كتبت فاتن الحاج في جريدة الأخبار:
لا ثقة لدى الطلاب الجامعيين وأهاليهم بإدارات الجامعات الخاصة، ما دامت الأخيرة ترفض الاستماع إليهم وتمتنع عن إشراكهم في القرار المالي للجامعة بإطلاعهم على ميزانياتها. تصنيف الجامعة ورتبتها لا يعودان مهمين عندما يعجز عدد كبير من الطلّاب عن التسجيل في الجامعة أصلاً.
بعد المواجهة في الشارع رفضاً لزيادة 160 في المئة على الأقساط في كل من الجامعة الأميركية والجامعة اللبنانية الأميركية، دعا عدد من الأندية في الجامعة الأميركية، بمبادرة من «النادي العلماني» ومجموعة «التغيير يبدأ من الجامعة الأميركية»، إلى مقاطعة دفع الأقساط وفق سعر المنصة الإلكترونية (3900 ليرة للدولار)، وهو قرار دخل حيّز التنفيذ في 4 كانون الثاني الحالي، فيما تنتهي مهلة تسديد القسط في 6 شباط المقبل. الهدف من المقاطعة، بحسب نائب رئيس الحكومة الطلابية، عضو النادي جاد الهاني، هو استمهال المجلس النيابي لإقرار اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى وجوب استيفاء الأقساط في الجامعات والمعاهد الخاصة بالعملة الوطنية، وعدم رفع الأقساط والالتزام بلائحة العام 2017 – 2018، علماً بأن هذا الاقتراح وضع بنداً أخيراً على جدول أعمال الجلسة التشريعية في 21 كانون الأول الماضي. وبذلك، يكون القانون، بحسب الهاني، ورقة ضغط للتفاوض مع إدارة الجامعة.
«النادي العلماني» رفض – على خط آخر – المشاركة في اجتماع دعت إليه إدارة الجامعة أخيراً، احتجاجاً على عدم إدراج بند الأقساط على جدول الأعمال والاكتفاء بمناقشة ما سمّته الجامعة «العنف» ضدها، فيما حضرت مجموعة «التغيير يبدأ…» الاجتماع على خلفية «قناعتها بأن العمل الطلابي يجب أن يسير وفق مسارين متوازيين: الضغط في الشارع، والتفاوض المباشر مع إدارة الجامعة، كما قالت لـ «الأخبار» عضو المجموعة صبا مروة. وأضافت أن المجموعة «لمست إصرار الإدارة على عدم التراجع عن قرارها باعتبار أن تسديد القسط على سعر الـ 1515 ليرة للدولار الواحد سيقفل الجامعة، وأنها لن تفاوض الطلاب تحت الضغط».
وفيما يسري مفعول قرار الجامعة اللبنانية الأميركية ابتداءً من 25 الحالي، تتجه المجموعات الطلابية المستقلة والعلمانية في الجامعة الى دعوة مماثلة لمقاطعة دفع الأقساط وفق سعر المنصة، بحسب عضو «المجموعة العلمانية» رامي شيّا. أما «المعركة الأساسية»، بالنسبة إلى رئيس «النادي العلماني» في الجامعة اليسوعية (الذي فاز في الانتخابات الطلابية) شربل شعيا فهي «إبقاء القسط مسعّراً بالليرة اللبنانية، والضغط لعدم رفع القسط أو سعر الرصيد لهذا العام بالحد الأدنى». ورفض إقرار أي زيادة من دون العودة إلى المجلس الطلابي الذي لم يجر اختيار مندوبيه من الفائزين في الهيئات الطلابية حتى الآن، بسبب عطلة الأعياد والتعطيل القسري.
وكانت إدارة «اليسوعية» قد تريّثت في اتخاذ أي قرار بشأن الأقساط قبل الدراسة والتشاور مع المكوّنات الأخرى، ولا سيما الأساتذة والطلاب، بحسب ما قال لـ«الأخبار» رئيس الجامعة سليم دكاش، إلا أنّ «الاتجاه سيكون نحو تجميد الأقساط وعدم فرض أي زيادة في العام الدراسي الحالي، تحسّساً مع أوضاع العائلات اللبنانية، وإن كان العجز سيبقى كبيراً، باعتبار أن ثلث الموازنة مخصّص للمنح الدراسية، فيما المساعدات التي تتلقّاها الجامعة انخفضت بنسبة 70 في المئة».
وفي السياق، أعلن عدد من الجامعات رسمياً إبقاء القسط على السعر الرسمي، كجامعة البلمند والجامعة اللبنانية الدولية وجامعة سيدة اللويزة والجامعة الأنطونية و AUST.
لا يخوض الطلاب معركة الأقساط وحدهم، إذ انضم إلى المواجهة اتحاد أهالي الطلاب الجامعيين في لبنان الذي يضغط لكي تقدّم «الجامعات التي لا تبغي الربح خدمة التعليم للجميع، وأن تكشف عن ميزانياتها لتبيان كيفية صرف الأموال التي تستوفيها من الطلاب». وأشار مؤسّس الاتحاد طانيوس القسيس إلى أن الجامعات الخاصة «معفاة من الضرائب والضربية على القيمة المضافة والرسوم الجمركية، وهي تشكل نحو 40 في المئة من واردات الجامعات من أقساط وهبات ومساعدات ومساهمات وريع أموالها المنقولة وغير المنقولة وبدلات الأنشطة الاستشارية وغيرها». ونفى أن يكون مجلس التعليم العالي في وزارة التربية، الذي يرأسه الوزير، مجرد مجلس وصاية على الجامعات، بل «لديه سلطة على إدارة الجامعة بموجب القانون 285/ 2014 الخاص بتنظيم التعليم العالي». ودعا وزير التربية إلى التدخل لحماية الطلاب وعدم تسليع تعليمهم.
للخبير في مجلس التعليم العالي عبد الحسن الحسيني رأي مختلف في ما يخصّ قرار إدارات الجامعات «العريقة»، إذ أشار إلى معارضته القانون الموجود في المجلس النيابي الذي يلزم الجامعات بعدم رفع الأقساط بالمطلق، «لأنه لا يمكن إبقاء الأقساط على الـ1515، في حين أن كل مستلزمات الجامعة من تجهيزات للمختبرات وغيرها يجري شراؤها بالدولار».
ورأى أن سعر المنصة «منطقي، شرط تطبيقه بعد سنتين، خصوصاً أن بعض الطلاب قطعوا شوطاً في الدراسة ولا يجوز إيقاف تعليمهم في منتصف الطريق لمجرد أنهم غير قادرين على الدفع». أما مسؤولية مواجهة الفساد في الجامعات «فمُلقاة على الطلاب حصراً وليس على مجموعات من خارج الجامعة. والمشكلة ليست في الجامعات وزيادة الأقساط، بل بالسياسيين الذين سرقوا البلد ومؤسسات التعليم العالي على السواء”.
ولفت الحسيني إلى أن «الدكاكين الجامعية لا تعاني من أي مشكلة، لكونها لا تتكبّد مصاريف للمختبرات والتجهيزات ومخصصات الأساتذة”.