Site icon IMLebanon

“كورونا” يعزل جزين… وخلاف حول الصلاحيات مع القائمقام؟

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

 

“كورونا” عزل عروس الشلّال – جزين، ودخل قرار اقفالها بالكامل حيّز التنفيذ، بناء على قرار بلدية جزين وخلية الازمة ولمدّة اسبوع لغاية الإثنين المقبل، عقب ارتفاع اعداد المصابين بالفيروس، إذ وصلت في الايام الاخيرة الى 42 حالة ايجابية في المدينة وحدها، في وقت لم يعد فيه المستشفى الحكومي الوحيد قادراً على استقبال وادخال اي مصاب بعد امتلاء الاسرّة في الجناح الخاص، وفيه 19 سريراً فقط.

في جولة ميدانية لـ”نداء الوطن” تبدو المدينة مقفرة، عند المدخل الرئيسي، ينتصب تمثال سيدة المعبور متّشحاً بلافتة تحمل عبارات الدعاء والتضرّع الى الله، لأن يرفع الوباء عن المنطقة ولبنان وكأنّه يراقب بصمت مشهد المدينة، فيما ينهمك عناصر شرطة البلدية باقفال المدخل بالسلاسل المعدنية، والحديقة العامة، لمنع دخول اي كان وخصوصاً الزائرين. وقد عكس الهدوء الذي يخيم على الشارع الرئيسي وصولاً الى الاسواق الداخلية حجم الالتزام بالاقفال. خلت الشوارع من الحركة والمارة، وأغلقت المحال والمؤسسات التجارية والمطاعم والسوبرماركت.. واستثنيت من الاقفال الصيدليات والمخابز (ما عدا افران المناقيش) والفنادق ومحطات الوقود فقط. وتضمّن القرار “منع إقامة الحفلات العامة أو الخاصة أو المناسبات الإجتماعية أو السهرات أو التجمّعات على إختلاف أنواعها وفي كافة الأمكنة، ومنع الخروج والولوج الى الشوارع والطرقات ما بين السادسة مساء والخامسة صباحاً من كل يوم.

وإقفال جزين بقرار ذاتي يعتبر الأول في لبنان، قبل اتخاذ اللجنة الوزارية الخاصة بـ”كورونا” قراراتها على المستوى الوطني، نلاحظ بوضوح انه يحظى بتأييد ودعم النواب والفاعليات وأبنائها، طالما ان الهدف تفادي اي كارثة صحّية من خلال منع الاحتكاك بعد الاحتفالات برأس السنة، فسبعة أيام من الاقفال تكون كافية لظهور عوارض الاصابة على اي شخص.

في المقابل، أثار قرار الاقفال جدلاً حول الصلاحيات بين بلدية جزين – عين مجدلين وخلية الازمة الصحية بالتنسيق والتشاور مع طبيب القضاء ومركز الترصّد الوبائي في وزارة الصحّة من جهة، وبين قائمقام قضاء جزين بالتكليف يحيى حميدي صقر من جهة أخرى، والذي اصدر قراراً وضع في خانة “فوري” يحدّد مواعيد اقفال المحال والمؤسسات المشمولة بالقرار والمستثناة منه بشكل مغاير لما اتّخذ.

والجدل ذاته فتح باب النقاش القانوني، إذ أكد محامون لـ”نداء الوطن” ان المادة 74 تمنح رئيس البلدية خليل حرفوش الصلاحيات بالاقفال ومنع التجول من دون ان تشمل اقفال المؤسسات الرسمية ودوائرها وهذا ما كان، فيما المادة 36 تحدّد صلاحيات المحافظ والقائمقام على “ان القائمقام يحدّد بالاتفاق مع طبيب القضاء منهاج العمل الصحّي شهرياً، وعلى طبيب القضاء ان يقدّم شهراً فشهراً الى القائمقام تقريراً عن الحالة الصحية في المنطقة”.

ويؤيد النائب ابراهيم عازار قرار الاقفال، ويقول إبن جزين لـ “نداء الوطن”: “إنّ خلية الازمة في المدينة، المؤلّفة من البلدية والنواب والمستشفى الحكومي وطبيب القضاء وممثّلي الاحزاب، تتابع عن كثب دورياً تطورات انتشار الوباء واعداد المصابين، لقد وصلنا الى مرحلة الخطر، لذلك اتّخذ القرار بهدف حماية الناس من الوباء ومنعاً لتفشّيه على نطاق أوسع”، ويضيف: “تجربة الاقفال الجزئي لم تكن مشجّعة على امتداد المناطق اللبنانية، لذلك فإن الحلّ الأسرع هو الاقفال التامّ لتفادي أيّ كارثة”.

بينما يقول رئيس خلية الازمة عضو المجلس البلدي الدكتور جوزيف رحّال لـ”نداء الوطن”: “لقد تحركنا قبل الوصول الى الاسوأ، هدفنا من الاقفال رفع الصوت عالياً بعد حفلات رأس السنة كي لا تخالط الناس بعضها البعض وتزيد اعداد المصابين خصوصاً لمن لا تظهر عليه العوارض، فيما الاقفال الجزئي سابقاً لم يُجدِ نفعاً. هناك تجاوب وتأييد من الناس لانّهم على قناعة بأن الهدف هو حفظ حياتهم، ونسعى الى تقليل اعداد المصابين من جهة، وكسب الوقت لتأمين أجهزة اوكسجين من جهة اخرى لاستخدامها في الطوارئ، ويمكن ان تكون في المنازل بمتابعة من الصليب الاحمر اللبناني”.

ويعمل مستشفى جزين الحكومي بكلّ طاقته، ولكنّه لم يعد باستطاعته استقبال وإدخال اي مصاب بعد امتلاء الاسرّة في القسم الخاص، فالمستشفى الحكومي هو الوحيد في المدينة ومنطقتها، وقدرته كاملة 50 سريراً، فيما القسم المخصّص لـ”كورونا” يبلغ 19 سريرا بما فيها العناية الفائقة.

ويقول مدير المستشفى الدكتور شربل مسعد: “لقد امتلأ الطابق العادي وقسم العناية الفائقة ولا نستطيع استيعاب اعداد اكثر. انتقلنا الى الخطة “باء” وقمنا بتجهيز معدّات ومستلزمات تزويد المرضى ممّن تعتبر حالاتهم غير خطرة بالأوكسجين في بيوتهم، بالتنسيق مع الصليب الأحمر وخلية الأزمة لمتابعتهم وحصر الدخول الى المستشفى بالحالات الخطرة، ونحضر للخطة “جيم” وهي العمل على إقامة مستشفى ميداني في موقف المستشفى خصوصاً وان لدينا الكثير على لائحة الانتظار”.

وفي جولة على بعض المصابين داخل القسم، يمضي شربل طانيوس الياس، ابن بلدة الحسانية والبالغ من العمر 51 سنة، يومه السابع بالمستشفى، بعدما فاجأه الفيروس بالرغم من انه كان يحافظ على نفسه ويقول: “لا اعرف كيف التقطت العدوى، لكنّي لم اكن في السابق اصدّق انّ هناك كورونا، الآن تغيرت المعادلة وعلى الانسان ان يتنبّه “لأن اذا ما حافظ الواحد على حالو بتروح عليه”.

وعلى مقربة منه، يرقد الثمانيني مزيد براك من نيحا الشوف في سريره، هو الآخر لا يعرف كيف اصيب لكن حالته الأكثر تطوراً استدعت بقاءه في المستشفى حتى الآن 22 يوماً، يشكر الفريق الطبّي والتمريضي المعالج، يقول انّه يوجّه رسالة الى جميع الناس بأن ينتبهوا من “كورونا” ويحافظوا على انفسهم.