كتبت لوسي بارسخيان في صحيفة نداء الوطن:
لم تكن الثلجة الأولى في مدينة زحلة على قدر طموحات أهلها، الذين ينتظرون من النصف الثاني من “فحل الشتاء” أي شهر كانون، أن يكون أكرم عليهم من النصف الأول. إلا أنّها كسرت بلا شك من روتين أيام الحجر الذي يلتزم به الزحليّون الى حدّ كبير، لتصبح أكبر فرحة لهم إلتقاط مشاهد الثلج وصوره من خلف نوافذ المنازل، أو من على شرفاتها.
وكان أهالي زحلة والجوار قد إستيقظوا على مشهد متقطّع لتساقط الثلوج، بعدما غطّت مناطقهم المرتفعة في اليوم السابق، معوّضة على نهر البردوني بكمّيات مياه بقيت متدنّية في مجرى النهر خلال شهر كانون الأول وبداية كانون الثاني.
والثلج الذي ينتظره أبناء المدينة، وخصوصاً تلاميذ المدارس فرصة للتكاسل في المنازل، ضخّ بعض النشاط في العروق، بعد أيام من ملازمة المنازل، فوجد فيه البعض فرصة للإنتقال بالسيارات الى المرتفعات، والتي شهدت طرقاتها حركة سير زائدة قياساً الى قرارات منع التجوّل المفروضة، خصوصاً أنّ حواجز قوى الأمن غابت كلّياً عن الطرقات بسبب الطقس العاصف والتدنّي الكبير بدرجات الحرارة.
إلا أنّه بالرغم من حركة السير المتزايدة، لم يصل أبناء المدينة الى حدّ خرق قرار منع التجوّل بشكل كلّي، بل حرص الكثيرون على إبقائه تحت غطاء الأذونات الممنوحة من وزارة الداخلية، فيما فضّل الكثيرون تصيّد مشاهد الثلوج من محيط محاجرهم، متبادلين لحظاتهم مع الاصدقاء والاقارب بواسطة وسائل التواصل الإجتماعي، والتي شكّلت منصّة للتنافس على إلتقاط أجمل المشاهد للمدينة المحجورة تحت الثلج.
هذا في وقت إستمرّ الإغلاق الشامل لكافة المؤسسات والمتاجر الموجودة في المدينة، بإستثناء الصيدليات، محطّات الوقود والأفران ومحلات بيع الخضار والسمانة واللحامين، لتخرق لائحة هذه المؤسّسات المستثناة من الإغلاق أيضاً من المؤسّسات التي تقدم خدّمة دفن الموتى. فيما بدت حركة الدوائر الرسمية، التي تشكّل زحلة نقطة تجمّعها، محصورة بتسيير الأمور المكتبية الداخلية، أما إستقبال المعاملات الجديدة بظلّ غياب المكننة في مؤسّسات الدولة ودوائرها، فمؤجّل الى ما بعد إنتهاء فترة الحجر.
بالمقابل، بدا لافتاً حرص أصحاب المؤسّسات المستثناة على تطبيق الإجراءات الصارمة بالنسبة لإستقبال الزبائن، حيث لا يزال بعضهم بالرغم من مرور أيام على قرار حظر التجوّل، يتجنّب إدخال الزبائن الى المؤسسة ويؤمّن طلباتهم في الخارج، فيما تشدّد آخرون بإبقاء مسافة بين زبون وآخر وبفرض الكمّامات إلزامياً على زبائنهم.
ولكن في حين لم يبدِ الزحليون منذ ظهور وباء “كورونا” ممانعة كبيرة لتطبيق أيّ من قرارات الإغلاق الشامل وحظر التجوّل، فإنّ إشتداد وطأة الوضع الإقتصادي قد يجعل من الصعب على عائلات كثيرة في المدينة قبول أيّ تجديد أو تمديد لفترة الحجر. خصوصاً أنّ هناك في زحلة من يعتبر بأن أهلها الذين أظهروا مسؤولية كبيرة في إتباع الإجراءات الوقائية التي سمحت حتى الآن بإبقاء نسبة الإصابات بالفيروس محدودة، يدفعون الثمن عن لامسؤولية مناطق لبنانية أخرى، يصرّ أهلها على التقليل من خطورة الفيروس وسرعة إنتشاره، وبالتالي يمدّدون من عبء قرارات الإغلاق الشامل على الجميع.