بعد الهجوم الناري من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على الرئيس المكلف سعد الحريري، لم تبد الاشارة الايجابية التي تعمد تكتل لبنان القوي إرسالها في اتجاه بيت الوسط، من خلال الدعوة إلى إعادة التواصل مع رئيس الجمهورية ميشال عون في الشأن الحكومي كافية لرأب الصدع بين الجانبين، خصوصا أن المشكلة ما عادت محصورة في الاختلاف السياسي، بل تعدته إلى نوع من التصعيد ذي الطابع الشخصي، الذي قد يبقى عصيا على الحل.
وفي السياق، اعتبرت مصادر سياسية، عبر “المركزية”، أن خطوة تسريب الفيديو الشهير لعون ورئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب حملت رسائل كثيرة، خصوصا لجهة التوقيت. ذلك أن التسريب أتى غداة الهجوم الباسيلي العنيف على الحريري، مع العلم أن مصادر بعبدا لم تنف كلام الرئيس عون (الذي اتهم الحريري بالكذب)، بل اكتفت باستنكار اجتزاء الكلام. ولفتت إلى أن أهم ما في الأمر أن كلام عون، الذي يرى فيه البعض إهانة للحريري، لم يلق ردا من دياب، ما رفع منسوب الكلام عن أن ما جرى الاثنين أصاب موقع رئاسة الحكومة في الصميم، في وقت تكبر فيه المشكلات في المنطقة على وقع التغييرات الكبيرة التي تسجلها.
وبحسب المصادر، فإن المصالحة الخليجية الأخيرة بين دول مجلس التعاون وقطر في “قمة العلا” قد تقلب المعطيات رأسا على عقب، خصوصا إذا ما اتبعت بخطوات من شأنها تعزيز الوحدة العربية في مواجهة المد الايراني في الشرق الأوسط. ولا تستبعد المصادر أن تكون الزيارة المباغتة التي بدأها أمس إلى الامارات الحريري خطوة في هذا الاتجاه، خصوصا إذا صحت المعلومات عن أن المحطة التالية ستكون في مصر، راعية العالم العربي وصاحبة الحضور البارز في العالم الاسلامي، وربما دولة خليجية اخرى ذات فاعلية وتأثير، ما قد يؤشر إلى تحركات سنية واسعة النطاق وشديدة القسوة السياسية في المرحلة المقبلة، متوقعة تصعيدا محليا موازيا في مواجهة ممارسات العهد ضد الحريري في انتظار أن تدق ساعة التأليف.