Site icon IMLebanon

في عدم التشكيل منفعة لأكثر من فريق… إعادة تعويم شعبيات منهارة

في كتاب المواقف الشعبوية للقوى السياسية على اختلافها في الداخل اللبناني، تقرأ اوساط معارضة للمنظومة الحاكمة برمتها منذ عقد من الزمن حينما كانت التسويات تنسج بين هذه القوى لمصالح خاصة وحصصية على حساب قضايا الوطن ومنعته التي انهارت بفعل هذه الممارسات فتقول لـ”المركزية” ليس النظام الذي دعا رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يوم الاحد الى تغييره هو سبب العلة كونه من وجهة نظره لم يعد صالحا، انما الطبقة السياسية برمتها ومن دون استثناء، هي علة العلل صلاحيتها منتهية وغير قابلة للاصلاح وتاليا لا خلاص للبنان في ظل وجودها وتحكمها بمصير البلاد والعباد.

في مقلب القوى الكبرى والكتل النيابية الوازنة التي كانت تدور في فلك ما اصطلح على تسميته في زمن ما، “14 اذار” يدور “المستقبل” و”الاشتراكي” والقوات اللبنانية”. احزاب اجتمعت على الملف الوطني السيادي في حقبة ما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتمكنت بعون دولي من اخراج القوات السورية من لبنان بعد مخاض عسير. ثلاث قوى سرعان ما فرقتها مصالحها وسار “كل رفيق بطريق”. هذا يهادن خوفا من السلاح وذاك يربط النزاع لمكسب سلطوي وآخر يسعى خلف تعويم شعبيته، حتى التقوا اخيرا على نقطة محاولة تعويض ما خسروه جراء ثورة 17 تشرين، عبر تقنية الخطاب الشعبوي وشد العصب الطائفي الذي بات سمة المرحلة بعيدا من قضايا الوطن المنهار ومصيره الاسود. “الاشتراكي”  ينشط في الميدان في اتجاه بيئته ليثبت لناسه انه الى جانبهم  في السراء والضراء ولن يحتاجوا الى شيء ما داموا معه. ينشئ المستشفيات يهتم بالزراعة وتأمين كل ما يحتاجه ابناء بيئته في زمن الفقر والجوع. في الموازاة يؤكد زعيمه وليد جنبلاط اصطفافه في المحور العربي المناهض لايران ويرفض تحالفات الاقليات التي يعتمد عليها مشروع التيار الوطني الحر وحزب الله.

القوات اللبنانية، تعتصم بالصمت في صومعة معراب تنتقد العهد واداءه وكل من لف لفيفه من حلفاء وفي شكل خاص حزب الله. تسعى وتضغط في اتجاه اجراء انتخابات نيابية مبكرة وفي اعتقادها انها ستقلب المعادلة السياسية وهي حكما مخطئة في مقاربتها، تضيف الاوساط المعارضة، لان الانتخابات ولئن احدثت فرقا بسيطا الا انها ستعيد انتاج السلطة بنسبة خمسين في المئة في الحد الادنى خصوصا في الشارع الشيعي الذي يمسكه الحزب بقوة. وفي حسابات معراب هنا ارتفاع في شعبيتها سيرفع عديد نوابها وحجم كتلتها البرلمانية على حساب التيار الوطني الحر الذي يكاد يخسر نصف شعبيته على الاقل.

تيار المستقبل المأزوم في وضعيته الشعبية والسياسية يدفع بقوة لاستعادة موقعه القوي في الرئاسة الثالثة ومصمم على مواجهة كل انواع العراقيل التي يرفعها في وجه الرئيس المكلف سعد الحريري الرئيس ميشال عون وتياره والذي بلغ امس مبلغا غير مقبول في قاموس الدستور والوطن والمواقع الرئاسية. بتمسكه هذا، يعيد شدّ العصب السني الذي تلاشى في شكل فاقع مع التسوية- النكبة التي ابرمها مع التيار الوطني الحر ورئيسه. وقد يكون عدم تشكيل الحكومة يسدي له خدمة كبيرة توسع هامش استعادة زمام المبادرة في الشارع السني المحبط.

اما على ضفة فريق “8 اذار” فشأن آخر. حسابات رئاسية ومشاريع عابرة للبحار ليس الا . التيار الوطني الحر الذي يتراجع شعبيا الى الحدود القصوى، اولويته رئاسية لا غير واتكاله على الحزب الحليف لايصاله كما اوصل سلفه الرئيس عون. حزب الله في مكان آخر تماما ، شعاره الفعلي المبطّن ” انا الرئيس وانا الدولة واللي مش عاجبو يبلط البحر”.  ليس مستعجلا او بالأحرى لا يريد تشكيل حكومة قبل 20 الجاري. يراهن على تطورات الخارج من ايران وملفها النووي الى البيت الابيض وسياسة سيده الجديد المفترض بحسب توقعاته ان تغير موازين القوى لمصلحة محوره، يحفّز حليفه البرتقالي على المطالبة بتغيير النظام لاضعاف صلاحيات السنّة باعتبارها تعيد للمسيحيين بعضا مما فقدوه في الطائف، كل ذلك تحت شعار استعادة الحقوق المسيحية من خلال عقد اجتماعي وطني جديد على البارد، كما قال باسيل الذي يلجأ الى المشرقية من خلال قيام علاقات وطيدة مع سوريا،” فاذا كانت سوريا بخير نحن كذلك والعكس صحيح” وقد استبدل السعودية والعرب في لبنان بسلاح حزب الله وايران. وبين الاصفر والبرتقالي يقبع الرئيس نبيه بري يساير الحزب هنا و”ينكز” التيار هناك وحساباته شأن آخر كليا، وخط الرجعة دائما محفوظ.

ان قوى سياسية لا تجتمع على مشروع سياسي وطني لا يمكن ان تبني او تعيد بناء دولة منهارة على غرار الجمهورية اللبنانية المدمرة المستباحة المطعونة كرامة شعبها بأداء مسؤوليها وما جرى في قصر بعبدا امس من تسريب للقاء رئاسي ومضمونه يشكل فضيحة الفضائح وأم انتهاك حرمة المؤسسات رمز الوطن او ما تبقى منه. ان لبنان لا يحتاج تغييرا للنظام بل لحكامه وقادته السياسيين من كبيرهم الى صغيرهم، وخلاف ذلك عبثا يبني البناؤون.