كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
يكثر الضجيج من حول رئيس الجمهورية ميشال عون للضغط عليه تحت عنوان دفعه إلى الاستقالة، فيما الهدف هو تأليف حكومة برئاسة سعد الحريري وبشروطه. الأخير قرر استبدال الحراك الحكومي بحركة خارجية تفتح الأبواب المغلقة، علّها تساعده على تمرير الوقت واقناع خصومه بأنه “المنقذ” الوحيد لوقف الخراب الحاصل والمرشّح على التوسّع أكثر.
يرصد العونيون مسار طائرة رئيس الحكومة المكلف هبوطاً واقلاعاً، ولكن من دون أي تعليق، ولو أنّ فريق الأول يبرر تعليق المشاورات الحكومية، في الردّ المنتظر من رئاسة الجمهورية بعد الجلسة الأخيرة، رقم 14 التي جمعت كلّاً من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، والتي قدّم خلالها الأخير مسودة حكومية رسمية لم تلق موافقة أو رضى الرئيس عون. ورغم اشتداد الحملة من جانب المستقبليين والتي تحمّل الفريق العوني مسؤولية التعطيل والعرقلة وعدم التعاون، لقيام حكومة تستوفي شروط المبادرة الفرنسية التي يصرّ الحريريون على أنّها لا تزال حيّة ترزق قادرة على مواكبة “حكومة المهمة” في مسيرتها الانقاذية، خصوصاً وأن المبادرة تحمل روزنامة واضحة في بنودها ومواعيدها لمساعدة لبنان على النهوض من أزمته العميقة، إلا أن للعونيين نظرة مختلفة للضغوط التي يتعرضون لها.
وفق هؤلاء، فإنّ الحملة التي تواجه رئيس الجمهورية ومعه “التيار الوطني الحر” لا تستهدف إلا لدفعه إلى التنازل، ولكن ليس لمصلحة قيام حكومة قادرة على اختراق الحصار الدولي الحاصل، وانما هي محاولة مكشوفة من جانب كل من رئيس الحكومة المكلف ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط لدفع الفريق العوني الى التنازل لمصلحتهما لا أكثر، لاعتقادهما أنّ العهد في أضعف لحظاته، وبالتالي عليه التراجع إلى الخلف للتخلي عن بعض من حقوقه ولكن من دون مكاسب وطنية. ويؤكد العونيون أنّ الجنرال ميشال عون خاض معارك شرسة طوال أكثر من خمسة عشر عاماً في سبيل تحصين حقوق المسيحيين وحمايتها، وبالتالي إنّ من يظن أنّ بمقدوره دفعه الى التنازل، من دون أي مكاسب قد تفيد المسيحيين، فهو لا يعرف ميشال عون جيداً.
ويشيرون إلى أن الظروف الدولية المحيطة بمشاورات التأليف لا توحي بأنّها تسمح بقيام حكومة في الوقت الحالي، لافتين إلى أنّ حالة التوتر التي لا تزال حاصلة اقليمياً قد تحول دون قيام رئيس الجمهورية بأي تنازل، اذا لم يكن في سبيل المصلحة العامة، وكان حصراً في سبيل مصلحة فريق لا أكثر. ولهذا لا يبدي الرئيس عون ليونة كبيرة تجاه ما يطلبه رئيس الحكومة بعدما تبيّن أنّ الأخير يحاول اقتناص الفرصة لتكبير حجر حصته، وتعويض ما أصابه طوال السنوات الماضية. وهذا ما يرفع من الحواجز بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ويحول دون تقدمهما عند خطوط مشتركة قد تساعد على قيام الحكومة.
ويرى العونيون أنّ انتهاء ولاية دونالد ترامب قد تكون عاملاً مؤثراً على حراك سعد الحريري في ضوء ما تناهى الى مسامعهم، عند تأكيدات أودعها رئيس “تيار المستقبل” لدى هذه الادارة، عن عدم اقدامه على تأليف حكومة يكون فيها “حزب الله” شريكاً أساسياً حتى لو بالمواربة، ولو أنّ “الحزب” يقول صراحة، وفق ما أكده أمينه العام السيد حسن نصرالله حديثاً، بأنّ الحريري أبلغه صراحة بعدم وجود أي ممانعة أميركية على مشاركته.
ولهذا يميل العونيون إلى الاعتقاد أنّ انتقال السلطة في البيت الأبيض إلى جو بايدن من شأنه أن ينعكس على سلوك سعد الحريري، ليكون أكثر ليونة وقدرة على التقدّم خطوات للأمام، وذلك على خلاف كل التقديرات والتأكيدات من جانب هذا الفريق الذي يعتبر أنّ رئيس الحكومة المكلف استنفد كل محاولاته، ولم يعد بمقدوره القيام بأي خطوة إضافية.