لفت المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى أن “البلد يعيش حال انهيار، المديونية العامة أصبحت تاريخية، الخصومة السياسية تجري على طريقة قاتل أو مقتول، بعض الأدوية الحساسة والضرورية نفتقدها، سلطة الدولة تتبدد، جائحة كورونا تأكل بلدنا، الوسيط الدولي يمارس سياسة خنق لبنان، ويدفع به نحو المجاعة والفوضى والفلتان، الوسيط الداخلي يكاد يكون وكيل خصومات أكثر منه مشروع إنقاذ، اللاثقة بين القوى السياسية بلغت ذروتها، حكومة تصريف الأعمال غير موجودة، لا هي ولا الأعمال، وأكثر وزراء هذه الحكومة غائب عن المشهد، وكأنه في بلد آخر، الإدارات تعيش الفلتان، والمؤسسات العامة في خراب، والجريمة شاملة، وعصابات محترفة تجتاح مناطقنا”>
وأضاف، في رسالة الجمعة إلى اللبنانيين: “وسط هذا المشهد، هناك من يعتقد أن إعادة تكوين لبنان تحتاج إلى حرب وفوضى ومتاريس وتدويل، فيما البعض الآخر يعمل على تجويع البلد لفرض دفتر شروط للبنان الجديد، وبعض ثالث يعتقد أن التحول الدولي الإقليمي سيدفع بفوضى داخلية لإعادة توظيف لبنان حسب الأجندة الأميركية. وفي هذا السياق – وليس خافيا على أحد – أن واشنطن تصر على إعادة خلط لبنان ديمغرافيا عبر الدفع نحو توطين النازحين واللاجئين كأساس لخلط الديمغرافيا بالجغرافيا، وتوازيا مع كل ذلك، ذئاب الأزمة الاقتصادية والتجارية والنفوذية يحتكرون كل شيء، ويمارسون حرب استنزاف، مالية وسوقية، لا سابقة لها، فيما لبنان يغلي بالأزمات، وقرقعة حرب المنطقة في أعلى منسوبها”.
وحذر من “تفكير البعض بتحويل البلد إلى جذر طائفية لأننا سنواجه وكل الخلص أي مشروع تقسيمي بكل ما أوتينا من قوة. وللجالسين في أبراجهم العاجية، أقول: زمن الاقطاعيات السياسية في طريقه للسقوط، والمطلوب من الشعب اللبناني التضامن للتغيير، ولكن ليس على طريقة الغرف الممسوكة من السفارات. وبخاصة أن التجربة السياسية الماضية فاشلة تماما، فهي عبارة عن مشروع لصوص، أكثر مما هو مشروع سلطة وإدارة بلد ومواطن. فيما كثير من السياسيين ليسوا أكثر من أدوات في معركة تدمير الدولة والبلد. ولم يعد سرا ما تقدمه واشنطن ووكلاؤها الإقليميون لقنوات ومواقع إعلامية، همها الفتنة وتمزيق البلد. فالمعلوم المؤكد ان التمويل الإقليمي في هذه الأيام يدفع نحو التخريب وتهديد مشروع الدولة”.
وأكد أن “المطلوب اليوم تأليف حكومة إنقاذ وقرار، حكومة وظيفتها حماية وحدة لبنان وعيشه المشترك وسلمه الأهلي، حكومة إنقاذ وطني، لأن البلد ينجرف نحو الهاوية، والحقد الطائفي في أعلى ذروته، وهو أكثر ما نخشاه على لبنان واللبنانيين. فعلى أهل الحل والربط أن يتنازلوا ويتواضعوا ويخرجوا من أنانياتهم لمصلحة الوطن الذي ليس ملكا لأحد منهم”.
وأشار إلى أن “علة مشاكلنا في بلدنا هو ابتعاد الناس عن التعاليم الدينية والأخلاقية والإنسانية، بسبب صيغة الطبقية، وصيغة النظام السياسي الطائفي، وفشل القيم الوطنية، واستبداد القوى السياسية وتجذر الأنانية الفردية والطائفية والحزبية، ما حول هذا البلد وناسه إلى فريسة ممزقة بأنياب ذئاب السياسة والمال. من هنا كانت مطالبتنا بضرورة تطوير الصيغة السياسية للوطن بهدوء، لأن أزمة لبنان تتجذر بهويته الطائفية، فضلا عن الفشل الذريع بقوانين السلطة، التي أعطت قوى المال والنفوذ السياسي القدرة في السيطرة على الثروة والموارد والقرار السياسي المالي”.