كتبت غادة حلاوي في صحيفة نداء الوطن:
الى بكركي حضر النائب والوزير السابق غازي العريضي ناقلاً الى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي “تحيات الزعيم الوطني وليد جنبلاط وتمنياته بمناسبة هذه الاعياد، التي كنا نتمنى ان تكون أعياداً مختلفة بالنسبة الى لبنان واللبنانيين، نظراً لما نعانيه اليوم من أزمات ومخاطر”، وهل أخطر على لبنان مما “نسمعه من الخارج وما نراه في الداخل من خطر على هذا اللبنان الكبير الذي يجب ان يبقى الامانة الكبرى بين ايدي اللبنانيين خشية من ان ينهار البلد”، قال العريضي، مستذكراً من “الصرح والمقام الكبير”علاقة المختارة بالكرسي البطريركي وبالكرسي الرسولي”، و ما قاله “المعلم الشهيد كمال جنبلاط يوم كان يقول كلمة في رثاء البابا بيوس الثاني عشر، الذي اعتبره أحد اكبر الادمغة في ذلك الجيل، والذي قال عنه انه قرأ دور النصرانية في هذا الشرق فوق العصبيات وخطر الطائفية والمذهبية، وقال كلمة بليغة بادراك قداسة البابا هذا الامر، كأن به يرى الدور الكبير للنصرانية في هذا الشرق التي هي وفق قول كمال جنبلاط وديعة الاسلام فيها، كما ان الاسلام بهذا المعنى الرفيع هو وديعة النصرانية”.
قصد العريضي هنا التذكير بحقيقة لبنان “الذي جمع بين هاتين القيمتين الكبيرتين وهاتين الوديعتين”. ودوره “في هذا الشرق المظلم الذي تجتاحه اليوم اسرائيل للاسف، من خلال هذه الحركة الاسرائيلية الواسعة التي تهدد مبرر وجود لبنان”. كلام لا يخلو من رسائل تطمينية تضامنية طالما مصاب تعطيل الحكومة والمآخذ على المعطلين مشتركة بين الضيف والمضيف معاً.
إحتل موضوع الحكومة صدارة البحث لزيارة مقررة سابقاً ولو تزامنت مع حديث ناري لرئيس “الحزب الاشتراكي” تناول فيه ما وصفها بأخطاء الرئيس المكلف سعد الحريري المتعلقة بتشكيل الحكومة. بات واضحاً ان علاقة جنبلاط بالحريري لا تستقر على حال. لرئيس “الاشتراكي” محاولات دؤوبة لاستيعاب الحريري وتسهيل مهمته الحكومية لكن طمع الاخير بمونته عليه يجعله ينكث بوعوده معه مراراً. هذا ما تعبر عنه الوقائع في تشكيل الحكومة والتعاطي مع طائفة الموحدين الدروز. كأن الحريري لم يستسغ كلام جنبلاط بدليل المواقف التي عبر عنها بعض نواب المستقبل، هاجمه النائب السابق مصطفى علوش منتقداً مواقفه المتقلبة “يتحدث يميناً ثم يعود ليتحدث شمالاً”، متمنياً عليه “ان يخفف شوي”، قبل ان ينصحه زميله في كتلة المستقبل النائب نزيه نجم “عندما يتحدث الزعيم وليد جنبلاط يجب الإصغاء”، قائلاً: “كلام البيك بيك الكلام” فأيهما يعبر عن موقف الحريري ضمناً؟
المدرك لطبيعة تفكير جنبلاط يستنتج من دون ادنى شك ان خطوة الحريري تجاه رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والتضامن معه على خلفية الادعاء عليه في قضية المرفأ، لم تكن خطوة بمكانها بدليل ان دياب ذاته وضع نفسه بالامس في تصرف القضاء، طالباً اليه التوجه بطلب الى مجلس النواب، وقبله أبدى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي استعداداً للمثول امام القضاء متى طلب منه ذلك. تصرف الحريري وردة فعله أظهرته وكأنه مرعوب من التحقيق، ولذا ثمة من يقول إنه يسعى جهده لسحب الملف من المحقق العدلي القاضي فادي صوان ويضغط من اجل اتخاذ محكمة التمييز قرارها بهذا الشأن.
لم يفضح جنبلاط سراً بحديثه عن وجود خلاف بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون حول تشكيل الحكومة اساسه الخلاف على حقيبتي “الداخلية” و”العدل”. سبق وان وعد الحريري رئيس الجمهورية بالحقيبتين ثم عدل قراره خشية فتح المزيد من الملفات. هذا ما أسرّ به لاحقاً لمقربين وعلم به جنبلاط. لم يحتمل الحريري انتقاد جنبلاط واعتبر ان الاخير بصدد التهجم عليه. لم يلتفت الى ان رئيس “الاشتراكي” لم يوفّر احداً وهو شمل ايضاً جبران باسيل ووزارة الطاقة والعهد وسلاح “حزب الله”، لم يقرأ مواقفه من كل هؤلاء وصعب عليه التعرض لتعاطيه الحكومي، فهل ممنوع انتقاده؟
قد لا يلتقي جنبلاط مع المتوهمين من حصول الفراغ والبناء عليه للمطالبة بالثلث الضامن في الحكومة، ويلتقي مع الراعي على استياء من الرئيسين المعنيين بتشكيل الحكومة كما على اهمية اختيار شخصيات مقبولة للحكومة، تملك من المواصفات ما يؤهلها لتولي منصبها فلا يكون اختيار الاشخاص لمجرد انهم اختصاصيون، لاسيما في وزارتي الداخلية والعدل وغيرها من الوزارات الأساسية.