الكل متفق على ضرورة تطبيق الطائف، والكل يبحث عن نافذة ما للخروج من المأزق الذي وصلت إليه البلاد يقيناً منه بأن لا أفق في الوقت الراهن في ظل الخلافات السياسية والتشنجات الحاصلة على خط القصر الجمهوري وبيت الوسط من جهة والرابية وبيت الوسط من جهة ثانية.
إزاء هذه المؤشرات السلبية والمقلقة في آن معاً تتظهر مواقف لقيادات سياسية وحزبية مفادها إعادة النظر في النظام اللبناني. لكن عندما يتحول الكلام إلى موقف رسمي وعلني يذهب الجميع إلى الدستور وتكون نقطة الإنطلاق من روحية اتفاق الطائف.
من هذه النقطة ينطلق عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر عند سؤاله عن الخيارات التي يطرحها الأفرقاء لجهة الذهاب إلى حوار وطني يعيد النظر في النظام الحالي، او إلى تشكيل جبهة للوقوف في وجه “الإنقلابيين” على الطائف مع التمسك بالصيغة أو الذهاب إلى دولة علمانية أو إجراء انتخابات نيابية مبكرة. ويقول عبر المركزية:” لو طُبِّقَت بنود الطائف التي أقرت عام 1989 لما وقعنا في المحظور والجمود الذي يكبل البلاد والعباد معا. علينا أن نعطي الطائف فرصة خصوصاً أنه يتضمن بنوداً من شأنها أن تفك الكثير من العقد والتشنجات.
ما يطرح اليوم على مستوى خيارات دولة مدنية أو علمانية أو نظام لا طائفي أو لا مركزية إدارية كلها قابلة للدرس “لكن في ظل الجو الإنقسامي القابض على مفاصل البلد من الصعب جداً الإتفاق على نظام جديد”. وسأل جابر:” كيف السبيل إلى الإتفاق على نظام جديد وهم عاجزون حتى اللحظة عن تشكيل حكومة إنقاذية للبلد؟ فلنطبق الطائف بحذافيره بعدها نذهب للبحث في إمكانية إعادة النظر بالنظام الحالي”. المسألة تحتاج إلى مرحلة تحضيرية ولنعط فرصة للطائف ونطبق بنوده بعدها نذهب للبحث في جدوى نظام جديد”.
قد تكون بعض الطروحات التي تضعها القوى السياسية على طاولة البحث قابلة للجدل خصوصا ما يتعلق منها بمسألة تطوير النظام وتمنى على المغردين غير المؤمنين بالطائف “أن يخففوا قليلاً لأن الذهاب نحو نظام جديد تترتب عليه تداعيات وعواقب غير محسوبة. لدينا نظام عادل وتطبيقه سيخفف من حدية التعصب”.
لعل الخطأ الأكبر بدأ من لحظة تجميد اتفاق الطائف من خلال قوى الأمر الواقع التي كانت تتحكم بمؤسسات البلد “لكن كنظام حافظنا على المناصفة وثبت أن قوة لبنان ورمزيته في التعايش القائم بين المسيحيين والمسلمين وأن الوجود المسيحي في لبنان أعطى أهمية وتمايزاً لهذا البلد في محيطه “. وعن موقفه من طرح المثالثة قال جابر:” المثالثة مغامرة كبيرة غير محسوبة العواقب….فلنضع الإقتراحات الخلافية على حدة ونذهب إلى الإصلاحات أو على الأقل تطبيق ما يلزم في اتفاق الطائف لا سيما في مسألة المحاسبة بعدما افترض البعض أن الطائف نص على اعتبار الوزير ملكا على وزارته. وهذا غير صحيح. مهمة الوزير تطبيق القوانين وعندما يخطئ تُسحب منه الثقة لكن عندما أصبح هناك “آلهة” طوائف لم يعد يجرؤ أحد على محاسبة وزير لأنه يلجأ لطلب الحماية والحصانة من طائفته”.
ومن باب النصح تمنى جابر على الشعب أن يحاسب النواب الذين انتخبهم والا لماذا يصار إلى إجراء انتخابات نيابية كل أربع سنوات؟ الهدف من ذلك المحاسبة لكن للأسف الشعب اللبناني لا يحاسب من هنا لا يمكن إلقاء اللوم أو اعتبار علة العلل في النظام. العلة تكمن في العقلية. وحتى لو تغير النظام وغابت عقلية لبنان دولة المؤسسات والقانون لن يتبدل شيء”.