Site icon IMLebanon

هل تتشكّل الحكومة مع جو بايدن؟

كتب خالد البوّاب في “أساس ميديا”:

يفترض بالخبر الذي صدر عن قصر الإيليزيه وأشار إلى أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد تعافى من فيروس كورونا وسينهي حجره يوم الخميس، أن يدفع الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى حسم وجهة سفره خلال فترة الأعياد، فإمّا عطلة خاصّة، أو زيارة إلى المسؤولين الفرنسيين، على ما ردّد أمام مقربين منه في مرحلة تعرقل مفاوضات تشكيل الحكومة.

الحريري قال إنّه يريد وضع الفرنسيين في صورة مساعيه وشرح وجهة نظره وأسباب التعطيل والعرقلة. وهم حاولوا مع البطريرك الماروني بشارة الراعي محاولة أخيرة، ولم تنجح.

تتفاوت التقديرات المحلية اللبنانية والخارجية، حول الأسباب الفعلية والحقيقية لعرقلة التشكيل. محلياً تحال الأسباب إلى تعقيدات دولية، أما خارجياً فيعتبر مسؤولون متابعون للملف اللبناني أنّ “الأزمة لبنانية وهي تنحصر في صراع على النفوذ والمكاسب، لكنّ السياسيين اللبنانيين يحاولون تكبير حجر الأزمة وربطه بالملفات الخارجية”.

أما الأسباب المجتمعة فهي التالية:

– أوّلاً، رئيس الجمهورية ميشال عون لم يتخلّ عن الثلث المعطل، وعندما أوحى بالتنازل فعلى قاعدة المناورة، أي القبول بحصة من 6 وزراء له وللطاشناق، فيما الوزير السابع يختاره هو من حصّة الحريري، أو يرسل لائحة بأسماء يختار الحريري من بينها واحداً لوزارة الداخلية. وهذا يعني أن صيغة الثلاث ستات منقوصة ومخترقة.

– ثانياً، الخلاف مستمرّ على وزارات الداخلية، العدل، والدفاع، أي ثلاثي الأمن، القضاء، والعسكر، الذي يريد عون وضع اليد عليه، للإمساك بمفاصل البلد. مع أن الحريري أبدى ليونة حيال وزارة العدل، لكنه لم يكن مستعداً للتنازل عن الداخلية. في جلسة الثلاثاء عرض عون على الحريري أن يفكر في صيغة مشتركة لوزارة الداخلية، بينما في لقاء الأربعاء سلم عون بعض الأسماء المقترحين لتولي هذه الوزارة فرفضهم الحريري بالمطلق.

– ثالثاً، لا يمكن للأطراف السياسية المتخاصمة مع عون أن ترتضي له الحصول على هذه الوزارات الثلاث إلى جانب وزارة الطاقة، لأنها ستكون منصة جديدة للمزيد من المعارك السياسية التي سيفتحها رئيس الجمهورية ضدّ خصومه، وسيُبقي وزارة الطاقة خارج دائرة الصراع أو التحقيق أو التدقيق. هنا يلتقي الحريري مع نبيه بري ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية.

– رابعاً، وقوف حزب الله على هامش هذه النزاعات، ترك الطرفين السني والماروني في حالة خصام دائم، بانتظار تغيّر الظروف والمعطيات الإقليمية والدولية، لذلك لم يتدخل الحزب في محاولة لإنجاح مساعي الحريري، هو لا يريد غيره رئيساً للحكومة، ولا يريد لعون أن ينكسر. بعد لقاء الثلاثاء أجرى الحريري اتصالاً بمساعد الأمين العام لحزب الله حسين الخليل، وقال له: “أبديتُ الإستعداد للتعاون مع رئيس الجمهورية، لكنّني غير قادر على التنازل عن وزارتي العدل والداخلية”. وطلب من الحزب المساعدة، لكنّ الأخير فضّل الوقوف جانباً.

– خامساً، يقود توجّه حزب الله إلى التفكير بدوافع خارجية تلقي بثقلها على اللبنانيين وتؤجل عملية تشكيل الحكومة. فالحزب لا يريد الإقدام على أيّ خطوة في ظلّ وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض. وهو ينتظر مرحلة خروجه ليحسم أمره الحكومي، بحيث تبقى كل الملفات اللبنانية أوراقاً في يد إيران من تشكيل الحكومة إلى ترسيم الحدود.

– سادساً، يضع الحريري في حساباته أيّ ردة فعل أميركية أو خليجية على تشكيل حكومة يشارك فيها حزب الله بشكل مباشر أو غير مباشر. لأنّ ذلك سيؤدي إلى إسراع أميركي في فرض عقوبات على شخصيات من محيط الحريري. وفي اجتماع رؤساء الحكومة السابقين، عبّر الحريري صراحة عن أنّه لا بوادر لتشكيل الحكومة قبل مجيء جو بايدن، عندها قد تخفّ الضغوط. هذه المعلومات تتطابق مع معطيات أخرى تفيد بأن تواصلاً حصل بين ديفيد هيل والحريري أفضى إلى صيغة انتظار خروج ترامب وإدارته من البيت الأبيض.

يحسم السبب السادس وجهة الأمور سياسياً: لا جديد قبل العشرين من كانون الثاني، وكلّ التحركات التي حصلت في المرحلة السابقة، لم تكن إلا محاولات للاستثمار في الوقت الضائع.

يمسك عون بتوقيعه وحقّ النقض – الفيتو على أيّ تشكيلة لا تلائمه، بينما يسمك الحريري بورقة التكليف ولا يتنازل عنها. يبقيها ورقة قوّة بيده إلى حين موعد الجلوس على الطاولة. من غير المعروف إذا كانت هذه الطاولة ستبقى قائمة، وإذا كان لبنان قادراً على الانتظار، خصوصاً أنّ كل المؤشرات والمعطيات تفيد بأنّ مرحلة ما بعد رأس السنة ستصطحب المزيد من الانهيارات:

1 – سياسياً: سيستمرّ الخلاف والاشتباك السياسي بين عون وخصومه، في ملفات القضاء والفساد والمعارك المفتوحة التي ستؤدي إلى مزيد من توتير الأجواء.

2 – اقتصادياً: سيبدأ البحث الجدي في مسألة ترشيد الدعم ورفعه عن مواد كثيرة ما سينعكس سلباً على الواقع المالي والمعيشي.

3 – أمنياً: ما تقدّم سيكون له انعكاس مباشر على الاستقرار والوضع الامني القابل للاهتزاز، سواء لأسباب سياسية أو أسباب معيشية واجتماعية، هذا إلى جانب احتمال حصول أي توتر أمني إما عبر عمليات أمنية او عمليات استهداف بذريعة هذه الانهيارات المتتالية.