كتب مايز عبيد في صحيفة نداء الوطن:
أدّت حادثة إحراق مخيّم للنازحين السوريين في منطقة بحنين بمدينة المنية ليل السبت-الأحد، إلى تعاطف واسع مع النازحين وقضيتهم؛ سواء من أبناء المنية وفاعلياتها، أو من عكّار وطرابلس وعموم مناطق الشمال.
أسباب الحريق بحسب ما أكّد أهالي المنطقة لـ”نداء الوطن” أنّ خلافاً نشب بين شخص من عائلة المير في المنية وأشخاص من عائلة الجدوع السورية يقطنون في المخيّم، ويعملون في الورش لدى تاجر ليمون من المنية يضمن أراضي وبساتين الليمون في عكار. ولهؤلاء السوريين أموال لدى التاجر لم يقبضوها بعد ولذلك نشب خلاف وشجار وتطور الى إحراق المخيم الذي كان يحوي 90 خيمة وقرابة 600 نازح ونازحة، وتقدّر مساحته بنحو 1500 متر مربع، ويقع على يمين الطريق العام من المنية باتجاه طرابلس في منطقة بحنين الشمالية.
لدى وصولنا إلى المخيم بعد ظهر أمس الأحد، لم نجد إلا الأنقاض. الخيم تحولت جميعها إلى رماد، ولم يبق منها شيء. في حين كان شبان من المنية والجوار يقفون على الطريق المقابل يتفرّجون على شيء ما كان هنا بالأمس، كان مخيماً للنازحين ويضم عشرات العائلات. النازحون لم يبق منهم أحد في هذا المكان فالكلّ لجأ إلى هنا وهناك للنجاة بنفسه.
تقول وعد الأحمد وهي نازحة في ذاك المخيم وأم لأربعة أولاد: “لقد خربت بيوتنا وصرنا في المجهول. لم نشعر وقتها إلا والرصاص قد ملأ الدنيا والنار هبت. حملنا أولادنا وهربنا واستطعنا بمساعدة عناصر من مخابرات الجيش اللبناني أن نصل إلى الطريق العام ومن هناك إلى ضهور المنية وأنا وأولادي حالياً مع 5 عائلات أخرى نعيش في منزل واحد لأشخاص من آل علم الدين وهناك عائلات ما زالت في العراء”.
أما صالح شويخ وهو نازح وأب لستة أولاد فوصف ما حصل بعملية “إبادة جماعية”، وأشار إلى أنه “طالما المشكل هو بين أفراد محددين على خلفية عمل، فما ذنب الجميع لكي يتم تهجيرهم هم وأولادهم ونساؤهم وإحراق الخيم بما فيها من جنى العمر؟”. وأمل صالح شويخ أن “تؤدي التحقيقات التي تجريها الدولة اللبنانية وأجهزتها إلى تحديد الفاعلين وتجريمهم وأن تتم إعادة إعمار المخيم ليتمكنوا من العودة إليه بدل ما يحصل حالياً لهم من تشرد”.
أما ابراهيم الأحمد وهو نازح في عكار فقال: “ما حصل هو انتهاك حرمة بكل ما للكلمة من معنى. ونشكر أهلنا في المنية لوقوفهم مع قضيتنا؛ وهناك عشرات العائلات والأطفال في حكم المشردين حتى اللحظة وهناك عائلات لا نعرف عنها شيئاً ونطالب المنظمات الدولية بالعمل على الوصول إلى معلومات عن جميع سكان هذا المخيم”. ولاقت عملية الإحراق هذه استنكاراً وشجباً واسعين من مختلف الفاعليات سواء في المنية أو في عكار وطرابلس. وعمل عدد من الأهالي والناشطين على تأمين مساكن لإيواء العائلات المتشرّدة من المخيم بفِعل الحريق. ونجحت مواقف أهالي المنية الشاجبة في تطويق ذيول الحادث ووضعه في إطاره الشخصي الضيق، والتأكيد على أنّ “ليس هناك أي قرار بإبعاد النازحين السوريين من نطاق المنية كما حصل في بشري قبل مدّة”.
وقال رئيس بلدية بحنين مصطفى وهبة (أبو طلال) لـ “نداء الوطن”: “كلّ الأمور في ما خصّ حريق المخيم قد تم تطويقها منذ الساعات الأولى. فالأمر لا يعدو كونه خلافاً شخصياً بين تاجر ليمون وأشخاص يعملون لديه، لا أكثر ولا أقلّ، وتطورت الأمور وحصل ما حصل. في منطقتنا هناك 30 مخيماً للنازحين السوريين، ولو كانت هناك نية مبيّتة لإخراجهم فلِم نأويهم في باقي المخيمات؟”. وأكّد وهبة أنّه بإمكان النازحين من المخيم “العودة في أي وقت، وقد احتضنهم أهالي المنطقة، ونحن لا نقبل بما حصل؛ وقد احتضناهم منذ العام 2011 وأعود وأكرر أن الإشكال فردي ولا يعبّر عن أي ثقافة عامة لدى أبناء المنطقة”.
وطوّق الجيش اللبناني موقع المخيم المحترق، وعمل على ضبط الأمور، فيما تحوّل المخيم ومعه قرابة الـ 100 خيمة رماداً، بينما توزّعت العائلات المتشرّدة بين مناطق عكار وطرابلس والمنية والضنية، بعدما هرب قسم كبير منها في البساتين المجاورة في اللحظات الأولى لحصول الإشكال وحدوث الحريق في ما بعد.
وفي الوقت نفسه، شرعت الهيئات الإنسانية والأهلية والمجموعات الشبابية في تقديم المساعدات الإنسانية وتجهيز أماكن الإيواء واللجوء للنازحين مُجدّداً، ريثما تتّضح الصورة بشأن إعادة تأهيل المخيم المذكور، أو تأمين أماكن سكن، أو مخيم آخر لهم في الأيام المقبلة.