كتبت مريم مجدولين لحام في “نداء الوطن”:
فضحت “كورونا” في قضايا المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي ما كانت سياسات وزراء التربية المتعاقبين تحجبه، وهو أن “التعليم في لبنان” ليس إلا قطاع “المحرومين” في دولة بدّلت هويّتهم ووظائفهم من “رُسل المعرفة” إلى “مسلوبي العمر والجنى”. وبعد أن دخل الأساتذة بمختلف تسمياتهم مُعترك الإسترقاق الحديث، تدور اليوم معركة حامية مع وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، علّهم يُحصّلون بعضاً من حقوق الأجراء الطبيعية ومما يستحقونه من إنصاف رابض على قلوبهم منذ سنوات، فقد بلغ السيل الزبى!
يُلقي نمط استسهال تعب “الأوادم” بظلاله على قرارات وزارة التربية من جديد، إلا أنه هذه المرة كان قرار المجذوب، حول آلية التعليم عن بعد في المدارس الرسمية، خلال مرحلة الإغلاق العام، التي تستمر حتى نهاية شهر كانون الثاني الحالي (2021)، والقاضية بتقليص عدد ساعات التعليم للأساتذة المتعاقدين المتفق عليها مسبقاً بموجب عقد رسمي، وعدم احتساب الحِصص المعطاة سابقاً، قراراً قاسياً جداً اتخذ مقام “الشعرة التي قصمت ظهر البعير” فانتفض الأساتذة المتعاقدون وأعلنوا الإضراب العام والتوقف عن التدريس وطالبوا بالحصول على حقوقهم كاملة.
وبحكم الأوضاع المتردية في البلاد، تحوّلت وزارة التربية إلى قبلة “الطلبات المرفوضة” لأي مطلب من مطالب المتعاقدين الذين يمثلون 70% من الكادر التعليمي في التعليم الأساسي، ومقبرة الأمل في توفير الحقوق الوظيفية ومحطة قوننة ظلمهم. وفي التفاصيل تشرح رئيسة اللجنة الفاعلة للاساتذة المتعاقدين في التعليم الاساسي الرسمي نسرين شاهين لـ”نداء الوطن”، أن “الإضراب الذي انطلق منذ يومين جاء كردة فعل محقة لاتخاذ الوزارة قراراً بخفض عدد ساعاتهم التعاقدية خلال فترة الإقفال والتعليم عن بعد حتى 1 شباط 2021 حيث لا تُحتسب ساعاتهم كاملة، بحسب برامجهم الأسبوعية، وفقاً لما حصل في السنة الماضية، حيث علّم كل متعاقد ساعاته وفقاً لبرنامجه الأسبوعي ولا حتى هناك توجه لاحتساب الساعة 30 دقيقة لتفادي الضغط على الطلاب والأهالي خلال فترة التعليم عن بعد”.
وبحسبها، “بدا الوزير المجذوب متفهماً للمطالب ويحاول ما بوسعه، إلا أنه في مكان ما ربما مكبل اليدين”. وقد أمعنت في فصلهم عن الحل، تطوراتٌ تعاكس ما كان منتظراً من الوزير، ففي حين يعدهم شفهياً باعطائهم ساعاتهم في ما بعد، يرفض اصدار تعميم رسمي موقع، يكون ضمانةً لتأمين الساعات، وبرأي شاهين “إن الوعود بإصدار آلية توضح تكثيف وتعويض الساعات التي خسرها المتعاقدون قبل نهاية الأسابيع الثلاثة ما زالت حتى الساعة غير مضمونة، فكيف سيعوضون والأساتذة “راح عليهم” 6 اسابيع قبل رأس السنة لأن السنة الدراسية قد بدأت متأخرة (في 5 تشرين الثاني بدل منتصف من أيلول)، واليوم يضيفون أسبوعاً ونصف الاسبوع، أي ما مجموعه نحو 8 أسابيع، فمن أين سيؤمنون 8 اسابيع ونحن مقبلون على وضع صحي متفاقم؟”.
وتتابع: “يقولون إنهم يريدون راحة التلاميذ إلا أنهم بتصرفاتهم قلصوا الساعات إلى 3، وانهم سيكثفون التدريس في شباط لـ 8! بأي منطق؟ وإذا كان الحل هو التمديد لبعد شهر فأقصى ما يمكن تمديده هو حتى شهر حزيران لأن هناك العديد من التلامذة الذين ينوون التسجيل بالجامعة في الخارج أو في لبنان”.
ويقول ممثل اللجنة الفاعلة للأساتذة المُستعان بهم في التعليم الأساسي والثانوي في الجنوب حسن سرحان لـ”نداء الوطن”، إنه ومع “كل بداية عام نركض وراء “الساعة” و”الساعة” تهرب منا، نلعب لعبة القط والفأر، ولا عقد مبرماً كاملاً يضمن حقوق المتعاقد. تريدون بناء دولة على حساب الأستاذ الذي بالكاد يؤمن مدخوله المتواضع لقمة عيشه؟! صار لبنان بلد المناسبات والعطل والإضرابات، بدأنا متأخرين والصفوف لم تتقسّم وبالتالي نعلّم أسبوعاً ونتغيب أسبوعاً والآن صار مدخولنا 30$؟ هل يعقل ذلك؟”.
من جهته أوضح عمر اسماعيل لـ”نداء الوطن” أنه قد كثرت التسميات “متعاقدون قدامى، متعاقدون جدد، مستعان بهم، مدرسو المواد الإجرائية، صندوق اهل”، إلا أن حقهم واحد في التسميات التي أطلقتها عليهم وزارة التربية من منطلق “فرّق تسد”، واليوم حان وقت قول “كفى”، “كفى لأكثر من 20 سنة ظلماً، لا نحصل فيها على ضمان، بدل نقل ولا على معاش شهري، وعدا اننا قمنا بالتعليم اونلاين وتحملنا اعباء اقتصادية من جيوبنا من انترنت وهواتف ولابتوبات ولم يؤمن لنا شيء، وعدا انهم لا يدفعون لنا بدل الدورات التدريبية وكأن وقتنا حق لهم للتدريب والتعليم بلا مقابل، وفوق كل ذلك ينتقصون من نصابنا التعليمي وهذا ما اغضبنا، صار الراتب الشهري للبعض لا يتجاوز الـ300 ألف ليرة لبنانية، الليرة التي فقدت 80% من قيمتها فعلياً، لذا سنستمر بالاضراب المفتوح! لقد أعطوا عطلة ميلاد 16 يوماً، وقرروا انتقاص عدد الساعات الآن الى النصف فليتحملوا مسؤولية قراراتهم التي لم تراع ساعات المتعاقدين ولا حق تلميذ المدرسة الرسمية بتعليم متواز، على الأقل مع تلميذ المدرسة الخاصة الذي يحصل بشكل يومي على ست حصص تعليمية”.