Site icon IMLebanon

لبنان لن يكون على طاولة بايدن قبل مارس 

 

بدا لبنان، في أول يوم عمل من سنة 2021 كأنه في قلب «إعصار» يشكل ما يشبه «التسونامي» الهائج لـ«كورونا»، الذي استغل غيبوبة الدولة وتخبط قراراتها، ليسدد ضربات قياسية موجعة عكستها الأرقام التصاعدية لأعداد الإصابات اليومية وفواجع الموت وقبوره المفتوحة، وسط مخاوف متعاظمة من انفلاش الوباء وخروجه عن السيطرة، في اللحظة التي يكاد أن يصبح القطاع الاستشفائي خارج الخدمة بعدما امتلأت أسرة العناية الفائقة.

وفي خطوة استلحاقية للدولة، التي شرعت أبواب السهر في عيدي الميلاد ورأس السنة واكتفت بتدابير روتينية وأبقت المنافذ الجوية والبحرية والبرية مفتوحة على مصراعيها وتخلفت عن تأمين اللقاح ولم توقع عقوداً للمجيء به حتى الآن، عقدت أمس سلسلة اجتماعات وزارية وأمنية أقرت العودة إلى الاقفال العام ابتداء من الخميس وحتى الأول من فبراير المقبل على أن يكون حظر التجوال من الساعة مساء حتى الخامسة صباحاً.

وكشفت تجربة التعاطي مع «العدو» الذي يتربص بصحة اللبنانيين عن هشاشة الحكم وقصور قراراته وارتباكه وعجزه عن مواجهة أزمات مالية واقتصادية غير مسبوقة، وهو الأمر الذي زاد من كارثية إدارة البلاد بحكومة تصريف أعمال في ضوء الفشل المتمادي في تشكيل حكومة جديدة، غالباً ما يربط مصيرها بتسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مقاليد الحكم في 20 يناير الجاري.

أوساط واسعة الاطلاع في بيروت شككت في إمكان الإفراج عن الحكومة العتيدة في أمد قريب، ربطاً بدخول بايدن البيت الأبيض.

وقالت لـ«الراي» ان «لبنان لن يكون على شاشة الرادار للإدارة الجديدة ربما قبل مارس، فثمة أولويات لبايدن تبدأ بترميم العلاقة مع أوروبا ووضع إستراتيجياته تجاه الصين وروسيا وكوريا الشمالية قبل الالتفات إلى الشرق الأوسط وملفاته».

وإذ استبعدت انفجار الاحتقان بين الولايات المتحدة وإيران في الدقائق الخمس الأخيرة قبل مغادرة الرئيس دونالد ترامب، رأت أن بايدن سيدخل المنطقة من بوابتي اليمن والملف النووي، ما يعني حكماً بقاء لبنان في غرفة الانتظار إلى حين ترسيم الإدارة الجديدة لعلاقاتها مع اللاعبين الإقليميين الكبار.

ورغم «الفيتوات» المتبادلة بين اللاعبين المحليين حيال الحكومة العتيدة، طبيعتها وحقائبها والتوازنات فيها، فإن الأوساط واسعة الاطلاع بدت أكثر ميلاً للاعتقاد بأن ثمة قراراً كبيراً باحتجاز عملية تأليف الحكومة لجعل الوضع في لبنان واحدة من أوراق المقايضات الإقليمية مع إدارة بايدن.

وثمة مخاوف متعاظمة من خلاصات تشي بتمديد فترة «الموت السريري» للحكم في لبنان، الذي يزداد انهياراً في أسوأ كارثة وطنية يشهدها منذ ولادته قبل مئة عام… وليس أدل على ذلك من التخبط في مواجهة «كورونا» وطفراته المتوالية.

وبدا أن اللجوء إلى خيارات تعلي الصحة على الاقتصاد مرده إلى «الواقع السيئ جداً جداً»، بحسب رئيس لجنة الصحة البرلمانية النائب عاصم عراجي، الذي قال لـ«الراي» إن «لبنان دخل السيناريو الإيطالي فعلاً»، لافتاً إلى أن «الإقفال لن يكون كافياً بل ينبغي فتح أقسام جديدة لمعالجة مرضى فيروس كورونا في المستشفيات الخاصة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين».

وفي رأي عراجي – الطبيب، أنه «يفترض فرض إقفال جدي مع عقوبات صارمة بحق كل مخالف والإسراع بزيادة أسرة العناية المركزة ولو تحت ضغط يمارس على المستشفيات»، معتبراً ان «إنزال الجيش إلى الشارع من شأنه إبراز جدية الدولة ومهابتها لدفع الناس الى الالتزام بالإجراءات المتخذة».

أما نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، فقال لـ«الراي» «إن 60 مستشفى خاصا حالياً يستقبل مرضى فيروس كورونا ويضم 850 سريراً بينها 300 للعناية الفائقة و550 سريراً عادياً، وقد وصلت القدرة الاستيعابية فيها الى نحو 90 في المئة، لكن التخوف الأشد من الموجة المقبلة بعد ليلة رأس السنة والتي ستشكل دفقاً لا تستطيع المستشفيات استيعابه.

نحن على سباق مع فيروس كورونا».

ويضيف: «لن نربح هذا السباق إذا استمر المواطنون في العيش بحالة إنكار لفيروس كورونا وبقيت تصرفاتهم على حالها.

حينها حتى لو أضفنا عدداً كبيراً من الأسرة وزدنا قدرتنا الاستيعابية فإن السباق سيكون خاسراً».

نسأل هارون عن سبب عدم تحوط المستشفيات مسبقاً لهذا السيناريو، فيجيب بان «من واجب المستشفيات تأمين اسرة للمرضى بالطبع، لكن لها ايضاً حقوق ومستحقات على الدولة اللبنانية لم تدفعها حتى الساعة. وتجهيز مستشفى لزيادة قدرته الاستيعابية يتطلب استثمارات كبيرة يجب دفعها بالدولار على سعر السوق السوداء، وهذا ليس بالأمر السهل أبداً.

صحيح انه مطلوب تأمين عدد أكبر من الأسرة لمواجهة الكارثة الحالية والقادمة، لكن لا وسائل مالية تتيح ذلك».
https://www.alraimedia.com/article/1515267/خارجيات/العرب-والعالم/الأزمة-الشاملة-في-لبنان-لن-تكون-على-طاولة-بايدن-قبل-مارس