كتبت راكيل عتيق في “الجمهورية”:
فيما يستمرّ لبنان في حالة تصريف الأعمال بحدودها الدنيا جرّاء التأخير في تأليف الحكومة الجديدة، يُربط عدم التأليف بعوامل عدة، منها داخلية وأخرى خارجية، لاسيما منها انتظار استلام الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن رئاسة الإدارة الأميركية في 20 كانون الثاني. الى ذلك الحين، تترقب واشنطن ومنطقة الشرق الاوسط، ومنها لبنان، أي خطوة للرئيس الاميركي الحالي دونالد ترامب، بهدف «توريط» بايدن، ما يُنذر باحتمالات عدة، من ضربة عسكرية أو عملية اغتيال أو أي خطوة «أخرى» متهوّرة، تُشعل الداخل الأميركي أو الشرق الأوسط، وبالتالي تؤثر على لبنان الذي يقف على حافة الهاوية.
تتحدث وسائل الاعلام الأميركية ومصادر ديبلوماسية، عن الفترة الأخطر أمام العالم في مطلع السنة الجديدة، وهي بين 6 كانون الثاني المقبل موعد مصادقة الكونغرس الأميركي على نتائج الانتخابات الرئاسية وإعلان بايدن رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، و20 كانون الثاني ظهراً، موعد قَسَم بايدن اليمين، وذلك لأنّ إجراءات ترامب الأخيرة على رغم خسارته الانتخابات، تدلّ الى أنّ الأمور مفتوحة على شتى الاحتمالات، وبالتالي يجب التنبّه لهذه المرحلة.
ويتعزّز التخوف في الولايات المتحدة من هذه المرحلة، حيث هناك ترقُّب لما قد يقوم به ترامب خلال هذه الأيام الـ14، لتوريط بايدن بقرارات تُلزم واشنطن مستقبلاً. وذلك، لأنّ ترامب ما زال غير قابل بنتائج الانتخابات، ويعتبر أنّ هناك «غشاً» أو «مؤامرة» في هذه العملية الديموقراطية، وأنّ فوز بايدن مُزوّر.
وفي حين حاول ترامب عبر دعاوى قضائية عدة وإجراءات أخرى، تغيير نتائج الانتخابات ولم يفلح بذلك، ما زال أمامه «خط دفاع» أخير، وخطوة وحيدة لتبديل النتائح، على رغم أنّ كثيرين من مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين يستبعدون نجاح ترامب بذلك، ويعتبرون أنّ بايدن بات الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأميركية. هذه الخطوة الأخيرة تكمن في محاولة ترامب تغيير اتجاه الكونغرس، وهذا بحدّ ذاته قد يخلق مشكلة في واشنطن، بمعزل عمّا إذا نجح ترامب في قلب المعادلات أم لا.
ففي 6 كانون الثاني، عند الواحدة ظهراً، يجتمع أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب في الكونغرس، لفرز أصوات المجمع الانتخابي، والتصديق عليها، ليُصار الى إعلان الفائز بالانتخابات رسمياً ونهائياً. بحيث يمكن لأي عضو في مجلس النواب تقديم اعتراض خطي على النتائج. وإذا وقّع أي عضو جمهوري في مجلس الشيوخ، هذا الاعتراض، يُطلب من مجلسي الكونغرس مناقشة الاعتراضات. ولكي يُمرّر أي اعتراض على أصوات أي ولاية، يجب أن يوافق كلا مجلسي الكونغرس على الاعتراض. لكن من غير المتوقع أن يوافق مجلسا النواب والشيوخ على أي اعتراض، إذ يُشكّل «الحزب الديموقراطي» الغالبية في المجلسين.
بمعزل عن هذه العملية، التي يُستبعد أن ينجح ترامب فيها، إلّا أنّه سيبقى رئيساً للولايات المتحدة الأميركية حتى الثانية عشرة ظهراً من 20 كانون الثاني بصلاحيات رئاسية كاملة، حيث يُمكن أن يُقرّر ضرب طهران على سبيل المثال، خصوصاً إذا صدّق الكونغرس الأميركي على فوز بايدن، فبذلك يفقد ترامب أوراق الاعتراض كلّها على نتائج الانتخابات.
ويأتي التخوف الأميركي، ومنهم «الحزب الجمهوري» الذي ينتمي اليه ترامب، من أي فعل غير منطقي قد يقوم به ترامب لتوريط بايدن فقط، بعد الإجراءات التي اتخذها منذ تبيان فوز بايدن، بحيث غيّر الطبقة المسؤولة العالية في البنتاغون، وأقال وزير العدل وعيّن آخر. كذلك هناك توتُر كبير بين ترامب ومسؤولين في الادارة الأميركية، وإنّ الموظفين الكبار في البيت الأبيض ممتعضون من إجراءات ترامب والتغييرات الادارية التي أجراها أخيراً، واعتماده على فريق من المستشارين والمحامين الذين لا صفة رسمية لهم، والذين يقنعونه بنظرية «المؤامرة» وبتدخُّل ما في الانتخابات الرئاسية.
ويشرح السفير اللبناني الأسبق في واشنطن رياض طبارة، أنّ ترامب يبقى رئيساً للجمهورية بصلاحياته الكاملة حتى الساعة 11 و59 دقيقة و59 ثانية من 20 كانون الثاني 2021 بحسب القانون، وعند الساعة 12:00 ظهراً يصبح بايدن هو رئيس الولايات المتحدة الأميركية. ويُشير الى أنّ ترامب هو القائد العام للقوات المسلحة، ويُمكنه أخذ قرار رئاسي أو «أمر تنفيذي»، الذي استخدمه الرئيس السابق باراك أوباما كثيراً، وهو حق مُعطى لرئيس الجمهورية إذا حصل أمر طارئ، لكي يتعاطى مع العملية قبل أن يحصل على موافقة مجلسي النواب والشيوخ، وباتت هذه الصلاحية مفتوحة بنحوٍ كبير بعد أحداث 11 أيلول.
وإذ يلفت طبارة الى أنّ حرب فييتنام جرت من دون موافقة مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، يرى أنّ ترامب قد يتخذ إجراءات عدة لتوريط بايدن، ومنها ضرب إيران. إذ همّه الوحيد الآن هو أن «يخربها» على بايدن. فترامب الآن ومثلما قال سيناتور جمهوري كبير، «يتصرف كولد صغير «شيطان» أُخذت لعبته منه»، مشيراً الى أنّ «حتى الجمهوريين متخوفون مما قد يفعله ترامب».
أمّا لجهة لبنان، فيقول طبارة، إنّ الدور الأميركي الآن مساند للفرنسيين في بيروت، والأميركيون لا يريدون انهيار البلد، إلّا أنّهم لن يعيدوه «سويسرا الشرق»، وسيستمرون في تحجيم «حزب الله».