Site icon IMLebanon

أيام قليلة تفصلنا عن السيناريو الإيطالي

كتبت جنى جبور في صحيفة “نداء الوطن”:

 

بعد طوابير الانتظار على محطات الوقود والصيدليات والأفران، جاء وقت الوقوف والانتظار أمام أبواب المستشفيات والمختبرات لاجراء الـ”PCR”… فجأةً “راحت سكرة الأعياد وإجت فكرة الفحوصات”، ودب “الهلع” في النفوس. فماذا ينتظرنا في الأيام القليلة المقبلة؟ وهل سيتوقف الصليب الأحمر فعلاً عن نقل كبار السن المصابين بالـ”كوفيد- 19″ الى المستشفيات؟

لم تأخذ “كورونا” عطلة ولم تتراجع وقد واجهها معظم اللبنانيين، في الاسبوعين الأخيرين، بكثير من الاستهتار، من خلال مشاركاتهم في احتفالات العيدين مع غياب (أو تغييب) كل أنواع الوقاية. صباح السبت استيقظوا بحال هلع وهرع الآلاف منهم الى المستشفيات والمختبرات، والمئات منهم احتجزوا في سياراتهم لساعات وساعات لإجراء الـ”PCR” خوفاً على صحتهم. وقد تكون الصور والفيديوهات التي تظهر الزحمة الخانقة على طريق مستشفى سيدة المعونات الجامعي في جبيل من أكثر المواضيع التي انتشرت في الايام الاخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بالاضافة الى تصريح الامين العام للصليب الاحمر اللبناني جورج كتانة حول طلب المستشفيات من الصليب الأحمر عدم نقل حالات كورونا من كبار السن وترك الأولوية للصغار، ليتجه لبنان بذلك الى النموذج الايطالي. فماذا عن تفاصيل الخبرين؟

زحمة الـ”PCR” في “المعونات”

نبدأ من مستشفى سيدة المعونات، حيث خضع نحو 800 شخص لفحص الـ”PCR” يوم السبت، وتوضح رئيسة قسم الأمراض الجرثومية في المستشفى ورئيسة الجمعية اللبنانية للامراض الجرثومية الدكتورة مادونا مطر أنّ “هذا المشهد تكرر نفسه بعد عيد الميلاد، ولكن الزحمة التي شهدناها كانت نتيجة وصول الجميع في الوقت نفسه في خلال ساعات الصباح. ويمكن القول إنّ 20 في المئة من نتائج هذه الفحوصات ايجابية. وأقول لكل من اختلط في خلال سهرات رأس السنة، وخضع للـ”PCR” في اليومين الاخيرين وكانت نتيجته سلبية يجب أن يكرر الفحص بعد 7 أيام، لأنّ النتيجة التي حصل عليها ليست نهائية. أمّا المضحك المبكي في هذا الموضوع فهو الاختراع اللبناني الذي ينص على اجراء من يرغب في السهر فحص الـ ” PCR”، واذا اتت نتيجته سلبية، يحتفل ويسهر ويختلط، وكأنّ نتيجته مضمونة 100 في المئة”، مضيفةً: “الأعداد “مخيفة” مع الاخذ في الاعتبار أنّ بعض المختبرات كان مغلقاً بسبب العطل، فتخيلوا الأرقام التي سنشهدها الاسبوع المقبل… وبالتأكيد أنها لن تقل عن الـ4000 اصابة (يومياً)”.

لا مشكلة في تأمين فحص الـ”PCR” للجميع حتّى الآن، ولكن مستشفياتنا لم تعد قادرة على الاستيعاب، فمثلاً مستشفى المعونات ممتلئ بالكامل. وتوضح د. مطر أنه “لذلك لا نستقبل أحياناً المصابين، ونرسلهم الى مستشفيات أخرى، أو حتّى نعيدهم الى منازلهم ونؤمن لهم الأوكسجين الى المنزل”. واستغربت من “تعجب اللبنانيين من تكرر النموذج الايطالي في لبنان”، وقالت: “قلة وعي الشعب أوصلتنا الى هذه المرحلة. واذا كان لدينا سرير واحد وعلينا ان نختار بين مصاب شاب وآخر أكبر سنّاً، تلقائياً سنختار الشاب… فهل في يدنا حيلة أخرى؟ لذلك، لا حلّ أمامنا سوى اغلاق البلد بشكل تام، لضبط التفلّت الحاصل وحصر الحالات، ولا مشكلة في ترك المطار مفتوحاً لأن عدداً كبيراً من الوافدين الينا اصيبوا بالفيروس في لبنان، والخوف من “كوفيد-20″ المستجد لزوم ما لا يلزم، فهذا الفيروس يتجدد في كل فترة”.

الارقام في قضاء جبيل… غير حقيقية

بالطبع إنّ الزحف لإجراء الـ” PCR”، لم يقتصر فقط على مستشفى المعونات في جبيل، وهذا المشهد طبيعي جدّاً بعد كل ما رأيناه خلال الاعياد، بحسب رئيس اللجنة الصحية في اتحاد بلديات جبيل رئيس بلدية عمشيت الدكتور طوني عيسى، الذي لم ينكر “ارتفاع الاصابات كثيراً في قضاء جبيل في الفترة الأخيرة، لانه للأسف ما زال البعض يظن أنّ الفيروس مؤامرة، غاضين النظر عن احتمال وفاة مصاب بين مئة. كذلك، لاحظنا أنّ جيل الشباب هو السبب الاساسي لانتقال العدوى بسبب اختلاطه المستمر، وأتمنى على كل شاب وصبية التقيد بالاجراءات الوقائية والبقاء في منازلهم لحماية أهلهم واجدادهم ومجتمعاتهم، فلهم كل الوقت للسهر والمرح لاحقاً. مع الاشارة الى أنّ الاعداد التي كشفت بالنسبة للقضاء ليست واقعية، فالأعداد أكثر بكثير وستظهر تدريجياً في الايام المقبلة. ونحن أمام اسبوع مصيري لنعرف اذا كنّا سنتجه الى النموذج الايطالي أو اذا كانت ستحصل معجزة ويحمي الله شعبه من هذه الكارثة”.

الصليب الأحمر: لن نترك المصابين المسنّين

امتلأت المستشفيات على مختلف الأراضي اللبنانية، أقسام العناية الفائقة كذلك الأسرّة العادية وصلت إلى طاقتها الاستيعابية القصوى، بحسب ما كان قد صرح به نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون. من هنا، بدأ الحديث عن “النموذج الايطالي” ولاسيما بعد انتشار خبر منسوب لأمين عام الصليب الاحمر جورج كتانة مفاده أنّ المستشفيات بدأت تطلب عدم نقل حالات كورونا من كبار السن لأن الأولوية للصغار في السن، فماذا كان يقصد من ذلك؟ يجيبنا: “تم تناقل الفكرة بشكل خاطئ، وللتوضيح لدينا احساس أنّ المستشفيات لا تستقبل كبار السن، ولكن لا يوجد قرار بعدم نقل كبار السن الى اي مستشفى في لبنان، مع الاشارة الى اننا لاحظنا أنّ عدداً من كبار السن يموتون في منازلهم نتيجة عدم الوعي والاهمال، واختلاط عوارض اصابتهم بكورونا مع عوارض الرشح العادي وليس لرفض استقبالهم في المستشفيات. ولكن لا يمكن نكران أنّ وضع المستشفيات صعب جدّاً، والحل بتمويل المستشفيات الخاصة لتجهز نفسها، وتستوعب المصابين”.

نقل 100 مصاب يومياً

بعد عيد الميلاد، ارتفعت الاعداد التي تم نقلها الى المستشفيات، حيث نقل الصليب الأحمر اللبناني ما يعادل الـ100 مصاب بفيروس كورونا يومياً، وأكدّ كتانة “أننا بكامل جهوزيتنا في المرحلة المقبلة، وسنلبي نداء جميع اللبنانيين من جميع الفئات العمرية، وسنضع المصاب بالقوة في طوارئ المستشفى الذي يرفض استقباله في حال كانت حالته طارئة بغض النظر عن عمره، وسنواصل القيام بجميع المهام المطلوبة منّا في جميع الحالات وخصوصاً المتعلقة بالـ”كوفيد-19″. ونعيد ونؤكد التزامنا الدائم بالواجب الإنساني لتقديم الإسعافات والدعم لكل إنسان محتاج في كل مكان”.

بين الوضع الاقتصادي المهترئ والوضع الصحي المتأزم، تبقى الصحة هي الاهم. ولا اختلاف على فشل الدولة وقراراتها على جميع الاصعدة، وخصوصاً مع الاتجاه لتأجيل الاقفال العام بعد يوم الخميس، ليتسنى للأرمن الاحتفال بعيد الميلاد، لكن النائب هاكوب بقرادونيان دعا الحكومة إلى عدم التذرّع بالعيد لدى الطوائف الأرمنية مطالباً بالإغلاق الفوري. فهل ينجح الإغلاق في السيطرة على إنتشار الـ “كوفيد-19” المتسارع؟

المستشفيات الخاصة «المتخلّفة» عن فتح أقسام كورونا

نشرت وزارة الصحة العامة لائحة بالمستشفيات الخاصة في مختلف المحافظات اللبنانية تظهر تخلف العدد الأكبر منها عن فتح أقسام خاصة بمرضى كورونا، واكتفاء العدد الآخر بعدد محدود من أسرة العناية الفائقة، فيما كان المطلوب في ظل حال الطوارئ المعلنة منذ بدء مواجهة كورونا، أن تعمد المستشفيات إلى تجهيز أقسام كورونا تحتوي على عدد منطقي من أسرة عناية فائقة تؤمن الحماية الصحية للمصابين. وسألت الوزارة في بيان: «هل يعقل أن سبعة وستين مستشفى خاصاً لم تؤمن سوى ثلاثة وسبعين سريراً في خلال عشرة أشهر من مواجهة الوباء”؟

وأوضحت أنها تنشر هذه اللائحة ليكون الرأي العام على بينة من الواقع وتحديد المسؤوليات، آسفة بشدة لعدم تلبية العدد الأكبر من المستشفيات نداء الواجب الإنساني والوطني في ظل التعبئة العامة والتفشي الواسع للوباء. وذكرت الوزارة أنه سيتم اتخاذ الإجراءات في هذا الإطار، مؤكدةً أن أبوابها مفتوحة للتعاون مع أي مستشفى يظهر استعداده لزيادة عدد أسرة العناية الفائقة فيه وتقديم الخدمة اللازمة للمواطنين في هذه المرحلة الحرجة.