IMLebanon

تغيير النظام بين “الاشتراكي” و”المستقبل”: محرّمات ومحاولة قلب موازين

لا ينفك الفرقاء المعنيون بالمصلحة الوطنية يتفاعلون مع الأزمات التي تجتاح البلاد على قاعدة سد الفجوات في انتظار الوصول إلى حلول مؤثرة وفاعلة من شأنها أن تعيد لبنان الى خارطة العالم كوطن نهائي لكل أبنائه. ولا يخفى أن كل فريق ينظر إلى الحل انطلاقا من الدستور ووفقا لما ورد أو ما يفترض تطبيقه في اتفاق الطائف. وإذا كان بعض الأصوات يعلو اليوم مطالبة بتغيير النظام انطلاقا من أجندته الخاصة التي لا تخدم في هذه المرحلة إلا فريقا واحدا قادرا بفعل سلاحه أن يفرض الشروط التي تخدم هيمنته، إلا أن ثمة وعيا كافيا لدى الأحزاب والتيارات في تمرير المرحلة وفق النظام الحالي مع وضع المعايير التي من شأنها أن تعيد ترتيبه من دون تهميش أية فئة أو هيمنة فريق على آخر. فهل يكون لبنان أولا ونهائيا بحسب نظرة الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل من مسألة تغيير النظام؟

مستشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس اعتبر، عبر “المركزية”، أن “الوضع السياسي القائم لا يبشر بالكثير من الأمل ما لم يحصل أي تغيير في المقاربة السياسية. وهذا يبدأ بتطبيق الطائف الذي لم تنفذ غالبية بنوده سواء في مسألة اللامركزية الإدارية اوتشكيل مجلس شيوخ”. ورأى أن “أي اتفاق سيعكس توازنا معينا للقوى في ظل الانقسامات وغياب أية رعاية دولية، وسيفضي بالتالي إلى تخريب التركيبة القائمة وربما استلحاق لبنان بمحاور مغايرة لدوره ورسالته. وعليه فإن القفز إلى المطالبة بمؤتمر تأسيسي يعكس إما فهماً مسطحاً لتعقيدات الواقع اللبناني بامتداداته الإقليمية أو أنه يخفي دعوة غير مباشرة لتغليب قوى على أخرى وضرب موازين القوى الداخلية، مما يعني القضاء على الدور التاريخي للبنان في الانفتاح والديمقراطية ومقاربة أنظمة إقليمية مناقضة تماما لتوجهاتنا. فلنقلع عن طرح نظريات بعيدة عن التطبيق في السوق السياسية .الطائف ولد في لحظة ما ولن يكون من السهل إنتاج صيغة جديدة تراعي الإعتبارات التاريخية التي من شأنها أن تؤدي ربما إلى فوضى ومزيد من التشرذم”.

وقد يكون لافتا للانتباه أن تخرج مواقف مناهضة للنظام السياسي القائم منذ عقود في لبنان في وقت تواجه البلاد أقسى وأخطر أزمة اقتصادية ومالية في تاريخه الحديث، عدا عن الانقسامات السياسية وعزلتها الخارجية. وفي حين ينطلق موقف تيار “المستقبل” من الهواجس “الطائفية” التي لا تزال تتحكّم باللبنانيين، إلا أن موقفه الرافض من تغيير النظام واضح ولا يزال يرى في أي محاولةٍ لتعديله، جزءا من “المحرّمات” التي لا يجوز الاقتراب منها، الأمر الذي يجاريه فيه الكثير من الأفرقاء.

النائب في كتلة “المستقبل” سامي فتفت استهل كلامه بتبني تيار المستقبل روحية اتفاق الطائف، وقال: “نحن أولاد الطائف وقد دفعنا ثمنه مئات آلاف الشهداء والجرحى ومن لحظة توقيعه أوقفنا العد على أساس تكريسه المناصفة. وإذا ما أردنا الذهاب إلى مؤتمرات جديدة فالنتيجة ستكون للفريق الذي يحمل السلاح والذي سيضعه على الطاولة ويفرض شروطه مما يعني فرض معادلة جديدة لتحسين شروط فريق على حساب فرقاء آخرين”.

وارتأى فتفت الذهاب إلى تطبيق بنود الطائف وتكريسها لاسيما في بند تشكيل مجلس شيوخ وتطبيق اللامركزية الإدارية وتحسين ما يجب تحسينه. وشدد على
“خيارات تيار المستقبل الرافضة للمثالثة وتطبيق المناصفة كما وردت في الطائف، وفي حال الذهاب إلى مؤتمرات جديدة من شأنها تكريس أي نظام يخل بمبدأ المناصفة سنواجه بالسياسة وسنطبق البنود التي لم تنفذ حتى اليوم للوصول إلى بلد طبيعي وتوفير مساحة آمنة لهذا الشعب الذي أعلن ثورته المحقة ونزل إلى الشارع والساحات مطالبا بالإصلاحات. ولو طبقنا الطائف لوفرنا على الشعب كل هذه المأسي والمعاناة”.