لست في وارد الدخول في منافسات التوقعات التي تكثر في هذه الأيام على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، ويتبارى فيها المنجمون لرسم صورة السنة الجديدة وأحداثها وحوادثها. ولكن ثمة قراءة سياسية واقعية لمسار الأمور يؤكد أن سنة الـ2021 ستكون سنة المواجهات الكبرى في لبنان، والتي ستشكل انعكاساً طبيعياً لحجم المواجهات في المنطقة.
الثابت أن الـ2021 في لبنان ستكون أولاً سنة الانهيارات الكبرى مالياً واقتصادياً واجتماعياً بما سيجعلنا حتماً نترحّم على الـ2020، لأن مطلع السنة الجديدة سيشهد بدء رفع الدعم أو ترشيده بما يعني ذلك من كارثة اجتماعية لا حدود لها تترافق مع ارتفاع كبير في سعر صرف الدولار نتيجة ارتفاع الطلب عليه. هذه الكارثة الاجتماعية ستنعكس حكماً على الأرض بأشكال متعددة من التظاهرات إلى الفوضى والإشكالات الأمنية المتنقلة وارتفاع معدل الجرائم.
وأمام الانهيار الكبير لن يعود مجدياً الحديث عن تشكيل حكومة جديدة، وخصوصاً أن كل الرهانات على تطور إيجابي ما بعد استلام إدارة جو بايدن الحكم في واشنطن بعد 20 كانون الثاني المقبل تبدو أشبه بسراب، لأن لبنان ليس موجوداً في أولويات الإدارة الديمقراطية الجديدة، ما يعني أن فترة الانتظار اللبنانية ستكون طويلة جداً في حين أن اللبنانيين لا يملكون ترف الوقت. وبالتالي ربما ينعكس ذلك بحجم المواجهات الداخلية في لبنان على مختلف الأصعدة والتي قد تتخذ أبعاداً مختلفة وربما تقود إلى ضرورة البحث في عمق النظام وعقمه، ولكن بعد حلّ أزمة سلاح “حزب الله”. وأزمة هذا السلاح باتت مطروحة بقوة على الطاولة، سواء إقليميا ودوليا بعد سلسلة العقوبات الأميركية وإدراج الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية في عدد من الدول الغربية، وبعد القرار العربي الحازم بمحاصرة الحزب بشكل كامل ولو دفع جميع اللبنانيين الثمن، وسواء على الصعيد الداخلي وخصوصاً بعدما رفع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سقف المواجهة نحو الحدود القصوى تباعاً، بدءًا من الدعوة إلى حياد لبنان التي أطلقها الصيف الماضي، وصولاً إلى عظة الأحد التي دعا فيها إلى حصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الشرعية واستعادة القرار المُصادر ووقف رهن مصير لبنان بمصير دول أخرى!
كلام سيد بكركي العالي السقف والنبرة بوجه “حزب الله” يُنتظر أن يشكل كرة ثلج تكبر وتتدحرج، وخصوصاً مع الإعلان عن زيارة قريبة لقداسة البابا فرنسيس إلى لبنان، ما يعني وضع لبنان ضمن دائرة الاهتمام الدولي المباشر برعاية فاتيكانية، وهذا ما سيثير حساسية “حزب الله” ويدفعه إلى مواجهة قد تذكرنا بالمواجهة التي خاضها مع بطريرك الاستقلال الثاني مار نصرالله بطرس صفير.
كل هذا الاحتدام الداخلي سيكون صدى للتطورات الإقليمية المتسارعة، بدءًا من المواجهات الحامية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والعرب مع إيران من جهة، مروراً بالمواجهات الحامية في سوريا والعراق، وليس انتهاءً بمسار التطبيع العربي- الإسرائيلي الذي من المتوقع أن تزداد وتيرته.
أي سنة ينتظرها اللبنانيون؟ ربّ قائل إن الـ2020 ستبدو كنزهة مقارنة بالـ2021 لبنانياً… ما يدفعنا إلى شبك الأيدي وإلى العمل بجدية لإنقاذ لبنان نهائياً عوض الاستمرار في التخبط في مستنقع الأزمات. حمى الله لبنان واللبنانيين…