تزامناً مع تأخير المشاورات تشكيل حكومة لبنانية جديدة، تسعى مبادرات داخلية وخارجية لإعادة الود بين سعد الحريري، الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، ورئيس الجمهورية ميشال عون، وصهره رئيس حزب التيار الحر، باسيل جبران.
وبسبب تجميد المشاورات بين الأطراف نهاية كانون الأول 2020، استأنفت فرنسا “مبادرة إنقاذ لبنان”، هذه المرة باتصال جمع بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأمام هذه التعقيدات كان سعد الحريري قد تلقى انتقادات من خصمه رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، والذي اعتبره شخصية غير اختصاصية، مقابل الفيديو لرئيس الجمهورية ميشال عون، الذي وصف الحريري بـ”الكذاب”.
مبادرة جمع الخصوم
بالموازاة مع جمود عملية تشكيل الحكومة اللبنانية، تسعى فرنسا إلى إعادة إحياء مبادرتها في لبنان، بعد خروج ترامب من البيت الأبيض، واستلام الديمقراطي جو بايدن الحكم في الولايات المتحدة الأميركية.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”عربي بوست”، عن أن إدارة فريق الأزمة اللبناني في قصر الإليزيه تُعيد ترتيب مشهد المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون عقب انفجار مرفأ بيروت، وذلك وفق التغيرات الحاصلة في المنطقة.
وحسب المصادر ذاتها، فإن الفريق الفرنسي سيعاود نشاطه مطلع الأسبوع المقبل، والمسؤول على ملف لبنان في الرئاسة الفرنسية، باتريك دوريل سيسعى لتذليل العقبات بين الرئيس المكلف سعد الحريري، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
بالإضافة إلى ذلك تسعى فرنسا من خلال مبادرتها إلى إعادة وصل ما انقطع بين الحريري وعون عقب الفيديو المسرب لهذا الأخير اتهم فيه الحريري بالكذب، في الوقت الذي يتهم فيه الحريري عون وباسيل بعرقلة مساعي تشكيل الحكومة بسبب إصرارهما على الاستحصال على الثلث المعطل.
ووفق مصادر “عربي بوست”، فإن باريس أبدت استياءها وقلقها من موقفي عون وصهره باسيل، المتمسك بمطلب الثلث المعطل في الحكومة، الأمر الذي بات يعقّد عملية تشكيل الحكومة، فيما باريس وعدت المجتمع الدولي بإنجاز حكومة اختصاصيين لا تخضع لسلطة الأحزاب المسؤولة عن الواقع المأساوي في لبنان.
من جهتها تنظر الإدارة الفرنسية لمطالب جبران باسيل كمُحاولات للانتقام من العقوبات التي طالته منذ أشهر من طرف إدارة الرئيس ترامب، وأن فرنسا في حال فشل مساعيها ستكتفي بمساعدة لبنان إنسانياً عبر تأمين الدواء والغذاء والمواد الأولية، كي لا يصل الوضع إلى مجاعة أو خلل أمني واجتماعي بالبلاد.
اتصال ماكرون وبن سلمان
وبالتوازي مع التحركات الفرنسية للتسريع بتشكيل الحكومة في لبنان، كشف مصدر لـ”عربي بوست”، عن أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى اتصالاً هاتفياً مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حول الأوضاع السياسية المتوقفة في لبنان.
وكشف المصدر عن أن ماكرون أخبر بن سلمان بضرورة انعكاس المصالحة الخليجية بالإيجاب على الساحة اللبنانية، عبر دعم الحكومة القادمة، بالإضافة إلى ضرورة مساعدة لبنان وعدم تركه عرضة للانهيار الشامل والذي قد يهدد أمن المنطقة.
وحسب المصدر ذاته، فجواب بن سلمان أن “موقف بلاده لن يتغير، كما أن السعودية انسحبت من شأن لبنان، هذا الأخير الذي عليه المفاضلة بين الخيار العربي والدولي المناهض للتدخل في شؤون دول الخليج وتهديد أمنها، كما يفعل حزب الله، وبالتالي فإن المملكة لا تريد دعم من يختار مشاركة الحكم مع حزب الله وإيران”.
وأضاف المتحدث أن “بن سلمان أخبر ماكرون خلال الاتصال الهاتفي كون السعودية لن تقوم بمساعدة من يتحالف مع أعدائها، كما أنها مُصممة على وقف أي شكل من أشكال الدعم تُجاه أي حكومة يشارك بها حزب الله أو حلفاؤه، وأن المجريات المتصلة بعملية تشكيل الحكومة تدل بكثير من الوضوح على أن وضع لبنان لم ولن يتغير”.
واعتبر بن سلمان، في اتصالٍ مع ماكرون، أن “حزب الله الذي يُخاصم الدول الخليجية لا يزال يمسك بالقرار الداخلي والخارجي للبنان، من خلال عرقلة عملية تشكيل الحكومة، ومطالبته بالحصول على الثلث المعطل -مع حلفائه- لإبقاء كل شيء بقبضته، وهذا لا يصب في مصلحة لبنان وتحسين علاقاته بالعواصم الخليجية مجتمعة”.
مبادرات داخلية
مقابل المبادرة الفرنسية الساعية إلى تسريع تشكيل الحكومة في لبنان، كشفت مصادر “عربي بوست” عن أن حزب الله بعد خروج ترامب من البيت الأبيض في 20 كانون الثاني 2021 سيعمل على إطلاق اتصالاته لتشكيل الحكومة بشكل سريع، كما أن سيُحيي الاتصال مجدداً مع سعد الحريري، المكلف بتشكيل الحكومة، ورئيس الجمهورية ميشال عون.
وأضافت المصادر ذاتها أن حركة الاتصالات التي أطلقها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، قطعت شوطاً كبيراً تحضيراً لمبادرة يقودها المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، بالتنسيق مع الراعي ورئيس البرلمان نبيه بري، والهادفة إلى جمع عون والحريري في لقاء واحد.