تراقب الاوساط الدبلوماسية باهتمام بالغ الحركة الاسرائيلية في لبنان وسوريا مع انتهاء ولاية الرئيس دونالد ترامب وعشية تسلم جو بايدن قيادة الادارة الاميركية الجديدة، اذ كثفت اسرائيل مع انتهاء ولاية ترامب وخسارته معركة التجديد طلعاتها وغاراتها. وتعتبر ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول الانتهاء من النفوذ الايراني في سوريا قبل الانتخابات الرابعة في تل ابيب، بحيث يستخدم هذا الانجاز في معركته ضد اخصامه ويسعى لتعويم وضعه الانتخابي.
وتستهدف اسرائيل في قصفها المواقع الايرانية في سوريا واذرعها العسكرية والمخازن والمصانع والمستودعات التي تحوي السلاح والصواريخ الايرانية التابعة للحرس الثوري اضافة الى بعض مصانع السلاح في منطقة الزبداني حيث تمكن عناصر الحرس الثوري واذرع ايران العسكرية من حفر انفاق ومخازن في الجبل.
آخر الضربات التي شنّها سلاح الجو الإسرائيلي كان فجر الاربعاء على مخازن أسلحة ومواقع عسكرية في المنطقة الممتدة من مدينة دير الزور إلى الحدود السورية العراقية في بادية البوكمال. ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات استهدفت القوات النظامية السورية وقوات إيرانية تدعمها ومقاتلين من “حزب الله” الذي يقاتل إلى جانب قوات النظام. وتعهّدت إسرائيل باستمرار منع إيران من ترسيخ وجودها العسكري في جارتها الشمالية. فهل تدخل هذه الغارات من ضمن خطة لتعويم لنتنياهو قبل الانتخابات الاسرائيلية؟
مدير “معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية” الدكتور سامي نادر قال لـ”المركزية”: “لا اعتبرها تعويما لنتنياهو بقدر ما هي تكتيك في اطار الفترة الانتقالية، بين ادارة اميركية واخرى، ترافقت مع تصعيد كبير في الملف الايراني، حيث بإمكان الطرفين، في الوقت نفسه، وفي فترة من الفترات، ان يقوما بمخاطرة او بأعمال ما. فالادارة الاميركية الراحلة يمكنها ان تفعل أي شي. هذه الفترة مثالية بالنسبة لها، لأنها لا تخضع للمراقبة والمحاسبة وبالتالي، اذا ارادت ان تُلزِم الادارة التي بعدها بأي عمل، فالآن هو الوقت المناسب”.
وأضاف: “في المقابل، من مصلحة الطرف الايراني ان يتصلّب كي يعزز اوراقه التفاوضية قبل وصول الادارة الجديدة. وبالتالي وبما ان اسرائيل مرتبطة بهذا الملف تحديداً، فهذه فترة عالية السخونة، او مرحلة التوتر العالي، ومن الطبيعي ان تكون بعيدة عن كل الاهداف الانتخابية التي تدخل في ما بعد، لأن باستطاعة نتنياهو ان يقوم بعملية عسكرية ويسقط فيها وترتد عليه انتخابياً. نتنياهو لم يقم طيلة حياته بمغامرة او بعملية عسكرية، ولا اعتقد انه سيقوم بذلك الآن. نقطة ضعفه بالنسبة ليمينه هو “انه غير حاسم في المسائل العسكرية”.
ورأى نادر “ان هذا التصعيد متعلق بهذه الفترة ومرتبط بالملف الايراني، حيث يسعى الطرفان، الادراة الاميركية واسرائيل، وكل واحد لمصلحته، لتكريس المكاسب التي حققتها كل جهة على الارض في مواجهة ايران ولا تريد ان تسمح لها ان تتسلل او تلتف عليها. ومن ناحية اخرى، فإن الطرف الايراني، أصدر قانوناً يسمح له بالتخصيب بنسبة 20 في المئة، اي انه خرج عملياً ومؤسساتياً من الاتفاق النووي وقد يلجأ ايضاً الى عرض عضلات من اجل تحسين موقعه التفاوضي في مواجهة الادارة الاميركية”.