كتبت راجانا حمية في جريدة الأخبار:
بحسب قانون السير الجديد، فإن حصة البلديات من عائدات غرامات محاضر الضبط التي يسجّلها عناصر الشرطة البلدية لا تتعدى 16% من قيمة المحضر، فيما تذهب النسبة المتبقية لجهات لا تبذل أي جهد في تنظيم هذه المحاضر وتحصيلها، كصندوق الاحتياط في قوى الأمن الداخلي والصندوق التعاضدي للمساعدين القضائيين وصندوق تعاضد القضاة.
صيغ قانون البلديات لتنظيم العمل البلدي وتعزيزه كسلطة محلية قادرة على إدارة أمور «سكانها» وتقديم الخدمات لهم. وهو وفّر للبلديات، كي تتمكن من الإدارة، تنويعاً لمصادر الدخل، سواء بالرسوم التي تستوفيها من المكلفين أو من حاصلات أملاكها أو من الغرامات، أو من الدولة مباشرة من خلال الرسوم «المقطوعة» التي تستوفيها من المؤسسات العامة والمصالح المستقلة.
إذاً، في المبدأ، خصّ القانون البلديات بمصادر دخل متنوعة لتحافظ على «وجودها». لكن، في الواقع، تعيش البلديات «أزمة وجودية»، على ما يقول رئيس بلدية الغبيري معن الخليل، في ظل «عريّها» من بعض مصادر دخلها وشح البعض الآخر. فهي بالكاد تجبي رسومها وبدل حصتها من إدارات الدولة. وإذ كانت تعوّل على عائدات الدولة، أو ما يسمى بـ«الصندوق البلدي المستقل»، فإنها اليوم، في ظل الأزمة الراهنة، فقدت هذا الدعم. لذلك، حاول بعضها التعويض عن ذلك عبر «تحصيل» حقوق أقرّتها القوانين. من بين هؤلاء كانت بلدية الغبيري التي تمكّنت بعد ثلاث سنوات من «المعارك»، على ما يقول الخليل، من الحصول على «حق استيفاء رسوم محاضر السير لدى البلدية». وهو «الامتياز» الذي قد يكون وحيداً بين كل البلديات، إذ إن محاضر الضبط التي يحررها عناصر الشرطة البلدية، في العادة، تدفع لدى محاكم السير وليس لدى البلدية.
كان في اعتقاد المجلس البلدي أن هذا «الامتياز» سيوفر للبلدية عائداً يمكن استثماره في تعزيز إمكانات الإدارة وعناصر الشرطة. لكن، بعد البدء بالمشروع، تغيّرت المعادلة، وما كان يُحسب أرباحاً «صار عبئاً يثقل كاهل البلدية». أما السبب في ذلك؟ فيعود الخليل في إجابته إلى «كيفية تقسيم عائدات تلك المحاضر». فبحسب قانون السير الجديد، تنال البلدية من غرامات محاضر الضبط المستوفاة لمصلحة صندوقها 16% وهي النسبة نفسها التي تنالها من الغرامات المحصّلة من الأحكام القضائية. في مقابل تلك النسبة، تقسم النسبة المتبقية ما بين «20% لمصلحة صندوق الاحتياط في قوى الأمن الداخلي و20% لمصلحة الصندوق التعاضدي للمساعدين القضائيين و30% لمصلحة صندوق تعاضد القضاة و14% لمصلحة الخزينة العامة».
هكذا، استناداً إلى تلك «القسمة»، تأخذ البلدية الحصة الأدنى، أي «من الجمل دينتو»، على ما يقول الخليل. وهي نسبة بالكاد تسدّ تكاليف محاضر ضبط السير والعمل الذي يقوم به عناصر الشرطة. ووصلت الحال إلى «حيث لا يمكن بعد الاحتمال أكثر، إذ إن ما نجنيه من تلك المحاضر لا يكفي لطباعة الورق والحبر للمحاضر». كل ذلك يحدث، فيما 64% من العائدات الى جهات لا تفعل شيئاً سوى أن تقبض! ولما لم يعد بمقدور البلدية الدفع من «صندوق» تتناقص موارده يوماً بعد آخر، سيتقدم الخليل بمقترح يفترض أن يطرحه كمشروع قانون يقدم من خلال النواب إلى المجلس النيابي، يتضمن مادة أساسية يطلب من خلالها تعزيز صندوق البلديات لناحية «حصر عائدات غرامات محاضر ضبط السير بالبلدية بنسبة 100%». وبحسب الخليل، من شأن ذلك المقترح أن يضمن للبلدية عائداً لا بأس به، يمكن أن تستخدمه في تفعيل دور شرطة البلدية من خلال زيادة عديدها وتجهيزها، وخصوصاً «في ظل الوضع الراهن حيث الحاجة ملحّة إلى الشرطة البلدية، بعدما تناقص العديد من 80 شرطياً إلى 46، نستعين ببعضهم في الإدارة بسبب قرار منع التوظيف، في وقت نحتاج فيه إلى ضعف هؤلاء في الشوارع»، استناداً الى دراسة أعدّتها البلدية أشارت إلى الحاجة إلى 100 شرطي بلدي. وهذه ليست حالة بلدية الغبيري وحدها، فمعظم البلديات تعاني النقص نفسه. من هنا، يرى الخليل أن تحويل المقترح إلى قانون «يعني كل البلديات وليس فقط الغبيري».