كتب رمال جوني في صحيفة نداء الوطن:
على عكس الاقفال السابق، التزم الناس منازلهم في يوم الإقفال الأول، بعدما وصل “كورونا” الى كل المنازل، وباتت كلّ قرية تتخبّط بالأعداد الكبيرة التي تسجّلها يومياً، والعين على الايام التالية. فهل ستحمل التزاماً شاملاً؟
وحدهم شبان “الدليفري” كانوا أسياد الطرقات، درّاجاتهم النارية لا تهدأ، فالطلب كبير، على حدّ قول يوسف أحد الشبان الذي استغلّ الاقفال ليشتغل عامل “دليفري” للقرى، يرى بالأمر “فرصة موقّتة بعد معاناة مع البطالة”، ويؤكّد أنّ هاتفه لا يهدأ، جازماً بأنّه يتبع كلّ إرشادات الوقاية والتعقيم. حركته لا تهدأ، متنقّلاً بين محل دجاج وملحمة ودكّان ومحال الخضار، يحاول أن يلبّي كلّ الطلبات ولكن “مش عم نلحّق”، مستغرباً زحف الناس للتبضّع بعيد الإقفال مؤكّداً “ما في داعي له”.
يوافقه الرأي أبو إبراهيم، أحد بائعي الدجاج في النبطية الذي يؤكّد التزامه بقرار التعبئة، وأنه تعاقد مع شركة “دليفري” داخل النبطية لتأمين إحتياجات الناس، ويلفت الى أنّ طلباتها عديدة وهناك من يعتمد على تأمين قوته كلّ يوم بيومه، ولا قدرة للجميع على تخزين الأكل.
بالكاد تعبر سيارة طرقات قرى النبطية، جميع المحال التجارية والصناعية التزمت بالاقفال حتى بعض الصيدليات أقفلت أبوابها وكذلك عدد من محطات المحروقات، وتوجهت الانظار نحو ارقام الإصابات التي باتت تؤرق الجميع من دون إستثناء. ربّما هذا ما حدا بالجميع الى الإلتزام الذي شابته خروقات دفعت بمحافظ النبطية الدكتور حسن فقيه، الى إصدار تعميم طلب من خلاله التشديد بالرقابة من قبل البلديات، بعد تسجيل خروقات كبيرة لعدد من المحال الغذائية والخضار، التي فتحت المجال للبيع داخل المحال في مخالفة صريحة لقرار التعبئة. ولفت فقيه الى أنه في حال لم يلتزم اصحاب الدكاكين والمتاجر الغذائية بقرارات التعبئة سيتم اقفال محالهم بالشمع الأحمر.
كما في المدينة كذلك في القرى، إلتزام كبير بالإقفال، والتركيز على عمال “الدليفري”، فالناس بدأت تخاف أكثر، وتزايد الوعي لديها، سيما وأنّ “كورونا” أصاب معظم العائلات وشتّتها، ما دفع بها للإلتزام أكثر، والقفز فوق سيناريو التذاكي وعدم الإكتراث للإقفال، كل ذلك جعل من الاقفال البوابة الجديدة للدخول الى مكافحة الوباء. وأكثر من هذا، معظم الدكاكين الصغيرة داخل القرى التي عادة ما تكون أقلّ إلتزاماً، فضّلت اعتماد نظام خدمة التوصيل على فتح أبوابها للعامة. رامي أحد أصحاب تلك الدكاكين أكّد لـ”نداء الوطن” انه لن يكرّر سيناريو التراخي الذي اتّبعه سابقاً، بل رفع نسبة التشدّد “ذقت ويلات “كورونا”، أصابني وأصاب عائلتي لأنّني لم التزم، نعقد جلسات النرجيلة مع الرفاق”، ولكن بعد أوجاعه القاسية، “إزددت تمسّكاً بالإجراءات، واتّخذت عدداً من الشبان للقيام بمهمة “الدلفيري” لإيصال طلبات الناس الى منازلهم”.
كان لافتاً في يوم الإقفال الأول أنّ معظم الدوائر الرسمية فتحت أبوابها، وإن بعدد قليل لموظّفيها، فيما فضّلت المصارف إقفال أبوابها والإكتفاء بالـ ATM. ويسجل للإقفال أنّه نجح بنسبة كبيرة في يومه الأول، وأسهمت الحواجز المتنقّلة للقوى الأمنية ومحاضر الضبط التي سطّرت في دفع المواطن للتفكير ألف مرّة قبل النزول الى الشارع، فأيّ خروج سيكلّفه 100 ألف ليرة غير متوفرة معه. بإختصار، يمكن القول إنّ صحة المواطن هذه المرّة سيطرت على ما عداها، وبات الكلّ يحسب لـ”كورونا” ألف حساب، فلا أحد يريد أن يذوق آلامه أو يضطرّ للبحث عن سرير لعزيز له لا يجده، ووِفق ما قال علي: “الأفضل أن نلتزم لنتجنّب الموت على الطريق”.