كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”:
مع ازدياد مستوى التدهور الصحي والاقتصادي والاجتماعي وغياب شامل للبحث عن الحلول تستمر المراوحة في تشكيل الحكومة مع تسجيل اعلى مستويات الخلافات والاتهامات بين اركان الدولة، والتي بدورها تتسبب في انهيار البلد والسير به نحو المزيد من المجهول، في ظل وجود رئيس مكلف لتشكيل حكومة مكبل بالشروط امام وضع العصي في دواليب التأليف، ورئيس حكومة اخر يصرف الاعمال وعاجز عن اتخاذ القرارات كون حكومته مستقيلة.
وكما اصبح معروفا فان الرئيس المكلف سعد الحريري قدم الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اكثر من تشكيلة حكومية وكان اخرها منذ قرابة الشهر، ولكن الاخير لا يزال على موقفه الرافض لكل تشكيلات الحريري لاسباب منها المعروف ومنها المجهول. وفي هذا الاطار سألت «اللواء» الخبير الدستوري سعيد مالك عن صلاحيات رئيس الجمهورية برفضه التشكيلات التي يعرضها الرئيس المكلف، فأشار مالك الى انه تبعاً لأحكام الدستور ليس هناك مهلة محددة للرئيس المكلف لتشكيل الحكومة وبالتالي لتقديم تشكيلته الحكومية، وكذلك الامر فإن رئيس الجمهورية ليس ملزما دستوريا لقبول أي تشكيلة مقدمة له من قبل الرئيس المكلف، كاشفا ان تشكيل الحكومة مرهون وبحسب دستور الطائف الى الاتفاق ما بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الذي يحق له ان يبقى مكلفا الى لا نهاية، وباستطاعته الاستمرار في تقديم المسودات تباعاً، كما يحق لرئيس الجمهورية بقدر ما يشاء ان يرفض او يعترض على هذه المسودات ويطلب من الرئيس المكلف تعديلها، ويرى مالك بأنه لا يمكن ان تحل الامور الّا بالتوافق السياسي، مشددا على وجوب اعادة النظر ببعض بنود اتفاق الطائف في حال تم التوافق على تعديله مستقبلا، لا سيما في ما يتعلق بتحديد المهل المعينة لهذه الامور، وان يصار الى تحديد المهل ان كان لجهة الاستشارات النيابية الملزمة او للرئيس المكلف ليشكل حكومته او لتحديد صييغة تكون عادلة بين شرائح الوطن.
ويذكّر مالك انه في العام 2011 حين تم تكليف الرئيس تمام سلام تشكيل الحكومة دام الامر اكثر من 11 شهرا بسبب عدم وجود مهلة محددة للرئيس المكلف لتقديم تشكيلته وليس هناك مهلة لرئيس الجمهورية ان يقبلها او يرفضها.
وحول ما اذا لم يتم تشكيل حكومة في الفترة المقبلة ووصلنا الى الانتخابات الرئاسية يقول مالك: «انه في حال الوصول الى موعد الانتخابات الرئاسية في ظل عدم تشكيل حكومة فانه لا تستطيع الحكومة الحكم الا بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، كما ان حكومة تصريف الاعمال هي مستقيلة ولا غطاء لها من قبل البرلمان، مما يعني انه اذا وصلنا الى هذا الامر نكون امام مأزق حقيقي ويكون عنوانه «الفراغ ضمن اطار السلطات».
وحول امكانية اجراء انتخابات نيابية مبكرة يعتبر مالك «انه من الثابت في جميع الدول الديمقراطية والمتقدمة وامام مثل هذا المأزق بالنسبة لتشكيل الحكومة وعدم التمكن من الاتفاق على الفريق السياسي الحاكم يذهب المجتمع نحو انتخابات نيابية مبكرة، وهذا هو المطلب الاساسي لان الشعب هو مصدر السلطات عملاً بالفقرة «دال» من مقدمة الدستور اللبناني، بما يقتضي الذهاب لانتخابات نيابية المبكرة لتنجلي بعدها رؤية المجتمع وولادة حكومة تكون لها كلمة الفصل في شتى الامور، مشددا على انه ليس بالامكان الخروج من هذا الواقع المأزوم الذي نعاني منه اليوم الا بانتخابات نيابية مبكرة بشكل ثابت واكيد».
ويؤكد الخبير الدستوري انه ولكي نذهب الى انتخابات نيابية مبكرة يجب على مجلس النواب اقرار قانون تقصير مهلة ولايته، وهذا الامر بحد ذاته بحاجة الى توافق كامل وشامل بين كافة الافرقاء وبالتالي اليوم في حال استمر كل فريق متمرس خلف مطالبه سينهار الوطن على ابنائه.
وحول ما اذا كان لبنان امام مرحلة دستورية جديدة يقول مالك: «من الممكن ان نكون امام نظام جديد، او مؤتمر تأسيسي جديد، لانه ثبت ان هناك الكثير من الثغرات في اتفاق الطائف، لذلك يقتضي اولا تطبيق الدستور اي الطائف بكافة مندرجاته ومعالجة الثغرات في حال وجدت، والا اذا لم يكن هناك من نية لتطبيق الطائف او دستور الطائف او نية لسد هذه الثغرات نكون امام واقع الذهاب الى خيار اخر وهو نظام جديد يمكن ان يُبحث ضمن اطار مؤتمر تأسيسي جديد للبنان برعاية اقليمية دولية او غيرها».
ويأمل مالك ان يكون هناك احتضان دولي او عربي او فاتيكاني لما يعاني منه لبنان لايجاد الحلول الناجعة له للخروج من مأزقه، خصوصا انه اصبح في عنق الزجاجة وهو بحاجة الى مساعدة ومؤازرة وتأييد ومباركة عربية او خليجية او اميركية او اوروبية او فاتيكانية للخروج من هذا المازق.
وردا على سؤال حول ما اذا حصل مكروه لرئيس الجمهورية في ظل حكومة تصريف اعمال ورئيس حكومة مكلف، يشير مالك الى ان المجلس النيابي حينها يتحول الى هيئة ناخبة لانتخاب رئيس جديد.
وعن سبب امتناع الرئيس حساب دياب دعوة مجلس الوزراء الى الاجتماع يقول مالك: «بحسب المادة 64 فإن الفقرة 2، تنص بشكل واضح وصريح بان الحكومة بعد تقديم استقالتها تصبح في حال تصريف اعمال بالمعنى الضيق، ولكن في الوقت الراهن ندعو الرئيس دياب للذهاب بهذا الاتجاه لانه من الضروري ان يعقد مجلس الوزراء جلسة له في حال كان هناك خطر داهم ومحدق في البلاد، كما هو الوضع التي نعاني منه حاليا خصوصا في ظل انتشار وباء قضى على الحجر والبشر، وفي ظل ازمة اجتماعية باعتبار اننا في مرحلة استثنائية جدا وحساسة، وعلى رئيس الحكومة المستقيل عدم التنصل من مسؤوليته لان الاوضاع تستوجب الدعوة لعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لبحث الازمات التي يتخبط فيها البلد، معلنا الى ان الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور تشير الى ان ليس باستطاعة رئيس الجمهورية الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء الا بالاتفاق مع رئيس الحكومة.
ويبدي مالك في الختام اسفه لما وصل اليه الوضع في ظل عدم توافق سياسي ويقول للاسف يبدو ان الوضع حاليا «مكانك راوح».