Site icon IMLebanon

سلطة “الاستهتار” تسوق لبنان إلى “مناعة القطيع”

كتبت صحيفة “نداء الوطن”:

 

أكثر من 10 أشهر على دخول أول اصابة بـ”كورونا” قادمة من إيران. مدّة كانت كافية ووافية للقيام بإجراءات تحصّن مساحة لبنان (10452 كلم مربع) من هذا الوباء، وتعيد الحياة إليه كما حصل في ووهان المدينة الصينية البالغة مساحتها نحو 8494 كلم مربع.

وبينما يعيش صينيو ووهان رفاهية التخلّص من الوباء، ينزلق لبنان إلى ما دون الصفر، مسيّراً نحو التجربة الايطالية الكارثية من دون أي رادع. ولعلّ الأصح الاعتراف بأنّ اللبناني بات في صلب “مناعة القطيع” مساقاً نحو إبادةٍ جماعية فرضتها سلطة لا همَّ لها سوى البحث عن مكاسب سياسية، ووسط إطلالات إعلامية سئم منها مواطنون يرزحون تحت وطأة أزماتٍ متتالية فيما القيمون على البلاد منشغلون بتلميع صورتهم وتقاذف المسؤوليات. وهكذا أطلّ عليهم الوزير السابق جبران باسيل ناسفاً احتمالات تشكيل الحكومة، مغرقاً البلد في “إحباطٍ سياسي” متشعّب الفيروسات.

ويعقد بعد ظهر اليوم اجتماع استثنائي للمجلس الاعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون للبحث في الوضع الصحي وواقع القطاع الاستشفائي في البلاد. وعلمت “نداء الوطن” ان “اللجنة الفنية المخولة متابعة ملف “كورونا” رفعت الى المجلس توصية تتضمن نقاطاً صارمة تطالب بضرورة الاقفال التام لمدة اسبوع، اي منع تجول على مدار الساعة، تلتزم به القطاعات كلّها بما فيها المحال والسوبرماركت، ويُستثنى منه حصراً عناصر الجيش اللبناني، والصليب الاحمر، والاطباء، والصيدليات، وقد يقرّر المجلس الاعلى هنا حتى عدم السماح بفتح الصيدليات كلّها.

وذكرت مصادر اللجنة ان التوصية تتضمن اقفال المطار 7 ايام، ويعطى المواطنون 48 أو 72 ساعة لشراء حاجياتهم.

وجاءت دعوة المجلس الاعلى للدفاع بعد مناشدات سياسية ونيابية وبلدية. وتشير مصادر مطلعة الى “وجود معلومات مؤكدة حول بلوغ لبنان مرحلة خطيرة من تفشي الوباء، وبأنّ عدد الاصابات الفعلي كبير جداً، وبأنّ البلاد دخلت بالملموس مرحلة مناعة القطيع بسبب تراخي الحكومة في اجراءات الردع وتطبيق قرار التعبئة العامة ونتيجة استهتار المواطنين”.

واستعجل رئيس لجنة الصحّة النيابية النائب عاصم عراجي المسؤولين اتخاذ قرار “إقفال البلد”، مصرّحاً لـ”نداء الوطن”: “الاقفال العام يعني بلا استثناءات إلا القطاعات الطبية والافران والمرافق الضرورية. واذا تبين بعد الاقفال ان نسبة الاصابات تراجعت نفتح تدريجاً، علماً ان منظمة الصحة العالمية تنادي بالاقفال لـ6 اسابيع”.

ويؤكّد عراجي انّ الوضع كارثي. “فمصابٌ من أصل مئة بحاجةٍ الى غرفة عناية فائقة. وسُجّلت أول أمس نحو 5 آلاف اصابة، أي 55 مريضاً كانوا بحاجة الى عناية فائقة، ما يعني 50 غرفة عناية أو عزل يومياً. من أين نؤمّن كلّ ذلك؟ علماً ان المريض يبقى في العناية لفترة 3 اسابيع أو شهر أحياناً”.

وكشف عراجي ان “لجنة الصحة تجتمع اليوم لدرس اقتراح قانون معجّل مكرّر يسمح للدولة والشركات الخاصة باستيراد اللقاحات التي تريد والمعتمدة من منظمة الصحة العالمية”.

من جهته، أكد عضو اللجنة الوطنية للأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور عبد الرحمن البزري ان اقفال مطار رفيق الحريري الدولي لن ينفع للحدّ من تفشي الفيروس. وأوضح لـ”نداء الوطن” انّ 60% من حالات انتقال العدوى داخليّ، اي انّ هناك تفشّياً مجتمعياً داخل العائلة الواحدة، والسبب هو حالة التفلّت التي حصلت من دون رقيب او حسيب خلال الاسبوعين الاخيرين”، مشدّداً على “امكان تشديد القيود على حركة الطائرات والوافدين معاً من دون الحاجة الى اقفال المطار”.

ورأى البزري أن لبنان سيحصل على لقاح “فايزر” الآمن والأكثر فعالية، “ولكن مشكلتنا في عدم تحديث القوانين والتشريع، لأنّ الشركة المصدّرة بحاجة الى ضمانات للاستخدام الطارئ، وأعتقد أنه ستكون هناك جلسة عامة للبرلمان لإقرارها”، مشيراً الى انّ “هذا التأخير لن يحول دون وصول اللقاح في موعده المحدد في شباط”.

وعلى المقلب الحكومي، تشي المعطيات المتوافرة الى ان التأليف بات بعيد المنال، فهو كان يتم على اساس حكومة اختصاصيين مصغرة ومداورةً في الحقائب وفق التوازن الميثاقي، لكن حديث باسيل أمس أوحى بسعيه إلى حكومةٍ سياسية. وصعّد باسيل موقفه الهجومي ضدّ الحريرية السياسية والرئيس المكلف متهماً اياه بانتزاع صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي متسائلاً: “عن جدّ مصدّقين انّ الدستور جعل من رئيس الجمهورية باش كاتب فقط ليصدر المرسوم وليس ليوافق عليه؟ وهل هذا مفهومكم للطائف”؟

أطل باسيل في ثوب المعارضة متناسياً انه رئيس تيار رئيس الجمهورية ورئيس أكبر كتلة نيابية ويرأس اكبر كتلة وزارية، وقد تقاطعت دعوته الى حوارٍ وطني ينتج عنه تصوّر مشترك لنظامٍ سياسي جديد يضمن الاستقرار، مع دعوة “حزب الله”، فاصلاً ما بين النظام وموجبات تعديله وما بين السلاح الذي هو مسألة اقليمية “أبعد من قدرة اللبنانيين على حلّها”، معتبراً بذلك انّ المشكلة هي في النظام وليست في السلاح.