رأى الخبير الدستوري والقانوني د ..سعيد مالك، ان المحقق العدلي فادي صوان استند في ادعائه على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب و3 وزراء سابقين، إلى المادة 70 من الدستور، التي تنص صراحة على ان لمجلس النواب ان يتهم رؤساء الحكومات والوزراء، بارتكابهم الخيانة العظمى والإخلال بالواجبات الوظيفية، على ألا يصدر قرار الاتهام إلا بغالبية الثلثين، فالمحقق العدلي ارتأى هنا ان الجرائم المنسوبة إلى الرئيس دياب والوزراء المعنيين، تتخطى كونها إخلالا بالواجبات الوظيفية، فتصبح بالتالي من اختصاص القضاء العادي، وليس القضاء الاستثنائي، اي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وأردف مالك في تصريح لـ «الأنباء»: «المحقق العدلي اعتبر ان الجرائم المسندة الى رئيس الحكومة والوزراء، تتمحور حول إهمال وتقصير وعدم احتراز والتسبب بوفاة والتسبب بإيذاء جسدي وضرر مادي، ووجود قصد احتمالي ضمن إطار جريمة منظمة ومركبة، ابتداء من إدخال مادة نيترات الأمونيوم، مرورا بتخزينها، وصولا إلى تفجيرها او انفجارها، مما يفيد بأن المحقق العدلي ذهب أبعد من موضوع احتمال وجود تقصير وإهمال وإخلال بالوظيفة، الى احتمال وجود قصد جرمي يعاقب عليه القانون كجناية وليس كجنحة.
وردا على سؤال، أكد مالك ان امتناع رئيس الحكومة والوزراء السابقين المعنيين عن المثول أمام القضاء، يعتبر تقويضا لعمل القضاء، وإجحافا ضمن إطار الاستحصال على الحقيقة وإحقاق العدالة، فمن الناحية القانونية واستنادا إلى المادة 363 أصول محاكمات جزائية، يطبق المحقق العدلي الأصول المتبعة أمام قاضي التحقيق، الذي من الناحية القانونية، وفي حال عدم حضور المدعى عليه الى دائرته او حضور وكيل يمثله، أو إغفال تقديمه معذرة، يحق له إما إعادة دعوته، وإما إصدار مذكرة جلب بحقه عملا بأحكام المادة 106 أصول محاكمات جزائية، وصولا الى إصدار مذكرة توقيف غيابية وفقا لأحكام المادة 107، ويمكن للمحقق العدلي حتى إعمال نص المادة 84 أصول محاكمات جزائية والتي تنص على انه لا يجوز لقاضي التحقيق إنهاء التحقيق إلا إذا استجوب المدعى عليه، ما لم يقدر أن ما تجمع لديه من أدلة تكفي لمنع المحاكمة، الأمر الذي يفيد بأن المحقق العدلي صوان، سيستمر بالتحقيقات وصولا الى الكشف عن الحقيقة وإعلاء صوت العدالة، لكن المستغرب انه كان يقتضي على صوان الاستماع الى مدير عام جهاز أمن الدولة اللواء صليبا، وإجراء مواجهة بينه وبين الرائد نداف، من اجل جلاء بعض التفاصيل والإفادات المتناقضة، إلا اننا فوجئنا برفع صوان يده عن الملف، بانتظار البت بموضوع نقل الدعوى للارتياب المشروع، علما ان المادة 340 أصول محاكمات جزائية وتحديدا في الفقرة الأخيرة منها، تنص على ان تقديم الاستدعاء، لا يوقف السير في الدعوى، إلا إذا قررت محكمة التمييز خلاف ذلك، علما ان محكمة التمييز لم تتخذ حتى تاريخه اي قرار برفع يد صوان عن القضية، فكان يقتضي على القاضي صوان الاستمرار في عمله وإجراء المواجهة بين صليبا ونداف.
وعن موقف نائب رئيس مجلس النواب الذي اعتبر فيه، ان ما قام به صوان مجرد سهو، قال مالك: «للأسف هناك كباش مستحكم بين الطبقة السياسية من جهة والقضاء من جهة ثانية، واليوم علينا أولا النظر الى دماء الأبرياء ودموع الأمهات الثكالى قبل النظر الى قانونية ودستورية اي إجراء وتصرف وتدبير، فمجلس النواب يحاول جاهدا الالتفاف على التحقيق العدلي، من أجل العمل على إخماده وخنقه في المهد، هذا أمر لا يجوز ولا يستقيم، وارى ان الكتاب الذي وجهه القاضي صوان الى مجلس النواب، ليس إقرارا بأن ملف التحقيق بات من صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، انما تنبيه وإشعار بأن هناك بعض الجرائم منسوب لها طابع الإخلال بالواجبات الوظيفية، لكنها ليست كل الجرائم، فالجرائم الأخرى كان القاضي صوان سيتابعها أولا بأول».