Site icon IMLebanon

الدولار يُحلّق صوب الـ9000 واللبنانيون يتقهقرون

كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:

لا الدعم رُفع عن سعر الدواء والطحين والمحروقات ولا الطلب على الدولار تفاقم في السوق السوداء أكثر مما هو متفاقم ليتابع منحاه التصاعدي وملامسته أمس عتبة الـ9000 ليرة وفق تسعيرة التطبيقات وتخطيه هذا الرقم لدى بعض الصيارفة. إنما يكفي استمرار انسداد الأفق حول تشكيل حكومة منتجة لتبقي على الأجواء التشاؤمية السلبية. فهل سيتابع الدولار ارتفاعه وما هو السعر المرتقب أن يصل اليه؟

أقفل سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية في السوق السوداء أمس عند 8950 ليرة لسعر الشراء، في حين سجّل سعر المبيع 8900 ليرة للدولار الواحد مرتفعاً من 8850 ليرة عن سعر إقفال أمس الأول.

بدل ان يؤدي دخول البلاد في مرحلة الإقفال التام الى وقف الأنشطة الإقتصادية والحد من الطلب على الدولار وتراجع سعره، ها هي العملة الخضراء تحلّق عالياً بحجّة إقفال المطار ووقف دخول بعض من الدولارات الى البلاد التي تعدّ بمثابة جرعة اوكسيجين، فضلاً عن فقدان أي أمل بتشكيل حكومة.

فصندوق النقد الدولي وفي سيناريو توقعه لتطور سعر صرف الدولار في لبنان أمام الليرة اللبنانية للأعوام الأربعة المقبلة، رأى أنه سيصل الى 9290 ليرة خلال العام الجاري. ولكن يبدو أنه سيتجاوز هذا الرقم في حال استمرت الأجواء السوداوية واستغلال هذا الأمر من قبل المضاربين من خلال التطبيقات الإلكترونية لترسيخ هذا الإرتفاع والتحكّم به.

بالنسبة الى صندوق النقد، قسم السيناريو الذي وضعه لسعر الدولار الى جزأين. الإحتمال الأول في ظلّ إقدام الحكومة على إصلاحات وتلقي مساعدات من صندوق النقد الدولي، والإحتمال الثاني اذا لم تبادر الحكومة الى بدء عملية الإصلاحات ولم تتلق اية مساعدات من صندوق النقد الدولي.

ووفق تلك المعادلة رأى صندوق النقد أن سعر صرف الدولار أمام الليرة سيصل الى 9290 ليرة اذا لم تحصل إصلاحات وسيتابع هذا الرقم منحاه الإرتفاعي الى 15329 في العام 2022، و 24500 ليرة في العام 2023 و 39241 ليرة في العام 2024.

أما في حال اختارت الحكومة الشروع بالإصلاحات، فإن سعر صرف الدولار لن يتعدّى بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي عتبة الـ6390 ليرة في العام الجاري والـ7029 ليرة في العام المقبل و7591 ليرة في العام 2023 و الـ8047 ليرة سنة 2024.

والمفارقة بين المقاربتين كبيرة وبذلك الدولار لن يرتفع بشكل كبير امام الليرة في حال وافق صندوق النقد الدولي على مساعدتنا وما استتبع ذلك من تحرير لسعر صرف الليرة أمام الدولار وهو أول شروطه للمساعدة في خطة النهوض بالإقتصاد اللبناني.

حاصباني: الخلل يرفع الدولار

وحول أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار امام الليرة، يقول نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني لـ”نداء الوطن” انّ الزيادة المستمرّة اليوم بعد استقراره لفترة بين 8200 ليرة و 8500 ليرة “سببها سياسي كما بات معروفاً”. ويضيف “كلّما اقتربت كمية احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية المتاحة للدعم الى نهايتها، كلّما زاد الطلب على الدولار من قبل المستوردين، ولغاية اليوم الدعم لا يزال مستمراً”.

ويلفت الى أنه “في الفترة الماضية كان هناك نوع من الإيحاء الإيجابي بتشكيل حكومة بعد تكليف الحريري، الأمر الذي حسّن سعر صرف العملة، إلا أن هذا الأمر كان موقتاً واصطناعياً، فعاد سعر الصرف الى “وضعه الطبيعي”، بسبب عدم الإستقرار ووجود عقبات أمام تشكيل الحكومة، وغياب أي خطط إستراتيجية لتنفيذ الإصلاحات ووضع حلول مالية ونقدية لسعر صرف العملة وإدارة النقد اللبناني”.

ويؤكّد حاصباني أنه “لا يمكن الإستمرار في حالة الإنتظار تلك، وعدم اتخاذ قرارات وخطوات، وطالما نحن مستمرون في تلك الحالة سنشهد خللاً في سعر صرف العملة وارتفاعاً بسعر الدولار”. وفي ما يتعلّق بالحلول قال حاصباني انها “موجودة وكثيرة وتتطلب وجود أشخاص في موقع القرار يتخذون خطوات للسير على أساس هذه الحلول، لا سيما كل ما له علاقة بسعر العملة وسياسة الدعم. والأخيرة يجب أن تكون مباشرة للمواطن وللعائلات بتمويل خارجي، اذ أن نسبة تتراوح بين 30 و 40% من السلع المستوردة والمدعومة تمّ تهريبها أو هدرها في السوق”.

إذاً الحلول معروفة ومتعدّدة لمعضلتنا المالية والإقتصادية والمصرفية، ولكن القرار واحد وهو التوافق السياسي والشروع في الإصلاحات. ماذا ينتظر السياسيون بعد؟ هم الذين حوّلوا الأموال التي جنوها من فسادهم الى الخارج، والآن ها هم يتفرّجون على باخرة لبنان تغرق بينما المواطنون يموتون من الجوع ويتقهقرون كلّما ارتفع سعر الدولار واستباحنا وباء كورونا.