Site icon IMLebanon

باسيل ينعى النظام: لا حكومة إذا لم يتراجع الحريري!

كتبت كلير شكر في صحيفة “نداء الوطن”:

 

لا يزال رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل مقتنعاً أنّ العالم بأسره مقبلٌ على تغييرات جذرية سيفرضها وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، والمنطقة لن تكون بمنأى عن هذه المتغيّرات. صحيح أنّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله “نصح” منتظري الاتفاق الأميركي – الايراني، بعدم الاتكال على هذا العامل، كونه قد يتأخر، أو قد لا يحصل في المدى المنظور، إلّا أنّ باسيل لا يزال يعتبر أنّ المنطقة أمام منعطف كبير، سيحلّ عاجلاً أم آجلاً… وعلينا التصرف على هذا الأساس.

قال باسيل إنّ “السياسة الأميركية ستشهد تغييرات كبيرة تعنينا، مع الاتحاد الأوروبي سياسة تقارب تقدر ان تكون لصالحنا بإعطاء أوروبا وفرنسا دوراً أكبر عندنا، ومع روسيا سياسة توزيع أدوار ومصالح بشرق المتوسط، سياسة مختلفة فيها اتجاه تمايز عن إسرائيل وتركيا والخليج واتجاه تفاهم مع ايران”.

من هذا الباب، قرر رئيس “التيار الوطني الحر” السير فوق الرمال اللبنانية المتحركة لينعى وبشكل واضح النظام اللبناني. في بداية خطابه، كما في خلاصته، قال باسيل إنّ “نظامنا السياسي ليس مقدّساً ونستطيع ان نطوّره”، وعاد وكرر أنّ “نظامنا فشل ويحتاج الاصلاح، يجب ان تكون لدينا الجرأة لمقاربة هذا الموضوع على البارد، ولا ننتظر لتحمى الأمور وتقع المشاكل ويقع الحل على السخن”. في الواقع، يرى “التيار الوطني الحر” أنّ النظام استنفد نفسه وغرق في علله وثغراته، وها هو يتهاوى تحت وطأة ضربات الأزمة المالية والاقتصادية وقد انضمت إليهما الأزمة الصحية. أكثر من طرف أو فريق لبناني اشتكى من انحلال النظام، فيما هناك من يخشى من أن تكون دعوات التطوير مقدّمة لتكريس الشيعية السياسية في النظام مقابل تمسك الفريق المستقبلي بتطبيق “الطائف” وكل بنوده. لكن الجميع يتعامل مع النظام الحالي، على أنّه “مضروب” ولا بدّ من معالجته و”تلقيحه”.

وفق العونيين، إنّ الانهيار الحاصل على المستويات كافة هو الطريق الحتمي للبحث في النظام، سواء على المستوى السياسي أو المالي- الاقتصادي، وما قصد قول باسيل هو أنّه اذا كان النظر في الدستور ومندرجاته سيحصل في مطلق الأحوال، فلنسرّع من هذه العجلة ولنجلس بهدوء الى طاولة حوار مستديرة للنظر في جوانب النظام ونعمل على تطويره… وإلا فإننا سنجلس بـ”القوة” و”على الحامي”، في تكرار لمشهدية الطائف وما سبقها من حروب ودمار كلفت الكثير، قبل جلوس اللبنانيين الى طاولة النقاش الدستوري. عملياً، إنّ وضع باسيل اصبعه على النظام المتهالك، مبرر وفي محله، خصوصاً اذا اتخذت الأحداث طابعاً عنفياً أكثر وراحت صوب الدمار الشامل للمؤسسات، ما قد يؤدي الى اضعاف موقف المسيحيين وذهابهم إلى طاولة المفاوضات مكسورين أو أشبه بالديكور. ولهذا يعتبر العونيون أنّ هناك حاجة ماسة لاقناع الآخرين بضرورة التفكير مالياً وبصوت عال، ولكن بايجابية، في كيفية تطوير النظام وحماية ما تبقى من هيكل الدولة قبل انحلالها كلياً. ولهذا يؤكدون أنّ باسيل لم يقصد فتح النار بوجه القوى السياسية من باب اغلاق منافذ الحوار، وانما حاول توصيف الواقع السوداوي وعرض كل الاشكالات المطروحة على بساط الجدل والخلاف منذ سنوات، بدءاً بسلاح “حزب الله” وصولاً إلى النظام المالي والنقدي مروراً بالورشة الإصلاحية التي باتت مطلباً ملحاً، ليس فقط دولياً وانما محلياً للخروج من المأزق. ويشيرون إلى أنّه حاول مكاشفة اللبنانيين وليس الغرق في لعبة المناكفات والتجاذبات، داعياً الجميع الى طاولة حوار وطني تفلش كل الأوراق بشكل عميق وجذري.

ولهذا يقولون إنّ خطاب باسيل اتسم بالشمولية كونه تجاوز اشكاليات الحاضر التي تعكسها الخلافات حول تأليف الحكومة والتي استفاض رئيس “التيار” في تفنيدها وفي شرح تفاصيلها ولو بطريقة تهكمية أحياناً، ليثبت معادلة واضحة أمام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري: لا حكومة بشروطك، ولن يمكنك السير بالتأليف اذا لم تغيّر أداءك ومقاربتك. واجهه بما سبق له أن همس به في الغرف المغلقة: “نحن أقلّه، لا نأتمن سعد الحريري لوحده على الإصلاح”.

اذاً، لا تراجع من جانب الفريق العوني في ما خصّ شروط التأليف، وبالتالي لا حكومة في المدى المنظور اذا لم يقرر الحريري تغيير قواعد التأليف، وهو احتمال يبدو أيضاً صعباً.

يختصر العونيون خطاب رئيسهم بالقول: لقد انتهت صلاحية القواعد التقليدية في التعاطي السياسي ولا بدّ من بحث جديّ في ما هو أعمق من الطروحات القائمة. لم يعد بالإمكان الركون إلى اللعبة ذاتها والتي أثبتت فشلها. لا بدّ من مقاربات جديدة تساعدنا على تطوير مشروع بناء الدولة. الأكيد أن الوقت بات داهماً وصار لا بدّ من الجلوس سوياً على طاولة مستديرة تبحث الإشكالات في عمقها وليس في قشورها. أما الحكومة فتصير أهون الاشكالات اذا اقتنعت كل الأطراف بأنّ زمن المناورات انتهى وصار لا بدّ من التواضع والتفكير بهدوء كي لا نقع في المحظور مرة جديدة”!

وعليه، يصير السؤال: هل قرر جبران باسيل استخدام ورقة الدستور للتهويل على الحريري ودفعه إلى التراجع أو القبول بشروط “التيار”؟ أم هي بالفعل دعوة جدية تنمّ عن قناعة وزير الخارجية السابق بأنّ رياح التغيير ستهبّ في نهاية المطاف اذا ما انفلش الطوفان وأغرق معه كل شيء؟