كتب عيسى يحيى في صحيفة نداء الوطن:
عادت بلدة طفيل اللبنانية إلى دائرة الضوء بعد النسيان الذي طالها على مدار السنوات الماضية، تلك البلدة التي تشكل خاصرة لبنانية داخل الأراضي السورية، حكم عليها الحرمان على مدى العقود الماضية حتى أصبحت تُعدّ بلدةً سورية ويستحصل سكّانها على حاجاتهم من الداخل السوري، بما فيها الكهرباء.
لم يكن حال بلدة طفيل كسائر البلدات اللبنانية عند أطراف السلسلة الشرقية، والتي حكمت عليها الجغرافيا بهذا الموقع بمساحة تزيد عن 52 كلم، فكانت منسيةً لا تُذكر إلا عند الإستحقاقات الإنتخابية النيابية، ولم يزرها أي مسؤول لبناني طوال السنين الماضية. فالطريق الترابية التي تصلها بمحافظة بعلبك ـ الهرمل تحتاج ساعات من التعب، حيث كان أهلها يقصدون الأراضي اللبنانية للإستحصال على إخراج قيد أو أوراق رسمية من بلدة عسال الورد السورية وصولاً إلى بعلبك عن طريق معبر المصنع الحدودي. وخلال الحرب السورية، هُجّر أهالي البلدة والتي تقطنها عائلات لبنانية وسورية بفعل دخول المجموعات المسلّحة اللبنانية والسورية إليها، سواء القريبة من النظام السوري او المعارضة لتتحول إلى نقطة حرب بينهما، ليعود الأهالي منذ ثلاث سنوات بعد تسلّم الجيش اللبناني المراكز والنقاط الحدودية عند السلسلة الشرقية من معربون حتى عرسال والقاع.
تعود ملكية أراضي بلدة طفيل إلى مصرف لبنان والذي يملك 1800 سهم من أصل 2400 سهم كان إقطاعي من آل الفلا قد رهنها للمصرف منذ الثمانينات مقابل مبلغ مالي ضخم ثم سافر إلى خارج لبنان، فيما الـ 600 سهم الأخرى تعود ملكيتها لشخص من آل خنافر وهي غير مرهونة للمصرف. وكان خنافر قد عرضها للبيع وإشترتها شركة “سيزر” منذ سنتين، واستحصلت على سند تمليك من المرجعيات المختصة. ومنذ أشهر، وإثر قيام شركة “سيزر” بأعمال التجريف في العقار الذي إشترته للبدء بمشاريع تنموية في البلدة، قامت الدنيا ولم تقعد، وبدأ الأهالي الإعتراض على الأعمال وتقديم الشكاوى بحجّة أنهم يملكون الأراضي من دون أي سندات تمليك، واتهام النظام السوري و”حزب الله” بالوقوف خلف هذه الأعمال لوضع اليد على البلدة.
وحول ما جرى ويجري، أشارت مصادر خاصة في حديث لـ “نداء الوطن” الى أنّ “الإتهامات الشخصية التي سيقت بحقّ إبن البلدة حسن محمد دقو، وبأنه مجنّس حديثاً لا تمتّ إلى الواقع بصلة، فهو لبناني أباً عن جدّ، وعاش طفولته في البلدة، ولا علاقة للنظام السوري أو “حزب الله” بكلّ ما يجري في البلدة، بل عمل مع النظام السوري من خلال علاقاته، على استعادة أكثر من 20 ألف دونم من أراضي البلدة كانت قد ضمّت للأراضي السورية خلال وضع السواتر الترابية جرّاء الأحداث، مضيفةً بأنّه قاتل الجميع خلال الأحداث لأجل أهل البلدة، وأنه متواجد في البلدة منذ العام 2009 ويقدّم المساعدات للناس”.
وأضافت المصادر أنّ “المشاريع التي تقوم بها شركة “سيزر”، من إعادة تشجير للأرض والتي ستصل إلى 200 ألف شجرة وفق تعهّد قُدم إلى وزارة الزراعة، إضافةً إلى معامل الأجبان والألبان والمياه ستوفر آلاف فرص العمل لأبناء البلدة والقرى المجاورة، هذه القرى التي تحتاج إلى من يقف الى جانبها ويقدّم لها المساعدات في غياب الدولة. مشيرةً الى أنّ “البلدة اليوم تقطنها 10 عائلات لبنانية من أصل 25، و80 عائلة سورية يتهجّمون على المشروع الذي تقوم به الشركة كلّ يوم، ما أدّى إلى فرار أكثر من 300 عامل خوفاً على أرواحهم”. وأعلنت بأنّ دقو زار العديد من المرجعيات لوضعهم في أجواء ما يحضّر من مشاريع للبلدة بمن فيهم الرئيس سعد الحريري، وهو منفتح على جميع الطوائف والفئات”.
الإشكالات التي حصلت أخيراً وإطلاق الرصاص أدى إلى تعطّل محوّل الكهرباء في البلدة، سبقه تحذير من الدولة السورية بقطع الكهرباء عن طفيل لأنّ الدولة اللبنانية متخلّفة منذ سنتين عن دفع المتوجبات المالية للحكومة السورية والتي تبلغ أكثر من 600 مليون ليرة، وفي مبادرة منه، تكفّل “حزب الله”، وبعد مراجعات من أبناء البلدة ولقاءات، بدفع المستحقّات للحكومة السورية. وبالفعل قام وفد من “حزب الله” بزيارة البلدة وتركيب محوّل كهرباء جديد، ثم عقد لقاء في منزل حسن دقو في البلدة تمّ خلاله الإتفاق على تشكيل لجنة من “حزب الله” والمرجعيات الدينية ومختار البلدة لحلّ الإشكال بين الشركة والأهالي، بما يرضي جميع الأطراف ويحفظ حقوقهم. وخلال اللقاء أشار النائب إبراهيم الموسوي الى أنّ “حزب الله” إلى جانب بلدة طفيل وكل المناطق الحدودية، “تلك البلدات التي إستشهد عند تخومها إخوة لنا للدفاع عنها، و”حزب الله” الذي قدّم الدماء لن يبخل بأي شيء آخر”، مضيفاً بأنه “لا تهجير لأهالي طفيل، وهناك تعويض على الجميع”.
في المقلب الآخر، هناك دعوات معترضة على المشاريع التي تقوم بها الشركة، وعمليات قلع الاشجار وصلت إلى حد رفع دعاوى في حق الشركة وصاحبها، وتطرقت في نصوصها إلى فضائح في عمليات شراء الاراضي التي لا تتضمن براء ذمة من مصرف لبنان، فضلاً عن استخدام الاسلحة لفرض المشاريع بالقوة.