كتب عمّار نعمة في “اللواء”:
يُقارع حزب «الكتائب» الحلفاء قبل الخصوم هذه الايام. هي معركة ضد حلفاء «المنظومة» السلطوية الحالية الذي صاغوا التسوية الرئاسية في العام 2016 التي أتت بالعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، والخصوم الألداء وعلى رأسهم «حزب الله» ومحوره في البلد.
الاشتباك الاولى يتخذ جدالا كبيرا بعد انتقادات لـ«الكتائب» بنكران ماضيه القريب وتحديد تاريخ بدء تلك المنظومة بما حدث قبل أشهر وأربعة أعوام، في الوقت الذي يعتبر الحزب نفسه جزءا من إنتفاضة 17 تشرين، يصيغ تحالفاته السياسية المستجدة على ضوئها.
وبذلك فإن الحزب ليس معنيا بما يدور من نقاشات حول جبهة للمعارضة ضد السلطة الحاكمة. فالأمر بسيط كما يشرحه الأمين العام سيرج داغر: نحن لسنا في وارد الدخول في جبهة من هذا النوع وخاصة اذا تشكلت ضد العهد فقط. نحن ضد المنظومة وكل أفرقاء التسوية هم متساوون بالنسبة الينا.
وهو ينتقل في الحديث نحو حيز معارض آخر كان ملاحظا ان الحزب سلكه منذ الايام الاولى لانتفاضة 17 تشرين: نريد تشكيل جبهة مغايرة للمطروح والجبهة التي نريدها هي التي تقام مع قوى التغيير في البلد، وهي قوى مستقيلة من المجلس النيابي إضافة الى المجموعات التي أفرزتها الثورة.
ويشرح متابعا: نحن على تواصل مستمر اسبوعيا مع تلك القوى ونعمل على تشكيل جبهة مشتركة تشكل بديلا عن السلطة الحالية وعن افرقاء التسوية الذين أوصلوا البلد الى هنا اقتصاديا وسياسيا وسلموه الى «حزب الله».
ويشير الى عدم دعوة «الكتائب» اصلا الى الجبهة المعارضة التي يتم البحث بها في البلد، «وفي كل الاحوال فإننا لم نفترق فقط بعد 17 تشرين ذلك ان انفصالنا بدأ منذ العام 2016 وبتنا في مكان آخر سياسيا. ومع قوى التغيير «نعمل جديا على هدفنا المعارض عبر بيانات مشتركة وورقة سياسية نتوافق عليها للخروج من المرحلة الحالية. والامور تتم في شكل غير معلن. نحن غير مستعجلين وحتى اننا نتواصل مع بعض الجهات الاضافية لصياغة عمل صلب جدا على اساس ثنائي بالتوازي: النظر الى مشكلة السيادة و«حزب الله» من ناحية، والفساد والإصلاح من ناحية ثانية.
وكان الحزب قد جال قبل اشهر على بعض القوى التي اختلفت معه طويلا في التموضع السياسي ومنها «الحزب الشيوعي» و«منظمة العمل الشيوعي» وهما جهتان كانتا من اوائل القوى التي اصطدمت معه في الحرب الاهلية.
ويريد الحزب بذلك وضع حد كامل للماضي وصياغة مستقبل جديد مع قوى خرجت من رحم 17 تشرين أو هي انخرطت به في قطع مع الماضي.
«نتواصل اليوم مع شخصيات وقوى شعبية مثل بولا يعقوبيان و«حركة الاستقلال» ونعمت افرام»، يقول، معددا ردا على سؤال «مجموعات الثورة التي انخرطنا معها ومنها «خط احمر» و«عامية 17 تشرين» و«لقاء تشرين» و«الجنوب ينتفض» و«ثوار فرنسا» و«تقدم» وغيرها من المجموعات التي تنضم قوى اخرى اليها كل اسبوع».
تشوب طرح الكتائب ثغرة تتمثل في اتهامات له في المشاركة في مسؤولية السلطة التي يخرج عليها اليوم. وبذلك يشرح داغر طويلا: لا ضير في ذلك فيعقوبيان و(رئيس «حركة الاستقلال») ميشال معوض كانا في السلطة وحتى بعض البارزين في الثورة مثل (الأمين العام لـ«حركة مواطنون ومواطنات في دولة») شربل نحاس. والواقع ان المشكلة ليست في التعاطي في الشأن العام بل ان تكون الجهة قد دخلت في تسوية ادت الى تسليم البلد الى «حزب الله» مثلا عبر انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وصياغة قانون الانتخاب، وهو ما لا يقتصر على مرحلة معينة.
ويؤكد «اننا في ناحية متوازية عارضنا الفساد عبر القوانين التي طرحت وكنا ضد ملفات سلبية متعلقة بـ«سوكلين» والكهرباء والمطامر وفرض الضرائب على الناس والموازنات وأداء مصرف لبنان والكثير من المصارف، وحصل ذلك في مجلس النواب او في الحكومة وكان تصرفنا كما هو اليوم اذ لم نشارك في التسوية والمحاصصة.
المخرج اليوم هو ان افرقاء التسوية الذين اوصلونا الى ما نحن عليه ليسوا هم الذين سينقذونا، ومن ارتكب الفساد ليس هو من سيشرع في الاصلاح فجأة خارج مفهوم المحاصصة.
الحل يتطلب حسب القيادي «الكتائبي» اجراءات متدرجة تبدأ لتغيير المنظومة او الطبقة السياسية بطريقين: اولهما والافضل هو خيار انتخابات نيابية ويضع اللبنانيون الثائرون بذلك اسس النظام الجديد ويحددون الاحجام وبذلك يعود الخيار الى الشعب اللبناني وهذا حصل خلال حقبات الازمات في دول عديدة. وفي بعض البلدان تتم الانتخابات اذا حدثت أزمة اقتصادية، وليس بالضرورة ان نسميها انتخابات مبكرة بل انتخابات تنبثق عنها حكومة مستقلة من رئيسها الى اعضائها، ثم البدء بالاصلاحات ومفاوضة الخارج أي «صندوق النقد الدولي».
وبذلك يتمايز الحزب عن الداعين الى اسقاط رئيس الجمهورية، ويسأل داغر: ماذا اذا استقال الرئيس وجاء المجلس نفسه لينتخب مثله او من هو اسوأ منه رئيسا، نحن بذلك نكون كمن يوفر الفرصة للسلطة بأن تكرر نفسها.
ويؤكد: لسنا في وارد الدفاع عن رئيس الجمهورية وهو قد يكون الاسوأ في تاريخ لبنان. لكننا باختصار نريد تغييرهم جميعا ومن بينهم الرئيس.
كما واجه الحزب اتهامات بالرغبة باستثمار اللحظة السياسية وتراجع شعبية العهد و«التيار الوطني الحر» عبر الدعوة الى انتخابات على اساس القانون الحالي. فماذا عن تغيير القانون؟
في السابق لجأوا الى تأجيل الانتخابات على نفس هذه الخلفية التي يواجهوننا بها. انها الوصفة لتأجيل او إلغاء الانتخابات، هم يريدون جعل الناس تكفر بالانتخابات لهذا يقولون ان انتخابات على هذا القانون لن تنفع.
ويختم بالتحذير من محاولة إلغاء الانتخابات المقبلة: في الواقع اننا نتخوف كثيرا من ذلك لانهم يريدون اجراء انتخابات رئاسية عبر هذا المجلس الحالي، ولذلك فإننا نحذر من ان اية محاولة لتطيير الانتخابات ستكسر الجرة نهائيا بين الناس والسلطة وسيرون منهم ما لم يروه قبلا.
وبالنسبة اليه فإن تحسين القانون الحالي سيكون امرا جيدا، لكن لا يجب استعمال القانون لتطيير الانتخابات. «علما بأننا نؤمن بأنه مهما كان القانون فإن الطبقة السياسية ستتغير اذا صوتت الناس بضمائرها، وليس القانون هو الذي يحدد الانتخابات بل خيار المواطن في صندوق الاقتراع.. ويجب على الناس انتخاب قوى التغيير.