يُحبّذ الراعي في الوقت الراهن التصعيد لأنه لا يزال يرى أن هناك بصيص أمل، لكن استمرار الأمور على هذا المنوال يعني مزيداً من إستنزاف مقدرات البلد ودفع الناس نحو الجوع والموت البطيء.
ويعمل الراعي بشكل مكثّف ليس على خط عون والحريري فحسب بل أيضاً لأن تنال الحكومة في حال نجح التأليف رضىً مسيحياً من القوى الفاعلة، لذلك بادر أيضاً باتجاه رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل واستمع إليه ودعاه إلى عدم العرقلة لأن المعركة الآن ليست معركة تسجيل أهداف بل العمل من أجل إبعاد شبح الإنهيار.
يُصر الراعي على أن يتحمل كل فريق مسؤولياته، وستشهد بكركي في الساعات المقبلة تكثيفاً للاتصالات واللقاءات، والتي ستتوج أيضاً في قمة تجمع الراعي بالرئيس عون خلال قداس الميلاد والتي ستكون حاسمة في معرفة اتجاه الامور.