أقل من شهر ويغادر الرئيس الاميركي دونالد ترمب البيت الابيض نهائياً ويُسلّم مفاتيحه للرئيس المُنتخب جو بايدن. ليبقى السؤال الاساسي الذي تنتظر جوابه معظم دول العالم: هل يفعلها ترمب قبل ان يغادر؟ هل سيوجّه ضربة عسكرية ضد ايران بالاستناد الى جملة مؤشرات منها ارسال طائرة B-52 ذات المواصفات العسكرية الخارقة الى المنطقة ثم الغوّاصة النووية USS Virginia إلى مياه الخليج العربي؟
ولبنان الذي تم زجّه في الصراع الاميركي-الايراني هو جزء اساسي من هذا السؤال، باعتبار ان حزب الله الذي يُعدّ احد ابرز الاذرع العسكرية الايرانية في المنطقة لن يبقى متفرّجاً على ضرب “عرّابته”، وبالتالي فان الولايات المتحدة ومعها حلفاءها الخليجيين والغربيين سيعتبرون لبنان “بنك اهداف” ايراني.
ومهما كانت السيناريوهات العسكرية المتوقّعة حتى 20 كانون الثاني المقبل، فان الاستراتيجية الاميركية السياسية تجاه لبنان لن تتبدّل مع تغيير هوية ساكن المكتب البيضاوي، وان مسار العقوبات على شخصيات وكيانات قدّمت الدعم لـ”حزب الله” المُصنّف تنظيماً ارهابياً بإجماع من الحزبين الديموقراطي والجمهوري لن تتوقّف.
وفي الاطار، اوضحت اوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية” “ان المطالب والشروط الاميركية تجاه لبنان لا تزال اياها، وتحديداً منذ استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري بعد انطلاق ثورة 17 تشرين تحت عنوان “كلن يعني كلن” والمطالبة بمحاسبة الفاسدين”.
فمنذ انطلاق الانتفاضة الشعبية ومسارعة واشنطن الى تأييد مطالبها، داعيةً الى حماية حق المتظاهرين بالتعبير عن رأيهم، وضعت الولايات المتحدة سلّة شروط ومطالب تصل الى حدّ “القيود” لمساعدة لبنان في تخطّي الازمة الاقتصادية والمعيشية غير المسبوقة التي يعاني منها.
ومن بين هذه الشروط بحسب الاوساط “تشكيل حكومة مصغّرة من 18 وزيراً من اختصاصيين مستقلّين تقود عملية تنفيذ الاصلاحات المطلوبة التي تأخّر لبنان على السير بها، فضلاً عن انشاء جهاز لمكافحة الفساد ومحاسبة المسؤولين الذين اهدروا المال العام واوصلوا البلد الى حدّ الافلاس فبات في نظر المجتمع الدولي “دولة فاشلة”.
ومن بين المطالب الاميركية التي تُجمع عليها الادارتان الجمهورية والديموقراطية، اجراء انتخابات نيابية مبكرة على اساس قانون جديد، لان الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود اثبتت فشلها في إدارة البلد”.
ولعل الابرز في سلّة المطالب الاميركية، انجاز ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية مع اسرائيل ووزير الخارجية مايك بومبيو اعلن امس استعداد واشنطن للوساطة من اجل إستئناف المفاوضات المتوقّفة منذ اسابيع، ودعم القوى المسلّحة والامنية من اجل تعزيز بسط سلطة الدولة على كامل الاراضي وانهاء حالات المربّعات الامنية الخارجية عن سلطة الدولة مثل الضاحية الجنوبية معقل حزب الله وغيرها بالاضافة الى تطبيق القرارات الدولية 1559و1680و1701 لحصرية السلاح بيد الشرعية، وبالتالي تعزيز دورالدولة وتطبيق كامل للقانون في المرافق (المطار والمرفأ) والمعابر مع سوريا لوقف التهريب.
وعليه، اكدت الاوساط الدبلوماسية الغربية “ان الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة لبنان اذا التزم تنفيذ هذه الشروط والمطالب التي باتت الف باء مطالب دول عربية وغربية، وهي ستعمل على حثّ الدول المانحة على تنفيذ مقررات “سيدر” ومساعدة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على ضخّ سيولة بالدولار لانقاذ الوضع الاقتصادي والمالي”.
وختمت بالتساؤل “مهما كانت هوية رئيس الحكومة المُنتظر. هل سيلتزم تنفيذ هذه المطالب، لان القاصي والداني يعلم ان مفتاح الحلّ للأزمة اللبنانية موجود لدى الاميركيين، فتحصل حكومته على دعم واشنطن تماماً كما يحصل مع رئيس حكومة العراق مصطفى الكاظمي اليوم، الذي اصبح بمثابة “رجل الولايات المتحدة” في العراق”؟