ودّع أهالي الأشرفية والمتن الأمين العام السابق لـ”الاتحاد من اجل لبنان” مسعود الأشقر في مأتم أقيم في باحة مدافن كنيسة مار الياس في ديك المحدي.
واقتصر الحضور على العائلة والمقربين والاصدقاء تقدمهم النائبان ادي معلوف ونقولا الصحناوي ورئيس مؤسسة “نورج” فؤاد ابو ناضر ، في غياب عقيلة الراحل وابنته المصابتين بفيروس كورونا، التزاما بارشادات الكنيسة وقرارات وزارة الصحة حفاظا على السلامة العامة وبناء على طلب العائلة بمشاركتها الصلاة من المنازل وعبر فاسبوك.
ترأس الصلاة الجنائزية لراحة نفسه الاب اميل هاني الذي القى بعد تلاوة الانجيل المقدس كلمة رثاء قال فيها:”مسعود الاشقر هو الرجل الانساني الذي لا يتكرر والرجل النادر والفريد من نوعه ، هو ابن الايمان بدرجة اولى وبامتياز ولم يعش انقساما بين ايمانه بربه وعلاقته به وبين حياته السياسية والاجتماعية والوطنية ، فهذا الإيمان الذي تربى عليه في البيت الوالدي على يد والده الطبيب الذي تشهد المستشفى اللبناني الجعيتاوي على فضله وتعبه وامه المتطوعة في الصليب الأحمر اللبناني ما يقارب خمسين سنة عاشه في حياته اليومية وشهد له في التزامه الوطني والسياسي وبكل موقف او حدث استوقف حياته ونقله كالارث الثمين لزوجته التي اقترن بها ورزقهما الله اربعة بنات ربياهما على النهج الايماني والوطني عينه”.
وأضاف :”ما كلمة الرب في الإنجيل الا تجسيدا حسيا لكل حياة مسعود الاشقر، هو الذي رافق الرئيس الشهيد بشير الجميل وأسس معه القوات اللبنانية وأنشأ اول وحدة قتالية عالية الحرفة وتبنى شعار “الاشرفية البداية” ودافع بكل ما اتاه الله عن لبنان 10452 كلم2 ، وعشق الاشرفية وشوارعها واهلها لا سيما الضعفاء والمهمشين والمظلومين،وابى ان تسقط في حرب المئة يوم بأيدي الغريب”.
وتابع: “حين شعر بانقسام الطقم السياسي والحزبي لم يسمح لنفسه ان يدير سلاحه الى الداخل فقرر الاستمرار في المسيرة لكن بنهج الحوار والانفتاح والشراكة مع الآخر من اجل لبنان، فقد كان مقاتلا كل غريب حاول مد يده على لبنان ولم يكن قاتلا لشريكه في الوطن او لاغيا لاي رأي مختلف عن رأيه فظل بذلك وفيا ثابتا على مواقفه ملتزما بالقضية مناضلا، فرض احترامه حيثما حل”.
وأردف: “لم يغلق بابا او هاتفا امام اي سائل او محتاج، كل بيت وكل شخص معروف منه ومسجل في رأسه وقلبه ولم يذكر ان احدا قصده ورد خائبا”. وقال: “لن ننسى هذا المقاوم الذي قاوم حتى النفس الاخير بروح ايجابية وبنظرة الى المستقبل وبالامانة الى التاريخ، هو الذي قال” لن نقبل ان يزور التاريخ”، وهو الذي آمن بلبنان وسيادته واستقلاله ودافع عنه بالغالي والرخيص وهو الذي ادى واجبه للجيش اللبناني من دون سواه ووضع نفسه بتصرفه في احلك الظروف واقساها، هو بطل بكل ما للكلمة من معنى وقد سطر تاريخ حياته ببطولات الشرف والنزاهة والصدق والاخلاص ونظافة الكف ولم يلوث يديه بدم بريء، وهو المدافع الصلب عن الشرعية ولم يساوم على كرامة لبنان ووحدته واستقلاله ووضع مصلحة لبنان فوق اي مصلحة وفق ما جاء في كلمة نعي رئيس الجمهورية ميشال عون”.
وتابع: “رصيده ليس بالليرة ولا بالدولار، رصيده المحبة التي اظهرها وعاشها مع اهله واهل الاشرفية الذين كونوا عائلته الكبرى التي سهر عليها وعلى حاجاتها وسعى الى الفرح مع الفرحين والبكاء مع الباكين، وهم قد بادلوه هذه المحبة بالصلوات والطلبات ومسيرة الصلاة واضاءة الشموع على نية شفائه حين كان في المستشفى، وهو اليوم يتابع سهره على كل محبيه من مكان آخر حيث لا وجع ولا بكاء ولا تنهد بل افراح وسعادة ابدية الى جوار كل الاحبة الذين استشهدوا في سبيل لبنان والذين لم يغادروا يوما قلبه وصلاته”.
وقال :”البطل لا يموت والقائد يظل حيا في قلوب واذهان محبيه ومؤيديه، لم يمت برصاصة في الحرب ولا بشظية ولا بانفجار لكن قلبه انفجر من كثرة الحب الذي كان يضمره وهو سيظل حيا في كل زاوية من زوايا الانسانية وفي كل قلب زرع فيه شيئا من اخلاقه وقيمه. ونحن نؤمن ان مسيرة حياة مسعود الاشقر على الارض بكل تفاصيلها عبدت له الطريق نحو المدينة الثابتة في الملكوت السماوي لان ليس لنا هنا مدينة ثابتة انما ننتظر الآتية “.
وختم :”ما لم ينصفك به اهل الأرض لانك لم تنتظر اي مكافأة من اي انسان وما دخولك في السياسة الا للخدمة اكثر واكثر، سيكافئك الرب الديان العادل ويعوض عليك اضعاف واضعاف جزاء تضحياتك وامانتك ونضالك ومقاومتك الشريفة وما لم تستطع من جمعه في حياتك من افرقاء سياسيين اجتمعوا واجمعوا يوم وفاتك على كل صفاتك الحميدة ومواطنيتك العالية ومقاومتك الشريفة ونضالك الذي لم ينته”.
ثم القت ابنة الراحل رايسا كلمة وجدانية باسم العائلة عبرت فيها عن” حزنها العميق بفقدان الوالد الحنون والمحب الذي لا يعوض” مؤكدة” الاستمرار في مسيرة بالصمود والتواضع واحترام الآخر التي رسمها والدها “.
وبعد صلاة رفع البخور ووري الجثمان في الثرى في مدافن العائلة.
وكان جثمان الاشقر قد وصل عند الساعة الثانية والنصف الى مسقط رأسه في بلدة ديك المحدي المتنية على وقع المفرقعات النارية وقرع اجراس كنائس البلدة حزنا، كذلك ارتفعت في البلدة اللافتات المودعة والمعبرة عن الحزن لخسارته.
كما كان رفاق الراحل وأصدقاؤه ومحبوه قد تجمعوا صباحا امام مكتبه في الأشرفية وانطلقوا في جولة في شوارع المنطقة في موكب سيارات تحمل صوره وصولا الى مستسفى رزق ليواكبوا جثمان الراحل الى ساحة ساسين حيث اقيم له استقبال على وقع المفرقعات النارية والتراتيل والصلوات وسط نثر الارز والورود قبل انطلاق الموكب الى مدافن كنيسة مار الياس في ديك المحدي.