Site icon IMLebanon

النزاع على أراضي جبيل تابع: استخدام فائض القوة لعبة خطيرة

لا حل نهائيا للخلافات الاهلية في جرد جبيل بين اهلها المسيحيين من جهة، وأبنائها الشيعة من جهة ثانية، بل علاجات موقتة بحِقن مورفين، تُسكّن الاجواء لفترة، لكن ما يلبث تأثيرها ان يتلاشى امام اول احتكاك، فيشتعل من جديد الجمر القابع تحت الرماد. فصباح امس الاربعاء، اعلن رئيس وأعضاء المجلس البلدي في مجدل العاقورة عن تعرض 3 من أبناء البلدة إلى إطلاق نار من جهة  أفقا، بينما كانوا يقومون باستصلاح أرضهم المملوكة والممسوحة باسمهم في منطقة عين بحر في البلدة. وفور حصول الحادث، تحرك رئيس البلدية سمير عساكر وتبين ما يلي:

1- أبناء البلدة من آل عساكر يقومون باستصلاح أرضهم بموجب رخصة حصلوا عليها من قبل بلدية المجدل كما كانوا قد أبلغوا مخفر قوى الأمن الداخلي بقيامهم بالأعمال الزراعية.

2- في حين قيامهم بالعمل توجه إليهم رئيس بلدية أفقا على رأس وفد من البلدة بكلامٍ نابٍ وادعوا أن هذه الأرض هي في خراج بلدة أفقا، بينما الحقيقة ساطعة بأن الأرض ممسوحة ومملوكة ومسجلة في الدوائر العقارية وتقع في نطاق بلدة مجدل العاقورة.

3- اتصل فوراً رئيس البلدية بالقوى الأمنية وطلب منهم التدخل وقاموا بوضع حد للنزاع القائم على الأرض.

4- بعد مغادرة قوى الأمن الداخلي للمكان واستكمال الأعمال في الموقع، تعرّض أبناء المجدل لإطلاق نار كثيف مصدره بلدة أفقا.

الأخطر، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، هو ان النزاع العقاري حول هذه الاراضي، وعمره سنوات، يدور بين طرفين غير متكافئين. الاول ملجأه الدولة والقانون والاجهزة الامنية. اما الثاني فلا يأبه لكل هذه المعطيات، بل يستند الى فائض قوة تجعله اقوى من القانون والدساتير، فائض قوة مدّه به فريقُه السياسي، اي “حزب الله”، علما بأن الاخير لا يخفي هذه “التهمة”، ولا يحاول حتى اخفاءها!

فبعيد الحادثة الصباحية، وفي موقف نافر لا يخلو من التهديد، طالب المفتي الشيخ عباس زغيب قائد الجيش العماد جوزيف عون بألا يتعاطى بطائفية مع ابناء جبيل ودعا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى ان يكون صاحب موقف ابوي من قضية املاك الكنيسة، وإلا فليتحمل مسؤولية الدماء اذا سقطت. وقال، في تصريح الاربعاء: “كنا ولا نزال وسنبقى في لبنان، ندافع عن التعايش الاسلامي المسيحي، ونحن لا نقبل ابدا بالاعتداء على املاك الكنيسة، وفي الوقت نفسه لن نقبل بالاعتداء على املاك اهلنا في منطقة جبيل، ولن نقبل بأن يتعاطى الجيش والقوى الامنية معهم بطريقة سلبية تلبية لراع هنا ومطران هناك، لأن وظيفة الجيش والقوى الامنية الدفاع عن كل مواطن لبناني مظلوم ومعتدى عليه”. وأضاف: “لذلك، فإننا نطالب قائد الجيش بألا يتعاطى بطائفية مع ابناء جبيل، لأن لغة الطائفية تجر توترات على مستوى كل لبنان، وهذا ما لا نريده، لأننا نعتبر الجيش راعي الوطن، وليس من مصلحته او مصلحة لبنان الانجرار الى الفتنة، لأن الاستقواء من الجيش على اهلنا مرفوض ولا يمكن السكوت عنه”.

وبينما تشير المصادر الى ان القاصي والداني بات يعرف ان الاوراق والمستندات تثبت ان الاراضي، التي يقال انها متنازع عليها، تعود للكنيسة او لأهل المنطقة المسيحيين، تلفت المصادر الى ان رفض المرجعيات الشيعية لهذا الواقع لا يبدّل فيه شيئا. وتحذر من ان اصرار البعض على اللجوء الى القوة والاستفزازات والتعرض للمزارعين والاهالي وأمنهم، قد يقود الى ما لا تحمد عقباه، الا اذا بقيت الدولة الى جانب “الحق”، ولم ترضخ لقوى الامر الواقع وتهديداتها.