لم يعد خافيا على أحد أن الوضع السياسي بين التيار الوطني الحر وحزب الله ليس في أفضل أحواله. ذلك أن اختلافات كبيرة في وجهات النظر بين الجانبين طفت إلى السطح السياسي في الفترة الأخيرة، وإن كانت لم تؤد حتى اللحظة إلى فرط عقد تفاهم مار مخايل نهائيا في الشكل على الأقل. على أن الأهم يكمن في أن الحزبين المعنيين سارعا إلى تأكيد رغبتهما في فتح ما يمكن اعتباره حوارا صريحا حول نقاط الاختلاف، حتى لا ينفجر إلى العلن الخلاف الكبير، في مرحلة شديدة الدقة والحساسية من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون.
وفي وقت بادر الطرفان إلى تشكيل لجنة ثنائية لإطلاق مسار هذا الحوار، أبدت مصادر سياسية عبر “المركزية” تخوفها من أن تكون هذه الطاولة الحوارية، إذا ما عقدت فعلا، مجرد محاولة لامتصاص الغضب الشعبي الذي انفجر على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تؤدي إلى خروق جوهرية تعيد وضع تفاهم مار مخايل على السكة الصحيحة.
وفي هذا الإطار، ذكّرت المصادر بالمعلومات الصحافية التي تحدثت أخيرا عن لقاء عقد قبل أيام بين رئيس التيار النائب جبران باسيل والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، بدا وكأنه الخطوة الضرورية لتعبيد الطريق أمام حوار وضع النقاط على الحروف.
غير أن المصادر أعربت عن اعتقادها بأن البحث بين باسيل ونصرالله تطرق إلى نقاط حساسة، بينها عدم المس بما سبق واتفق عليه الحزب والتيار، وعدم مقاربة ملف السلاح، وتأكيد دور “المقاومة” في الدفاع عن الكيان اللبناني.
انطلاقا من هذه النقاط، اعتبرت المصادر أن حوار الحلفاء المرتقب على خط الضاحية – ميرنا الشالوحي قد يكون مفخخا بألغام الفشل المسبق، ما دام أحد من المعنيين به لا يجرؤ على مقاربة ملف خطير وكبير بحجم سلاح المقاومة، في وقت لم يخف باسيل تذمره، كما شكوى مناصري التيار، من الفشل في تحقيق هدف بناء الدولة، وهو الذي كان اعتبر في حديثه إلى صحيفة “لوريان لوجور” قبل أسبوعين أن “بناء الدولة بالنسبة إلينا هو كالمقاومة بالنسبة إلى حزب الله”، معترفا بأن التفاهم بين الطرفين بات في حاجة إلى مراجعة جدية، من دون أن يعني ذلك التخلي عنه في أي شكل من الأشكال.
أما في معرض تحليل أسباب حرص الحزب على عدم فتح مجال البحث في سلاحه، فتعدد المصادر عوامل كثيرة أولها حرصه على التمسك بترسانته مستفيدا من الغطاء الشرعي الذي ناله من الحكومات اللبنانية المتعاقبة وبياناتها الوزارية المنمقة، إضافة إلى قطع الطريق على أي حوار تكون الاستراتيجية الدفاعية المنتظرة على رأس جدول أعماله، إلى جانب الاحتفاظ بالقدرة على رسم المعادلات السياسية وفرضها وقلبها في اللحظات الساخنة.
ولا تفوّت المصادر فرصة الاشارة إلى أن الأهم يكمن في أن الحزب قد يسعى جاهدا إلى الحفاظ على علاقة “طبيعية” مع التيار، في وقت يبدو حليفه المسيحي الآخر رئيس تيار المردة سليمان فرنجية على طريق التغريد بعيدا من سرب الضاحية، بدليل المواقف الكبيرة التي أطلقها في حلقته التلفزيونية الأخيرة، خصوصا في ما يتعلق بتشديده على حصر السلاح في يد الدولة. كلها إذا أمور لا تدعو، في نظر المصادر، إلى تعليق آمال كبيرة على أي حوار بين التيار وحزب الله.