كتب غاصب المختار في “اللواء”:
من الطبيعي ان تتأجل كل الاستحقاقات المهمة والاساسية في لبنان، من المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، الى تشكيل الحكومة، الى عودة النازحين السوريين، طالما ان الوضع الدولي والاقليمي على كف عفريت، وثمة تغييرات حصلت، كما في اميركا بعد الانتخابات الرئاسية وما يُمكن ان يُقدِم عليه الرئيس الذي تنتهي ولايته قريباً دونالد ترامب، او متغيرات ستحصل كما في انتخابات الكنيست الاسرائيلي، وحيث التوتر يسود منطقة الخليج ومنطقة شرقي المتوسط، من لبنان وسوريا وتركيا الى ليبيا، وحيث تتأرجح الخيارات بين تصعيد التوتر وبين مساعي التهدئة والحلول.
تفهم كل الاطراف اللبنانية طبيعة هذه الاوضاع الملتهبة، خاصة بعد العدوان الاسرائيلي الصاروخي على منطقة مصياف في سوريا، والذي استخدمت خلاله طائرات العدو الاجواء اللبنانية لتنفيذه، مترافقاً مع تحليق مكثف للطيران وخرق جدار الصوت بقوة فوق المناطق اللبنانية، وقبله كانت المناورات الاسرائيلية المتتالية التي تحاكي مرة هجوماً على مواقع مفترضة للمقاومة، ومرة ردّ هجوم للمقاومة ودخولها الاراضي الفلسطينية المحتلة في الجليل.
ثمة من يقول ان المبادرة الفرنسية حيال لبنان مُعطّلة فعلياً بقرار اميركي، نتيجة الشروط القاسية المفروضة على تشكيل الحكومة، واهمها عدم توزير اي شخصية مقربة من حزب الله او يوافق عليها الحزب، تحت طائلة العقوبات التي يمكن ان تطال الرئيس المكلف سعد الحريري. ويقول آخرون إن قراءة حزب الله وحلفائه ترى ان انتظار اولى نتائج المتغيرات هو الافضل، وان الحزب ومِنْ ورائه ايران لن تبيع لا الفرنسي ولا إدارة ترامب اي موقف بل ستبيع للإدارة الاميركية الجديدة تبعاً لمواقف الاخيرة، وهم ينتظرون ايضا الخطوات الاميركية في العراق وفي الخليج عموماً، ليبنوا على الشيء مقتضاه.
لكن في كل الاحوال، ثمة ثابتة وحيدة هي ان الوضع اللبناني مرتبط بالتطورات الخارجية، ولذلك ربما فضّل الرئيس الحريري السفر وتأجيل اللقاء المقبل مع رئيس الجمهورية ميشال عون الى ما بعد رأس السنة الجديدة، ولم يُحدّد موعداً للقاء بين عيدي الميلاد ورأس السنة، مع إن مدة الاسبوع بين العيدين هي مهلة كافية للتشاور مجدداً ومعالجة النقاط العالقة بينهما حول بعض الحقائب وبعض الاسماء، التي لم تُبحث تفصيلياً بعد وتم تثبيت العدد القليل منها وليس كل التشكيلة.
ولكن اوساطاً نيابية في تيار المستقبل تقول لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري لم يلمس اي تقدم في تذليل العقبات امام تشكيل الحكومة، وان المواقف ما تزال على حالها، لذلك فضّل إعطاء فرصة أطول لسعاة الخير، من البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي قالت اوساطه انه لن ييأس وسيحاول مجدداً تقريب وجهات النظر، الى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم.
بالمقابل، تقول اوساط رسمية مطّلعة على لقاءات الرئيسين عون والحريري، ان الاخير متمسّك بحقيبة العدل ولن يتنازل عنها مهما كانت الظروف والاسباب، ويقترح لها السيدة لبنى عمر مسقاوي، فيما طلب عون تسمية وزير الداخلية بالمقابل، واقترح للحقيبة اسم المحامي عادل يمين، لكن الحريري رفض ايضاً ان تكون الداخلية من حصة عون مع حقيبة الدفاع. عدا ذلك لم تتأكد رسمياً صحة المعلومات التي تم تداولها قبل يومين عن اسماء جديدة اقترحها عون لحقيبتي الاعلام والثقافة، ولا ما تردد عن اسماء سبق واقترحها لحقيبة الدفاع. كما لم يتأكد طرح اسم سليم ميشال اده لأنه حسب ما تردد رفض التوزير، بسبب انشغالاته الخاصة في الشركة التي يملكها مع شقيقه. وعلى هذه الحال بقي تبادل الاسماء محصوراً بنحو ستة فقط شبه متفق عليهم، بينما كان التركيز في اللقاءات بين الرئيسين على معالجة عقدة توزيع الحقائب على الطوائف.
هذه التفاصيل المحلية لا تحجب أهمية التفاصيل الخارجية الاكثر تأثيراً على الوضع اللبناني، والتي يبدو انها تؤخر تنفيذ كل شيء في لبنان، برغم مخاطر الوصول الى الانهيار الكامل خلال اشهر قليلة جداً.