2 كانون الأول 2020 كان الموعد المحدد لعقد جلسة المفاوضات غير المباشرة الخامسة بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية الجنوبية التي بدأت أولى جلساتها في 14 تشرين الأول من العام نفسه. لكن قراراً بالإرجاء طرحه الجانب الأميركي الوسيط واستبدله بمشاورات ثنائية اجراها رئيس الوفد الأميركي الوسيط السفير جون دوروشيه في بيروت وتل ابيب على امل الوصول الى صيغة تعيد تحريك المفاوضات علمأ أن التقديرات تشير إلى تأجيلها إلى ما بعد الأسبوع الأول من شباط 2021 أي بعد تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها.
منذ بداية المفاوضات راوحت البنود المطروحة للتفاوض ما بين النقطة 1 والنقطة 23 مروراً بخط “هوف” الذي يفصل ما بين النقطتين بخط وسطي. اليوم برزت نقطة جديدة هي النقطة 29 فهل يتمسك لبنان بها وتكون الخامسة ثابتة؟ العميد الركن المتقاعد أنطون مراد يشرح لـ” المركزية” : ” في 22 كانون الأول أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن بلاده لا تزال مستعدة للتوسط في مناقشات بناءة بين لبنان وإسرائيل وحث الجانبين على مواصلة المفاوضات على أساس الإدعاءات الخاصة بكل منهما والتي أودعاها سابقا لدى الأمم المتحدة. إلا أن كلام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه الذي نفى فيه – ربما عن غير قصد أو عن خلفية معينة – بأن يكون لبنان أودع الأمم المتحدة أية خرائط سوى خرائط الحدود البرية التي وضعت عام 1923 من شأنه أن يؤثر سلبا على مصداقية الحكومة اللبنانية كون لبنان أودع الأمم المتحدة إحداثيات حدوده الجنوبية في العام 2010 وفي العام 2011 معتمداً النقطة 23 كنقطة حدودية ثلاثية من جهة الجنوب.
الخيارات المتاحة أمام لبنان محدودة خصوصا أن اسرائيل انجزت استعداداتها لاستخراج النفط والغاز من حقلي لفيتان وكاريش في النصف الثاني من العام 2021 بعد الإنتهاء من تجهيز السفينة fpso. ولفت مراد إلى ان اتفاقات التطبيع مع عدد كبير من الدول العربية من شأنه أن يعزز من نقاط القوة لدى إسرائيل لا سيما لجهة تنفيذ مشاريع إستثمارية مشتركة وإقامة تحالفات عسكرية استراتيجية. ولم يستبعد أن تشكل خطوط النفط والغاز مشاريع حروب من شأنها أن تؤدي إلى الإطاحة بالحدود وتغيير خرائط الدول من أجل تأمين طريقها.
مما لا شك فيه أن لبنان غير جاهز حتى الساعة في ظل الفراغ الحكومي. فهل تتوقف المفاوضات في حال لم تتشكل حكومة التي تعد بمثابة مؤشر لفشل أو نجاح المفاوضات؟ يجيب مراد:” المفاوضات ستستأنف لكن فقط لعدم إغلاق الباب على المبادرة، سيما وأن أي تنازل من قبل الوفد اللبناني على متر واحد سيحمّله الكثير من التبعات قد تصل إلى حد تهمتي العمالة والخيانة. وشدد مراد على ضرورة ان يكون هناك إجماع داخل الحكومة بين الكتل السياسية وتحديدا بين الثنائي الشيعي عندها يمكن الوصول إلى نتيجة”.
في انتظار الإدارة الأميركية الجديدة ما هي الخيارات المتاحة أمام لبنان؟ يشدد العميد مراد على ضرورة تمسك الجانب اللبناني بالخط الجديد النقطة 29 وعدم تقديم أي تنازل في غياب سلطة سياسية فاعلة وقادرة على اتخاذ قرارات جريئة. وأوضح أن قيام لبنان بعمل عسكري محدود قد لا يجبر إسرائيل على القيام بأعمال تنقيب، أما في حال اتخذ لبنان خيار الرد العسكري الموجع لمنع إسرائيل من متابعة عملها فهذا يعني احتمال قيامها بعدوان عسكري واسع مستفيدة من تحالفاتها الجديدة مع دول عربية ومن غطاء دولي تؤمنه لها الولايات المتحدة ودول غربية عديدة”.