كتبت صحيفة “الأخبار”:
مرة جديدة، يشيع الرئيس المكلّف، سعد الحريري، آمالاً زائفة بشأن قرب ولادة الحكومة. طريقة عمله باتت واضحة. يقول إن الحلول صارت في متناول اليد. وعندما لا تظهر نتائج عملية لما يعِد به، تبدأ ماكينته الإعلامية التسويق لفكرة أن النائب جبران باسيل يعرقل الحل. يوم أمس، وصل الحريري إلى الذروة في هذا المجال، من خلال إيحائه بأن الحكومة ستبصر النور قبل عيد الميلاد
«عيديّة» حكومية بلا محتوى هي ما قرّر الرئيس سعد الحريري أن يقدمه للبنانيين عشية الأعياد. «الجو إيجابي، وهناك انفتاح كبير، وقررنا اللقاء غداً (اليوم) مع الرئيس ميشال عون لننتج صيغة تشكيل قبل الميلاد إن شاء الله». هكذا صرّح الرئيس المكلف تأليف الحكومة إثر لقائه رئيس الجمهورية في بعبدا أمس. تصريح «فاجأ» عون، إذ لم يعبّر عما دار في اللقاء الذي لم يشهد تقدماً «ولو ملليمتراً واحداً»، و«لم يأخذ فيه عون من الحريري لا حقاً ولا باطلاً»، كما أكّدت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار»، مشيرة الى أن الرئيس المكلف كان قد أبلغ أطرافاً أساسيين، قبل توجهه الى بعبدا، أنه «مش ماشي» في الاتفاق مع الرئيس حول حقيبتَي الداخلية والعدل.
الزيارة، بحسب المصادر نفسها، «جاءت أساساً بطلب من الرئيس عون بعدما وصلته أجواء من البطريرك بشارة الراعي بأن الحريري يمكن أن يلين»، وبعد أسبوعين على تسلّم الأخير «عرض» عون، واعداً بدرسه والعودة للإجابة. في اجتماع أمس، قال رئيس الجمهورية للرئيس المكلف: «هذا ما أريده… وشوف كيف بتعمل التوزيعة»، من دون أن يقدّم الحريري أي عرض أو وعد في المقابل، ليخرج «مفتعلاً» أجواء إيجابية. عملياً، «لا اتفاق على شيء ولا حكومة بهاليومين». أما التفسير الوحيد لـ«الإيجابية الحريرية» فهو أن الرجل، بعد أن يتيقّن الجميع بأن لا اتفاق قبل الأعياد، سيخرج للقول، كالمعتاد، «خربطها جبران باسيل»، رغم أن لا شيء رُتّب حتى «يخربطه» أحد.
تحليلات كثيرة راجت أمس بعد إشاعة الحريري أجواء إيجابية إثر لقائه عون، وصولاً إلى قول البعض إن الإيجابية التي روّجها الرئيس المكلف تجزم بأن تعطيل التأليف كان داخلياً حصراً. وتحدّثت مصادر معنية عن «موافقة أولية من قبل عون على أن تكون حصته ٦ وزراء فقط، لأن هناك ضغطاً فرنسياً في هذا الاتجاه»، لكن «البحث يجري حول أن يكون الوزير المسيحي من حصة الحريري هو الوزير الملك وأن يشارك عون في تسميته، على أن تكون وزارة العدل من حصة رئيس الجمهورية».
لكن مصادِر سياسية على بيّنة من الحراك الحكومي المُستجِد، أشارت إلى أن «ليس من الواقعية في شيء تصديق أن هناك تقدّماً في المسار الحكومي»، وخاصة أن الطرفين كانا مُصرّين كلّ على مطالبه في الحصص والحقائب. وقالت المصادر إن «دوائر القصر اتصلت بالحريري وحددت الموعد، تجاوباً مع مبادرة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، والتي لم تحقّق خرقاً سوى في الشكل».
وفيما استبق الحريري زيارته لبعبدا برسائل إلى حزب الله، للتدخل مع الوزير باسيل، مؤكداً أنه ليس في وارد التخلي عن حقيبة الداخلية، تقاطعت المعلومات عند أن حزب الله يرفض التدخل حالياً بين الطرفين، بعدما جمّد سعيه لإيجاد حل. وتحدثت هذه المعلومات عن تعقيدات لا يُستهان بها في مسار التشكيل، وخاصة أن «النقاش تناول العدد والتوزيع الطائفي»، في ظل وجود بعض «الأفكار التي لم تتبلور، وربما بنى الحريري عليها إيجابيته، لكنها متروكة للقاء اليوم». وعليه «لا يُمكن الجزم بولادة الحكومة ولا بعدم ولادتها»، بحسب المصادر.
وكانَ تكتّل «لبنان القوي» قد تمنى في اجتماعه الدوري أن «يتوصل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف بأقصى سرعة الى مقاربة مشتركة تقوم على مبادئ واضحة ومعايير واحدة لعملية تشكيل الحكومة ولا سيما على مستوى توزيع الحقائب وتأكيد الشراكة التامة بينهما وفقاً لما نصت عليه المادّة 53 من الدستور التي تتحدّث بوضوح عن أن التشكيل يتمّ بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف».
من جهة أخرى، وصل رئيس أركان الجيش الفرنسي فرانسوا لوكونتر إلى لبنان على رأس وفد، لبحث العديد من الملفات المشتركة، علماً بأن الهدف الأول لزيارته هو تفقد الوحدة الفرنسية العاملة ضمن قوات «اليونيفيل» بمناسبة عيد الميلاد. وكانت آخر زيارة للوكونتر في التاسع عشر من تشرين الثاني الماضي، حين تفقّد مرفأ بيروت