كتبت أنديرا مطر في القبس:
كما يتحدث المنجمون والعرافون الذين يحجزون موعداً ثابتاً على محطات التلفزة اللبنانية في نهاية السنة- كي ينبئوا العالم بتوقعاتهم للعام الجديد، وتلك التي «تحققت» وجاءت مصداقاً لتنبؤاتهم، أطل أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله على قناة «الميادين» مساء الأحد محاطاً بصور الخميني والخامنئي وسليماني، مطلقاً توقعاته ومبيناً إنجازات وانتصارات محوره في 2020.
قيد التحليلات
لكن نصرالله بدا أقل ثقة من المنجمين في مواضيع معينة، مثل احتمال شن الأميركيين و/أو الاسرائيليين حرباً على إيران أو حزب الله. وذلك بحسبه لأن «شخصية من نوع الرئيس دونالد ترامب مصابة بجنون العظمة، وفي حالة غضب، لا يمكن توقع شيء». مكتفيا بالقول ان «كل ما قيل حتى الآن حول ما يمكن أن يقدم عليه ترامب في أيامه الأخيرة، لا يزال قيد التحليلات». أما الثابت في أدبيات نصرالله، والذي لا يحتاج إلى تحليل وتنبؤ، فهو تحقيق محوره «انتصارات ضخمة»، وإسقاطه مشاريع كبرى.
فهذا المحور بحسبه «أقوى من أي زمن مضى من دون أي مبالغة». وعلى مدى حوالي 4 ساعات لم يترك نصرالله مجالاً إلا للكلام «العلمي الهادئ»، فرأى أن الضربة القاسية التي مني بها هذا المحور تجسدت باغتيال قاسم سليماني. وهذا ما عجزت علوم نصرالله وتنبؤاته معرفته إلا بعد عملية الاغتيال.
لبنان منصة صواريخ
جال نصرالله على شؤون العالم، الغربي والعربي والإيراني، ولم يحضر فيها لبنان الا لماماً وعرضاً: مرة في ذكره «حرب تموز 2006» وهذه من أمجاده المدمرة للبنان. ومرة في الملف الحكومي المؤجل إلى مستهل العام الجديد. وقد استحوذ قاسم سليماني على معظم الوقت في أحاديث نصرالله المسهبة. لا الازمات الاقتصادية المالية التي تعصف بلبنان منذ اكثر من عام وتهدد بتفتته وزواله، ولا المأزق السياسي الذي يصنعه نصرالله نفسه وحزبه، مع عجز الطبقة السياسية على تشكيل حكومة انقاذ، ولا الهموم المعيشية التي تقض مضاجع اللبنانيين وشبح العوز والفقر الذي بات يخيم على نصف الشعب اللبناني ويدفع بألوف الاسر الى أبواب السفارات بحثا عن حياة آمنة..
هذا كله لا يهم نصرالله وليس في حسابه. الأهم هو ان «عدد الصواريخ الدقيقة لدى المقاومة بات ضعفَي ما كان عليه قبل سنة. وأي هدف على امتداد مساحة فلسطين المحتلة يمكننا أن نصيبه بدقة». أما ماذا يحدث بعد ذلك، فليس مهماً وهو يُترك لسوى نصرالله وحزبه لتدبره. اي لملمة أشلاء لبنان واللبنانيين.
المطار بعد المرفأ؟
وتزامنا مع تهديدات نصرالله بمفاجآت غير متوقعة للاسرائيليين كشفت اوساط دبلوماسية لوكالة «المركزية» نقلا عن مسؤولين اميركيين «ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يمارس نوعاً من الضغط على مسؤولين امنيين أميركيين لوضع عقوبات على مطار رفيق الحريري الدولي من ضمن رزم العقوبات التي تصدرها من وقت الى اخر وزارة الخزانة الاميركية، وذلك بحجة انه يقع تحت سيطرة حزب الله الذي يستخدمه وايران لاغراضهما ونقل السلاح والممنوعات، وان المطار خارج مراقبة المسؤولين اللبنانيين وهو تحت سيطرة الحزب مباشرةً».
وفق هؤلاء، ينطلق نتنياهو من مطالعته حول مطار بيروت من انه يُشكّل قاعدة جوية لايران لنقل السلاح والمال الى حزب الله، كما انه يقع جغرافياً ضمن منطقة سبق ان اشار عبر خرائط رفعها من على منبر الامم المتحدة، انها تحتوي على مخازن اسلحة، بالاضافة الى مناطق لبنانية اخرى في الجنوب وجبل لبنان وبيروت والبقاع. ومنذ انفجار مرفأ بيروت، وما اعقبه من تحليلات عن دورٍ لإسرائيل فيه لم يثبت بالقرائن حتى الآن، يتخوف كثيرون ومن بينهم أمنيون، من قيام إسرائيل بعمل امني يستهدف المطار، «مستفيدةً من الجوّ الدولي التصعيدي تجاه لبنان بسبب حزب الله».
وفي وقت يُروَّج لكون عملية تأليف الحكومة اللبنانية باتت مرتبطة بتسلم الرئيس الاميركي الجديد جو بادين مقاليد الحكم في 20 يناير، قالت النّاطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جيرالدين غريفيث، ردا على سؤال عن الغارات الإسرائيلية المُتكرّرة على مواقع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا «الولايات المتحدة تؤمن بحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضدّ أيّ هجمات. إيران وحزب الله لا يدافعان عن سوريا كما يدّعيان. حزب الله منظمة إرهابية مكرسة لتعزيز أجندة إيران الخبيثة في المنطقة وأنشطة حزب الله وإيران الإرهابية وغير المشروعة تهدد أمن واستقرار وسيادة سوريا والمنطقة، لأنّ إيران لا تهتم بمصالح سوريا أو الشعب السوري».
وعن تأثّر استراتيجية عقوبات قيصر مع تولّي إدارة بايدن الحُكم «لا يمكنني التكهّن بقرارات الإدارة الجديدة لكن يمكنني القول إنّ قانون قيصر حصل على تأييد كبير وموافقات من كلا الحزبين الجمهوري والدّيموقراطي ومن الصّعب تغيير أو إلغاء القانون».