كتب أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:
كان قرار الدولة حاسماً بالنسبة للعودة لإغلاق البلد بعد تفشي «كوفيد-19» في جميع المناطق اللبنانية. فالسيناريو الذي لطالما تخوفت منه وزارة الصحة، طلّ بشكل قوي، متفشياً من دون رحمة في كل زوايا البلاد. لذا لا يمكن تخفيف هذا التفشي إلّا من خلال «المكوث في المنزل»، وهو ليس الإنغلاق الإجتماعي، بل هو فقط «إغلاق البلاد» لتهدئة هذا الفيروس الوقح، ووصول «المخلّص» الطبي وهو اللقاح خلال شهر شباط، بحسب كلام المعنيين. لذا، خلال ثلاثة أسابيع سيعيش اللبناني مجدداً سيناريو «شهر آذار ونيسان 2020»، حيث شُلّت الحركة في البلاد وكان أمراً مهماً لتفادي تفشي المرض. ولكن كيف يمكن أن يقضي اللبناني هذه الأسابيع؟ وما هي النصائح التي يمكن أن تخفف وطأة هذا الإغلاق الأساسي لصحة جميع المواطنين؟
كلنا أصبحنا على يقين بوجود فيروس فَتَكَ العالم في سنة 2020 وما زال مستمراً بنشاطه العدواني خلال هذه السنة الجديدة. ففيروس كورونا المستجد، نوع من الفيروسات التي تصيب الإنسان والحيوان على حد سواء.
فمنذ كانون الأول 2019، هلع العالم بسبب ظهور هذا الوباء القديم-الجديد، وظهرت معه، ليس فقط إضطرابات جسدية التي تختلف بين شخص وآخر، بل أيضاً الكثير من الإضطرابات النفسية، نتيجة هذا الفيروس الذي أجبر سكان الأرض على الإلتزام في الحَجر الصحي والبقاء في بيوتهم، للتخفيف من عدد الإصابات. ومن هذه الإضطرابات: نوبات الهلع، واضطراب القلق المرضي، والإكتئاب نتيجة الإنغلاق الإجتماعي، وهوس النظافة خصوصاً غسل اليدين، ولأنّ أهم إرشادات الوقاية من هذا الفيروس هي غسل اليدين بإستمرار.
التذكير بسلوكيات النظافة
من أهم طرق الوقاية من فيروس الكورونا، والتي أصبحت معروفة من الكبير والصغير هي: تجنّب الاقتراب من الأشخاص المحتمل إصابتهم بالفيروس، وعدم استخدام أغراض الشخص المصاب الخاصة، وارتداء الكمامات الواقية على الفم والأنف، وضرورة غسل اليدين بالماء والصابون بشكل متكرّر. ولكن كل ذلك لا يمكن أن يُبعد القلق الذي يشعر به الإنسان تجاه «كوفيد-19». فمن المعروف، أنّ القلق شعور طبيعي، ولكن الكورونا الذي ينتقل بشكل سريع وفتاك في الهواء (من خلال رذاذ السعال…) أدّى إلى أفكار سلبية إستحوذت على الكثير من الأشخاص، خصوصاً المسنين. فالخوف من التقاط المرض والخوف من «الإنعزال» بسببه، وغيرهما من الأفكار، تزيد القلق الذي يمكن أن يؤدي إلى عوارض نفسية اخرى أو عوارض جسدية منها: ضيق في التنفس (سببه ليس الكورونا)، صعوبة في النوم، سرعة في دقات القلب، …
وطبعاً هناك بعض العوارض النفسية التي يمكن أن ترافق حالة القلق، كالصعوبة في التركيز، والشعور الدائم بعدم الراحة، وفقدان الإهتمام بالذات وصولاً ربما إلى الإكتئاب (وطبعاً هذه الحالات تتفاوت حسب كل شخص وتكوينه النفسي ومشاكله العائلية ونمط عيشه والبيئة الحاضنة له).
ودور العائلة في هذا الخصوص هو توعية أفرادها خصوصاً المسنين منهم، بطرق تخفف عوارض القلق بسبب هذا الوباء، دون الاستخفاف بالوقاية. كما يجب أن يفسّر الأب أو الأم للطفل بشكل بسيط أهمية غسل اليدين كل ساعة مثلاً، وعدم لمس الوجه بشكل متكرّر، وغيرها من التصرفات التي تقي من الفيروس، من دون تعزيز القلق وتخويف الطفل.
بعض النصائح للأسابيع المقبلة
يمكن لكثير من سلوكيات الأهل أن تساعد في تخفيف التوتر الذي يمكن أن يشعر به أي فرد من العائلة خلال الإغلاق العام. إليكم بعض التوصيات:
1- تخصيص وقت لكل أفراد العائلة يومياً، للتحدث والتسلية، أو يمكن مشاهدة فيلم عائلي أو تحضير الطعام أو قيام بأي نشاط عائلي.
2- الطلب من كل أفراد العائلة إحترام سلوكيات النظافة، منها غسل اليدين، بشكل واع وبسيط وليس بشكل هوسي ومتكرّر. ويجب أن يكون الأهل المثال لبقية أفراد العائلة.
3- الإبتعاد عن المشاجرات وإستبدالها بالحوار. وإذا شعر أحد الوالدين بالضيق والتوتر، لا يجب أن يكون أفراد عائلته «فشّة خلق».
4- الإجتماعات ضمن العائلة الصغيرة مهمة كثيراً للتخفيف من وطأة هذه الفترة الصعبة على الجميع. فالطفل الصغير والشخص المسن الذي يعيش ضمن العائلة الصغيرة، سيشعر بالكثير من القلق، ودور العائلة هو مساندته ومساعدته من خلال التحدث عن سلوكيات النظافة بشكل بسيط وليس مخيفاً.
5- إذا لاحظ الأهل بأنّ الطفل خائف جداً من معلومة غير صحيحة حصل عليها من أصدقائه في الحي أو في المدرسة، يمكن تصحيح له هذه المعلومة بشكل يناسب عمره.
6- الإبتعاد عن العادات السيئة كالتدخين وأكل الأطعمة الدسمة والجلوس لساعات وساعات أمام التلفاز، وغيرها من الممارسات التي تجعل الإنسان شخصاً لا يحب نفسه ولا يهتم بصحته. لذا خلال هذه الفترة يجب ممارسة الرياضة بشكل يومي.
7- تناول الاطعمة الصحية والإبتعاد عن التدخين وشرب الكحول بشكل مفرط وغيرها من أساليب الحياة غير المستحبة، تجعل الإنسان مهتماً لنفسه. كما الإهتمام أيضاً بأصدقائه وبرغبات أحبائه وشؤونهم. فالتنبّه إلى حاجات الناس والحرص على رعايتهم، من الخصال التي تجعل الإنسان يبتعد عن الانانية والذاتية، وبالتالي يزول القلق والخوف ويسيطر الإنتباه للآخر ومساعدته.