لا توحي التطورات السياسية التي سُجّلت في الايام الماضية على الساحة المحلية بأن المساعي التي يفترض ان تتحرك من جديد على الخط الحكومي، وأبرزها للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ستتمكن من فتح اي ثغرة في الحائط المسدود. حتى زيارة “المعايدة المتأخّرة” التي قام بها رئيس الجمهورية ميشال عون الى بكركي، لم تحمل لا من حيث الشكل ولا من حيث الكلام اللطيف الذي اطلقه عون، ما يبدد هذا الانطباع، خاصة اذا ما تمت مقارنتها بالقصف المتبادل في اليومين الماضيين.
فالمواقف والبيانات التي صدرت عن طرفي الكباش- الظاهرَين الى العلن أقلّه- أي بعبدا والتيار الوطني الحر من جهة، والرئيس المكلف سعد الحريري من جهة اخرى، ساهمت في رفع جدار الفصل أكثر، ودلت على ان التوتر على حاله بين الفريقين، لا بل منسوبه الى ازدياد. بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، الجانبان يتحمّلان مسؤولية مفاقمة التلبّد في الاجواء السياسية السوداء اصلا، ومسؤولية إخماد اي امل بفتح صفحة حكومية بيضاء جديدة مع انطلاق العام الجديد.. غير ان الموضوعية تقتضي الاشارة الى ان “البادي أظلم”…
وهنا، تستغرب المصادر “اللهجة” التي بادر “لبنان القوي” الى استخدامها لمخاطبة الرئيس المكلّف. فالتكتّل، بدا وكأنه يتعاطى مع “قاصر”، بينما كان قادرا على ايصال الرسالة نفسها الى الحريري، لكن بنبرة ألطف وأقل حدة واستفزازية.. الا اذا كان استفزازه متعمّدا… وجاء في بيان التكتل: ندعو “الرئيس المكلف الى تحمّل مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية، فيتوقّف عن استهلاك الوقت ويعود من السفر لينكبّ على ما هو مطلوب منه، وعدم اختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير عملية التشكيل”.
وكما كان متوقّعا رد مكتب الحريري في بيان، قائلا “التكتل يعود الى سياسته المُفضّلة بتحميل الآخرين مسؤولية العراقيل التي يصطنعها عن سابق تصور وتصميم. وجديده اليوم دعوة الرئيس المكلف إلى تحمّل مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية. التكتل ورئيسه فاتهم أن الرئيس المكلف قام بواجباته الوطنية والدستورية على أكمل وجه وقدّم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون تشكيلة حكومية من اختصاصيين غير حزبيين مشهود لهم بالكفاءة والنجاح، وهو ينتظر انتهاء رئيس الجمهورية من دراستها. وفات التكتل أن الجهة التي عطلت البلد أكثر من سنتين ونصف سنة هي آخر من يحقّ لها إعطاء دروس بالتوقف عن استهلاك الوقت واختلاق العراقيل، وفات التكتل ورئيسه أيضاً أن المشكلة واضحة وعنوانها معروف من قبل الجميع وهي داخلية عبر التمسك بشروط تعجيزية تنسف كل ما نصّت عليه المبادرة الفرنسية وتقضي على أي أمل بمعالجة الأزمة، بدءاً من وقف الانهيار، وصولاً الى إعادة إعمار ما هدمه انفجار المرفأ”.
فلمصلحة مَن رفع أكياس الرمل أكثر فأكثر على طريق بعبدا – بيت الوسط؟ وهل يحاول التيار الوطني الحر – الذي بادر الى هذا التصعيد – ايصال رسالة الى مَن ينوون التوسّط بين الجانبين، بعدم المحاولة “مرّة أخرى”؟! الايام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد معالم المشهد الحكومي، انفراجا ام انفجارا، تتابع المصادر، في ضوء عودة الرئيس الحريري اليوم من جهة، وكلمة مرتقبة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الجمعة، من جهة ثانية، وأخرى يلقيها رئيس التيار النائب باسيل الاحد. فلننتظر ونر ما اذا كانت اجواء التصعيد هذه آيلة الى هدنة ام الى اشتداد..