أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أنّ “أول ما يحتاج اليه كلّ مسؤول ولا سيما السياسيون، هو النور الالهي، لكي يخرجوا من تعثّراتهم، وتحجّر مواقفهم الذي يجعلهم أسراها”.
وقال في عظة الأحد من بكركي: “ينبغي أن يعرفوا أنّ لبنان، كما يصفه القديس البابا يوحنا بولس الثاني “قيمة حضارية ثمينة”، و”يشكّل ارثًا للبشرية، كونه مهد ثقافة عريقة واحدى منارات البحر الابيض المتوسط”، كما يستهل الارشاد الرسولي: رجاء جديد للبنان. فعلى ارضه تلاقي الاديان وحوار الحضارات، وعيش المسيحيين والمسلمين معًا بالمساواة، وهو مصدر استقرار لبناء مجتمع اخوّة وسلام”.
وتابع: “لبنان هذه الجوهرة الثمينة بات في حالة تقويض لم نكن ننتظرها في مناسبة الاحتفال بمئويته الأولى: تأليف الحكومة معطّل، القضاء فريسة التدخل السياسي والمذهبي، الاقتصاد مشلول في كل قطاعاته، نصف مدينة بيروت مهدّم، سكانه منكوبون، اهالي الضحايا مهمَلون، نصف الشعب اللبناني في حالة فقر”، مشيراً إلى أنّ “الباب المؤدّي الى طريق الحلّ لكل هذه الامور هو تشكيل حكومة إنقاذ مؤلفة من نخب لبنانيّةِ، شخصيات نَجحَت وتفوقّت في لبنان والعالم، وتَتوقُ إلى خدمةِ الوطن بكل تجرّد، وتحملِ مسؤوليّة الإنقاذ وترشيدِ الحوكمة. فالمطلوب من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ان يقدّما للشعبِ أفضلَ هذه الشخصيّات، لا من يَتمتّع فقط بالولاءِ للحزبِ أو بالخضوعِ للزعيم. لبنان يزخر بشخصيات تعطي اللبنانيين والعالم صورة وطنهم الحقيقية”.
وأضاف: “من هذا المنطلق، سعيتُ شخصياً بحكم المسؤولية الى تحريك تأليف الحكومة من أجل مصلحة لبنان وكل اللبنانيين. فلقي كثيرون في هذه المساعي بارقة أمل. وكون الدستور يُحدّد بوضوح دور كلٍّ من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، تمنّيت عليهما أن يعقدا لقاء مصالحة شخصية تعيد الثقة بينهما، فيُباشرا الى غربلة الاسماء المطروحة واستكشاف اسماء جديدة وجديرة، واضعين نصب اعينهما فقط المصلحة العامة وخلاص لبنان، ومتجاوزين المصالح الآنية والمستقبلية، الشخصية والفئوية”، مجدداً التمنّي على “رئيس الجمهورية اخذ المبادرة بدعوة دولة الرئيس المكلّف الى عقد هذا اللقاء، فالوقت لا يرحم، وحالة البلاد والشعب المأسوية لا تبرّر على الاطلاق أي تأخير في تشكيل الحكومة”.
وتابع في عظته: “الدستور والميثاق الوطني المجدَّد في اتفاق الطائف، ثلاثة توجب على السلطة السياسية التقيّد بنصوصها وبروحها، واستكمال تطبيقها، وتصويب ما اعوج منها في الممارسة، وتعزيز استقلالية القضاء كسلطة رابعة مستقلة، وحماية مؤسسة الجيش في كرامتها وهيبتها وكامل حقوقها. ان كرامة اللبنانيين من كرامة الجيش، والثقة بالقضاء هي الثقة بلبنان. اذا كانت لنا دولة تضع القانون فوق الجميع، وتحافظ على فصل الدين عن الدولة، ولا يستغل فيها السياسيون الطائفة والمذهب لاغراضهم السياسية، واذا كانت لنا حكومةٌ ولاءُ وزرائها للبنان فقط دون سواه، عندها نستطيع القول: ان فجرًا جديدًا اطلّ على لبنان، ولا حاجة لدعوة الى تغيير النظام، بل للتقيّد به”.