Site icon IMLebanon

“الطاقة” تطلق العقود الفورية لشراء الفيول: “باي باي” سوناطراك

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

أقفلت الدولة اللبنانية الباب بوجه شركة “سوناطراك” رغم محاولات الأيام الأخيرة للعقد الموقّع منذ العام 2005 والذي كان يتجدد تلقائياً كل ثلاث سنوات، الاستفادة مما تبقى للطرف اللبناني من كميات فيول يمكن شراؤها وفقاً لمقتضيات العقد حتى لو انتهت صلاحيته بالزمن.

لكنّ الخلاف الذي وقع في اللحظات الأخيرة بين الطرفين، نتيجة اصرار الشركة على إلزام الدولة اللبنانية لشراء 212 ألف طنّ من الغاز أويل، و160 ألف طنّ من الفيول Grade A ومليون و248 طنّاً من الفيول Grade B، وهي الكميات المتبقية عن الأعوام 2018، 2019، و2020، (كمية قد تكفي لأكثر من سنة) بالتوازي مع تمسكها بوقف التعقّبات القانونية، ما دفع برئاسة الجمهورية ووزارة الطاقة إلى شطب هذا الخيار عن لائحة الخيارات المتاحة لتأمين الفيول حاجة مؤسسة كهرباء لبنان.

في هذه الأثناء، يسلك دفتر الشروط الذي أعدّته وزارة الطاقة بالتنسيق والتعاون مع إدارة المناقصات، طريقه إلى الإقرار تمهيداً لإطلاق مناقصة تأمين الفيول. ويُنتظر وضع اللمسات الأخيرة على الدفتر بعد تعزيزه بكل الضوابط المطلوبة للحؤول دون الوقوع في الأفخاخ التي نصبها العقد المنتهية صلاحيته، لإطلاق المناقصة فور انتهاء الإغلاق العام وتحديد تفسير واضح من جانب رئاسة الحكومة، التي تفاهم كل من وزير الطاقة في الحكومة المستقيلة ريمون غجر ورئيس إدارة المناقصات جان العليّة، على اللجوء إليها لإيضاح طبيعة الشركات التي يحقّ لها المشاركة في المناقصة.

ولكن قبل إطلاق المناقصة وتوقيع عقد جديد، إذا ما نجحت المناقصة في استقطاب عارضين جدّيين، يُفترض أن تلجأ وزارة الطاقة إلى عقود الـ”Spot Cargo” لتأمين الفيول البديل في المرحلة الانتقالية، بعدما نجحت تلك الآلية، وفق المطلعين على عمل وزارة الطاقة، في تأمين مادة المازوت تحت ضغط العتمة الناتجة عن انقطاع التيار الذي تؤمّنه المولدات الرديفة، فسارعت وزارة الطاقة في شهر حزيران الماضي، الى اللجوء الى تلك الآلية لتأمين المشتقات النفطية بطريقة سريعة، وذلك من خلال استدراج عرض يتيح تسليم الكمية من مادة “الديزل اويل” (مازوت) خلال 17 يوماً. وبرّر غجر يومها اللجوء الى هذه الآلية “لأنها تفتح المجال أمام شحنات (الديزل أويل) الجاهزة للتسليم في وقت قصير ولأن كمياتها أقل من الكميات التي تطلب في المناقصات العادية”.

ويتمثل هذا الطرح باستيراد مادة المازوت عبر عقود آنية تعرف بالعقود الفورية، هو في العرف التجاري عملية تسليم واحدة، تنتهي الرابطة القانونية فيه بانتهاء التسليم الواحد، على عكس العقد ذي الاجل المحدد حيث تتم عمليات التسليم بانتظام على مدى فترة اطول، والتي يمكن ان تكون سنة واحدة او حتى عدة سنوات. وتستخدم تقنية العقد الفوري عندما تكون هناك حاجة واحدة غير متوقعة لتغطية نقص مفاجئ.

ولا تتطلب هذه الآلية اجراء مناقصة عامة وتكتفي فقط باعلان من وزارة الطاقة عن الحاجة لكميات من المشتقات النفطية، تراعي المواصفات التي تطلبها الوزارة وتضمن تسليمها بالوقت المحدد.

أما الجانب المقلق في هذه الآلية، وفق معارضيها، فهي بكونها تتيح توزيع عقود الاستيراد لتأمين المشتقات النفطية على رجال أعمال وشركات، تحوز على رضى وزارة الطاقة بعيداً من رقابة إدارة المناقصات. كما تفسح المجال أمام عمولات وسمسرات هائلة. الأهم من ذلك، فإنّ هذه الآلية تعرّض استقرار تغذية مؤسسة كهرباء لبنان بالفيول للاهتزاز، اذا لم يتقدّم عارضون، خصوصاً وأنّ الكميات المؤمنة في كل جولة، محدودة.

وفق المتابعين، فقد وقّع غجر يوم الخميس قرار اللجوء إلى العقود الفورية لشراء الفيول أويل، ويفترض إنشاء منصّة الكترونية يرجّح أن تكون يوم الاثنين المقبل قيد العمل لتحديد مواصفات الحاجة من الفيول أويل والغاز أويل، فتتقدّم الشركات الراغبة في المشاركة بتقديم عرضها الكترونياً، ليبقى مكتوماً الى حين فضّ العروض لاختيار الناقلة الأرخص سعراً، خصوصاً وأنّ تجربة استيراد المازوت عبر هذه الآلية أثبتت نجاحها حيث تمكنت وزارة الطاقة من تأمين كميات من المازوت بأسعار أرخص من تلك التي كانت تتكبدها سابقاً، حيث يؤكد المطلعون أنّ الآلية الالكترونية تحفظ سرية عملية الاختيار التي سترسو حكماً على العارض الأرخص من دون أن يكون للوزارة قدرة على التدخل في أي مرحلة من مراحل العرض. وبين الرضوخ لتهديد “سوناطراك” وبين العتمة لحين إطلاق المناقصة، كان خيار مديرية النفط ووزارة الطاقة باللجوء الى هذا الخيار المشرّع بقرار من الحكومة المستقيلة، كونه الأكثر واقعية ومنطقاً لعدم وقوع في العتمة الشاملة.

فعلياً، ليست المرّة الأولى التي تشتري فيها وزارة الطاقة الفيول “على الفور”. منذ أشهر قليلة، استذكر الوزير السابق الياس سابا تجربته في هذا السياق حين كان وزيراً للمال وطلب من وزير الطاقة السابق موريس صحناوي شراء الفيول عبر عقود فورية ما ساعد على توفير مبالغ كبيرة على الخزينة العامة… وأدى إلى اطلاق صرخة تجار الفيول اللبنانيين. ومع رحيل تلك الحكومة، أعيدت الآلية إلى الدرج، وعاد تجار النفط إلى عروشهم!